خارطة جديدة للنخبة الروسية.. أين توزَّع أثرياء موسكو بعد فرض الغرب عقوبات عليهم؟
قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا، كانت الطائرات الخاصة التي تقلع من موسكو تتجه إلى باريس وميلانو وجنيف أكثر من أي مكان آخر. ولكن بعد 24 فبراير/شباط، عندما بدأت أوروبا في إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية، بدأ الأثرياء الروس السفر إلى أماكن أخرى: آسيا الوسطى والشرق الأوسط، على وجه الخصوص. وإليكم الجغرافيا الجديدة للنخبة الروسية الثرية.
الأثرياء الروس.. دبي الوجهة الأولى بعد العقوبات
بحلول شهر مايو/أيار، تشكلت جغرافيا جديدة للنخبة الروسية، وهذا ما تُظهِره بياناتٌ حول 2000 رحلة طيران حلَّلتها صحيفة New York Times الأمريكية. وهذا العالم له مركز واحد واضح: دبي.
بعد الهجوم الروسي، دفع التهديد بإغلاق الحدود والعقوبات الدولية والسجن عشرات الآلاف إلى الفرار من روسيا. فيما توافد الصحفيون والنشطاء والعاملون في مجال التكنولوجيا على أرمينيا وجورجيا وتركيا، وهي دول مجاورة بأسعار معقولة نسبياً تسمح للروس بالدخول بدون تأشيرات. في أوروبا، استقبلت دول مثل ألمانيا ولاتفيا الروس خوفاً من اضطهاد مواطنيهم هناك.
لكن مجموعة أخرى من الروس -بمن في ذلك رجال الأعمال والمشاهير- جعلت من دبي في الإمارات العربية المتحدة وجهتهم الرئيسية.
خارطة الأثرياء الروس وحياتهم تغيرت
قبل الهجوم، كانت 3% من الرحلات الجوية الخاصة المغادرة من روسيا تحلق إلى دولة الإمارات، بشكل أساسي إلى دبي، وفقاً لتحليل الصحيفة الأمريكية من RadarBox، وهي شركة تعمل على تتبُّع الرحلات الجوية. وارتفعت هذه النسبة إلى 6% في الأسابيع التي تلت بدء الهجوم، و14% بحلول مايو/أيار.
تقدم السجلات دليلاً صارخاً على أن العقوبات الغربية على روسيا قد نجحت في تغيير حياة وعادات النخبة الروسية بشكل جذري. يلتقط التحليل كل من الطائرات المملوكة للقطاع الخاص والطائرات النفاثة المستأجرة من قبل الشركات التجارية، رغم أن أنماط الرحلات تشير إلى أن معظم الطائرات مملوكة ملكية خاصة.
قبل الهجوم في 24 فبراير/شباط، وحتى وسط الجمود العميق في العلاقات بين روسيا والغرب، كانت المناطق الأوروبية الفاخرة في بريطانيا وفرنسا وسويسرا توفر ملاذات للأثرياء الروس. ولكن الآن، مع إغلاق المجال الجوي الأوروبي أمام الطائرات الروسية، واستيلاء الدول الأوروبية على أصول الأوليغارشية الروسية، يبدو أن أيام السفر إلى جنيف في رحلة تسوق في العطلات الأسبوعية قد ولت.
في المقابل، تظهر جغرافيا زمن الحرب لرحلات وصول أثرياء روسيا أنماط الطيران التي حللتها صحيفة New York Times. أصبحت كازاخستان وتركيا، وهما البلدان اللذان لم ينضما إلى فرض العقوبات على روسيا واللذان وفرا موطناً للشركات الروسية التي تغادر البلاد، وجهات رئيسية. واستفادت أذربيجان، الجمهورية السوفييتية السابقة التي لا تزال ترعى علاقات وثيقة مع كل من روسيا وأوكرانيا، من زيادة السفر بالطائرة الخاصة.
لكن لم تشهد أي دولة قفزة كبيرة في أعداد المسافرين الروس الأثرياء مثل الإمارات، حيث برز المنتجع والمركز المالي في دبي كمحور رئيسي يربط موسكو بالرفاهية وفرص الأعمال التي لا تزال متوفرة من بقية العالم.
