مع انطلاق الأحداث السورية لم تكن شخصية “المفاوض” محمد علوش معروفة لدى السوريين ولعل ترشيحه من قبل “جيش الإسلام” لحضور اجتماع المعارضة السورية في الرياض عام 2015 بهدف توحيد صفوفها تحضيراً للقاء محتمل مع وفد من الحكومة السورية بداية 2016 كان سبباً في تداول اسمه بين الأوساط السياسية ومواقع التواصل الاجتماعي.
ولكن جهود علوش “الثورية” أثمرت بعد سنوات أربع من بروز اسمه كمفاوض، وتحديداً مطلع العام 2020، حيث افتتح عضو هيئة التفاوض للمعارضة السورية محمد علوش مطعمه الفخم في إسطنبول الذي سمّاه “إيوان”، وتداول النشطاء مقاطع لحفل افتتاح المطعم الضخم الذي يتكون من عدة طوابق في حي الفاتح الشهير وسط المدينة، ووقف علوش متصدراً المحتفلين في افتتاح مطعمه البرجي، وسط الزينة وهَمرَجة الاحتفال الفني.
افتتاح المطعم الفخم وامتلاك علوش لشركة للتعدين بتركيا وغيرهما، دفع العديد من السوريين لطرح سؤال بديهي “من أين لك هذا يا علوش؟”، لكن علوش لم يوضح وحتى صادَرَ على الناس حقّهم في السؤال، بل راح يهدّد كل من يسأل بمحاكم الأرض والسماء.
وللإجابة عن هذه السؤال، تعقب موقع “أورينت ” المعارض الادعاءات بأن مصدر ثروة علوش يعود إلى ما قبل عام 2011، من عمله بالتجارة في المملكة العربية السعودية، وبالبحث المكثف في المنصات ومحركات البحث السعودية الحكومية منها والخاصة، لم نعثر على أي ترخيص لشركات باسمه أو لسجل تجاري يشير إلى أنه رجل أعمال أو تاجر أو ما يشبه هذا القبيل.
وفي المقابل أكد أشخاص يعرفون محمد علوش في السعودية حيث كان يقيم وآخرون يعرفونه عائلته في الغوطة الشرقية، أنه من عائلة متوسطة، ولم يكن رجل أعمال في السعودية وإمكانياته المادية لا تسمح له بإنشاء مثل هذه المشاريع في تركيا.
وللإحاطة أكثر بمصدر أموال محمد علوش قاطع الموقع المعلومات التي تم جمعها من وسائل إعلام ومواقع تواصل مع مصادر حية لأشخاص من أبناء مدينة دوما في ريف دمشق حيث ينحدر علوش. الصحفي زياد الريس وفي حديثه لنا أكد أن “محمد مصطفى علوش ليس رجل أعمال على الإطلاق، وإنما كان موظفاً لدى شركة النوادر للنشر، بمرتب موظف شهري”.
4 مصادر لثروة علوش
وبالنسبة لأول مصادر ثروة علوش أضاف الريس: “علوش وبكل تأكيد يدير كتلة نقدية ومالية ضخمة، حصل عليها من خلال المتاجرة بالمواد الغذائية عندما كان جيش الإسلام بالغوطة الشرقية، عبر المعابر والأنفاق التي كانت تدرّ عليه ملايين الليرات السورية، في حين شكل استخراجه مع بعض قادات “جيش الاسلام” لبعض الكنوز من الغوطة، مصدر ثروته الثاني، وهو ما يعرفه عدد غير قليل من أبناء دوما الذين كانوا على مقربة من قيادات جيش الإسلام حينئذ”.
وحول سبب حظوة محمد علوش والثقة التي نالها في “جيش الإسلام”، رغم وجود عدة شخصيات كانت مرشحة لشغل منصبه.
