الأحد , نوفمبر 24 2024
ألمانيا تتسلح ألكترونيا .. "قراصنة" في خدمة الجيش الألماني

ألمانيا تتسلح ألكترونيا .. “قراصنة” في خدمة الجيش الألماني

ألمانيا تتسلح ألكترونيا .. “قراصنة” في خدمة الجيش الألماني

لا يوحي المكان للزائرين، بوجود ثكنات تابعة للجيش، ففي جنوب بلدة راينباخ غير البعيدة عن بون، حيث الطبيعة الخلابة والمرافق السياحية، تتواجد أماكن غاية في السرية، تتبع الجيش الألماني، ومهمتها إدارة العمليات السيبرانية، ويرمز لها اختصارا ZCO، حيث حرصت وزيرة الدفاع الألمانية كريستينا لامبريشت على زيارتها بشكل خاص.

من الخارج، تبدو المباني مشابهة للمنازل السكنية العادية، بيد أنها مجهزة بالداخل بأجهزة كومبيوتر حديثة، ومتدربون على اختراق شبكات الكمبيوتر الأجنبية، واقتطاع المعلومات والتلاعب بالبيانات لمصلحتهم الخاصة أو إغلاق شبكات الكمبيوتر بأكملها. ما يفعلونه عادة يشار إليه عادة باسم “القرصنة”، وهو أمر يعاقب عليه القانون، بيد أن ما يفعلونه نيابة عن الدولة الألمانية وبعلمها.

تدريب احترافي

وزيرة الدفاع كريستينا لامبريشت اطلعت على تفاصيل العمل خلال الزيارة، ووصفت من يعملون هناك أنهم “قراصنة جيدون” ويقصد بذلك: أولا، أنهم على الجانب الصحيح والمشروع، وثانيا، أنهم “مدربون تدريبا ممتازا ومتحمسون للغاية ومبدعون للغاية”. وتضم جنبات المركز حوالي 200 متخصص معلوماتي، يعملون على البحث عن نقاط الضعف في أنظمة العدو أو يحاولون مهاجمة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات للجيش الألماني والأجهزة الأمنية في ألمانيا، بهدف العثور على ثغرات في دفاعهم الخاص، لتنبيههم إليها. ومن بين جيش العاملين هذا هناك ثلاث نساء فقط يعملن في هذا المجال.

ZCO هي جزء من قيادة الفضاء السيبراني والمعلوماتي، والتي أعيد تنظيمها في عام 2017 مع حوالي عشرين موقعا في جميع أنحاء ألمانيا، بالإضافة للمركز بالقرب من مدينة بون، في ولاية شمال الراين فيستفاليا. في هذا المركز يتم تشغيل واعتماد العاملين على أبرز تكنولوجيا المعلومات المتوفرة للجيش الألماني، والعمل على حماية الأنظمة المعلوماتية الأمنية، ويستفيد المركز أيضا من وجود المكتب الاتحادي لأمن المعلومات بالقرب منه، وأيضا مركز الدفاع السيبراني الذي تديره مجموعة تيليكوم الألمانية.

القدرة على التسبب بأضرار جسيمة

حتى قبل هجوم روسيا على أوكرانيا، كانت قضية الأمن المعلوماتي على رأس جدول أعمال السياسيين في برلين. إذ يسمح التشابك المتزايد بين العالمين الحقيقي والرقمي للمهاجمين في الفضاء الإلكتروني بالتسبب في أضرار جسيمة بجهد بسيط نسبيا. على سبيل المثال مهاجمة إمدادات الكهرباء أو المياه، أو فيما يخص سلامة الطيران، أو في مراقبة حركة المرور. تتفق الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي على أهمية تجهيز الجيش الألماني، وجعله في وضع يسمح له بالوجود بنجاح كلاعب في الفضاء السيبراني والمعلوماتي بالتعاون مع السلطات الفيدرالية الأخرى”.

وقد أدت الحرب الأوكرانية إلى تسليط الضوء على أهمية هذه القضية، وأثارت المخاوف بشأن تهديدات بهجمات الكترونية من قبل قراصنة معلومات روس. وفي القانون الذي تم تمريره في بداية يونيو/ حزيران بشأن الصندوق الخاص للجيش الألماني بقيمة 100 مليار يورو، لوحظ “تقديم الحكومة الاتحادية لاستراتيجية لتعزيز الأمن في الفضاء السيبراني والمعلوماتي”. حيث سيتم إنفاق 20 مليار يورو من المبلغ المرصود على قطاع “الرقمنة”. وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، جزء صغير من المبالغ المرصودة سيذهب إلى المحاربين السيبرانيين، في حين تتركز النفقات على شراء أجهزة راديو رقمية مزودة بوظيفة التشفير إلى نظم إدارة المعارك ونظم المعلومات، وتوفير شبكة بيانات مركزية.

ترخيص خاص للاختراق

“نحن لسنا بحاجة إلى 60 طنا من الصلب مثل دبابة قتال رئيسية” ، كما يقول عضو ZCO الذي يرغب في عدم الكشف عن هويته. وعلى العكس من ذلك، فإن أحد مخاطر مجتمع المعلومات الرقمي هو أن مجرمي الإنترنت الذين ليس لديهم أكثر من كمبيوتر محمول، يمكنهم إغلاق المستشفيات أو المراكز الهامة من أجل الابتزاز والحصول على أموال الفدية.

وخلال زيارتها، أثنت الوزيرة الألمانية على ضرورة توفير بيئة عمل جاذبة بهذا المجال، من أجل استقطاب الخبرات، وهو ما يعني وجود محفزات مثل الأجر الجيد أثناء التدريب والفرص الوظيفية والضمان الاجتماعي. كما أن فرصة التعقب الالكتروني تستهوي المزيد من الشباب، وعندما سئل أحد المشاركين عن سبب عمله هنا، أجاب: “هنا يمكنني أن أفعل ما أود القيام به ولكن بغطاء قانوني”. ويمتلك العاملون في هذا المجال ترخيص خاصا لاختراق المواقع. ومع ذلك يتم هذا الأمر ضمن تعليمات موازية من قبل وزارة الدفاع. كما أن أي عملية تتطلب التسلل إلى الشبكات الأجنبية يجب أن تتم الموافقة عليها من قبل إدارة وزارة الدفاع أولا، أو على الأقل من قبل مستوى وزراء الدولة. وعن السؤال كم مرة قاموا بهذا الأمر واخترقوا شبكات لدول أجنبية، لم يرغب أحد في راينباخ في الافصاح عن ذلك.

اقرأ ايضاً:الاستخبارات الأمريكية تتعلم اللغة الروسية!