لماذا دبي؟
قالت داريا بوليجيفا، الصحفية الروسية التي انتقلت إلى دبي منذ عدة سنوات وتشهد الآن وصول موجة من مواطنيها: “الكثير من الناس ليس لديهم خيار”. وأضافت: “إنها واحدة من الأماكن القليلة التي يمكنك نقل نشاطك التجاري إليها، وحيث يوجد سوق، وحيث يمكنك تطوير أعمالك، وحيث لا يزال لديك سوق للشركات الدولية”.
وقامت شركات متعددة الجنسية مثل غولدمان ساكس وجوجل بنقل موظفيها من موسكو إلى دبي منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا. ويعمل أحد أشهر المطاعم في روسيا على مشروع جديد في دبي. وافتتحت شركة صحة ومقرها دبي مؤخراً ما تقول إنه أول ساونا روسية في المدينة، في الوقت المناسب تماماً لأيام الصيف التي تصل درجة الحرارة فيها 43 درجة مئوية.
قال الرئيس التنفيذي لهذه الشركة، دومينيك لايرد: “كان علينا تعديلها قليلاً من أجل أن تُقام في دبي”، مقدِّراً أن 90% من عملائها كانوا روسيين.
خلال عطلة مايو/أيار في روسيا، حيث عيد العمال في 1 مايو/أيار ويوم النصر في الحرب العالمية الثانية في 9 مايو/أيار، نزل موكب للمشاهير الروس إلى دبي. الأكثر لفتاً للنظر بينهم كان دميتري كيسليوف، مقدم البرنامج الدعائي الأسبوعي البارز على التلفزيون الروسي الحكومي، والذي يهدد فيه الغرب بانتظام بالإبادة النووية. في دبي، صُوِّرَ وهو يحمل مشروباً بارداً في سروال سباحة قصير وردي اللون.
يُظهر تحليل New York Times أنه حتى وسط التوترات بين موسكو والغرب في الأسابيع التي سبقت غزو أوكرانيا، كانت الطائرات الخاصة تتدفق من روسيا إلى أوروبا. في الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر فبراير/شباط، كانت وجهاتهم الأكثر شعبية هي فرنسا وسويسرا وبريطانيا وألمانيا.
تركيا كانت وجهة أخرى مناسبة للأثرياء الروس
بعد الغزو في 24 فبراير/شباط، واصلت الطائرات الخاصة تحليقها من روسيا، ولكن بحلول أواخر أبريل/نيسان، لم يكن أي منها متجهاً إلى أوروبا. بدلاً من ذلك، خارج الإمارات، كانت الطائرات تتجه أيضاً إلى تركيا، التي قدمت ملاذاً آمناً لليخوت والطائرات النفاثة الروسية حتى عندما في الوقت الذي تبيع فيه طائرات مسيرة قاتلة للجيش الأوكراني.
وأصبحت كازاخستان، أكبر دولة في آسيا الوسطى من حيث المساحة، مركزاً آخر للأعمال التجارية الروسية. إنه المكان الذي نقلت فيه شركة الاستشارات الأمريكية العملاقة McKinsey في البداية مئات الموظفين من مكتبها في موسكو أثناء خروجها من السوق الروسية هذا الربيع، وكانت الوجهة الثالثة الأكثر شعبية للطائرات الخاصة التي تغادر روسيا بعد الغزو.
ورغم العقوبات الدولية وإغلاق المجال الجوي، استمر بعض كبار رجال الأوليغارشية في روسيا في التحليق حول العالم بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، كما يشير تحليل الصحيفة الأمريكية.
أصبحت دبي نقطة محورية للسفر، حيث قام بعض كبار رجال الأعمال بإيقاف طائراتهم هناك، ويشير التحليل إلى أن أكثر من 70 طائرة ظلت متوقفة في الإمارات أو أُعيدَت إلى روسيا فقط بعد أن ظلت عالقة هناك لأسابيع.
وفي يونيو/حزيران، حصلت السلطات الأمريكية على مذكرة توقيف بشأن طائرتين من طائرات رومان أبراموفيتش، أحد رجال الأوليغارشية الروسية والمالك السابق لنادي تشيلسي لكرة القدم. وزعمت السلطات أن الطائرة انتهكت العقوبات الأمريكية عندما نُقِلَت إلى روسيا في 4 مارس/آذار.
اقرأ ايضاً:قائد الجيش البريطاني يوجه رسالة “خطيرة”.. ويتوعد روسيا