أكد الريس أنه بعد أصبح لزهران علوش نفوذ كبير في الغوطة بدأت العائلة بدعم محمد علوش لأنه زوج شقيقة زهران، وكذلك ضغط والد زهران الذي كان يقيم لدى محمد في السعودية، وبالتالي تم اعتماده في المكتب السياسي، كما تمت تصفية شخص يدعى ”أبو علي إدارة” قبل أيام من تسليم الغوطة، وهو الشخص المؤهّل لشغل منصب علوش، تمت تصفيته من قبل “جيش الإسلام” لأنه الصندوق الأسود وكان يهدّد بكشف المستور والتجاوزات”.
وحول البحث عن المصادر التي درّت على علوش الأموال ومكّنته من مراكمة ثروة هائلة تواصل الموقع المعارض مع “ثائر حجازي” وهو أحد أبناء الغوطة ويَعرِف عائلة علوش جيداً، والذي أكد أن عائلة علوش تاريخياً من الطبقة المتوسطة وليس من العوائل الغنية التي تؤهّل محمد علوش لتأسيس شركات ومشاريع في الخارج.
وأكّد حجازي بأنه بغضّ النظر إن كان علوش حصل على أموال من الرئيس السابق لائتلاف المعارضة السورية “أحمد عاصي الجربا” أم لا، فإن المصدر الرئيسي لثروته (ثالث مصدر) يعود لقيادته حملة التبرعات التي نظّمها “جيش الإسلام” في الدول الداعمة للشعب السوري، كما إنه استفاد من علاقات جيش الاسلام القوية مع طبقة من رجال الدين في السعودية.
وأما عن مصدر ثروته الرابع، فيقول حجازي إنه بعد أن سيطر “جيش الإسلام” على دوما وضواحيها سيطر على معبر مخيم الوافدين وكانت الإتاوات على أصحاب المعامل في المنطقة الصناعية في منطقة تل كردي، مصدراً مهمّاً لجيش الإسلام ولقيادته، مشيراً إلى أنه بعد وصول قيادات الصف الأول من الفصيل إلى مدينة الباب بدأ العديد منهم بشراء البيوت والعقارات والمحلات التجارية، ما يُظهِر حجم فساد هؤلاء، واستخدام أموال الجيش أو الجزء الأكبر منها لمصالحهم الشخصية، وفي مقدمتهم علوش.
شركة تعدين
بحسب الجريدة الاقتصادية التركية فإن شركة “الغرباء” للتعدين تعود ملكيتها لمحمد علوش مع شريك آخر، وتحمل رقم السجل: 16073 في مديرية السجل التجاري في إلازغ التركية، سُجلت الشركة في 23 تشرين الثاني 2016، والمؤسس والشريك هو محمد عثمان حاج نصيف (NISAYYIF)، سوري الجنسية، وتعمل الشركة في قطاعات: التعدين، الإنشاءات، النقليات، النسيج، الطاقة، تربية الحيوانات.
ويصل رأس مال الشركة لحدود مليون ليرة تركية ما يعادل نحو 325 ألف دولار أمريكي (الدولار الأمريكي يعادل تقريباً 3.08 ليرة تركية في تشرين الثاني 2016).
وكان محمد علوش كبير المفاوضين في جنيف، ورئيس وفد المعارضة في أستانا سابقاً، قام بتوسيع استثماراته التجارية بعد استقالته من عالم السياسة عام 2018، الأمر الذي استفزّ بعض وسائل الإعلام التركي لطرح سؤال: “من أين لك هذا؟”.
وبدلاً من التوضيح أو حتى تجاهل الأمر لعدم امتلاك الإجابة “طلع بالعالي” كما يقول المثل الشعبي، وراح يتوعد كل من يبحث عن جواب لمصدر أمواله بمحاكمته عبر رفع دعاوى قضائية بحقهم.
بتصرف
اقرأ أيضا: تركيا تُسرّع إجراءات الحرب: «قسد» أمام لحظة الحسم