الجمعة , نوفمبر 22 2024
جاروشة أبو طلال

جاروشة أبو طلال

جاروشة أبو طلال – كتبه معد عيسى

كان أبو طلال يتنقل بين القرى بجراره الأزرق الذي يحمل على مقدمته ” جاروشة ” ككثير من الجرارات في القرى والأرياف. حيث ينتظره الناس لجرش البرغل أو طحن القمح. إذ يقوم أبناء الأرياف أصحاب الحيازات الصغيرة بإنتاج كميات قليلة من القمح تكفي حاجتهم يحولون قسما منه إلى برغل وقسما آخر الى طحين تحسبا لكل الظروف من البرد إلى تأخر وصول الخبز وصولا إلى عدم كفاية مخصصات الخبز لكثير من العائلات. التي تستهلك كميات كبيرة منه تتناسب مع جهدهم الكبير في الأرض والأعمال المُجهدة و صعوبة الظروف المعيشية التي حولت بعض الوجبات إلى الخبز الحاف. ويبقى القليل الذي يقايضه الناس مع منتجات المناطق الأخرى كالزيتون وزيت الزيتون أو منتجات زراعية أخرى.

نقل القمح

ما حدث العام الماضي وانسحب إلى العام الحالي من منع نقل القمح أو الطحين ومهما قلت الكميات منح كل السلطات صلاحيات مطلقة في مصادرة حتى من ينقل عشرة كيلو غرامات على دراجته النارية ليؤمن حاجته من مونة البرغل والطحين. ووصل الأمر الى حد ممارسة الابتزاز لمزارعين تمسكوا بالأرض لتأمين حاجاتهم مما أنتجوه. كما جعل أبو طلال وأمثاله هدفا لكل السلطات بتهمة ضرب الاقتصاد الوطني. علما أن نقل الفائض عن حاجتهم من القمح لتسليمه إلى مراكز استلام القمح. يكلفهم أجور نقل من الأرياف البعيدة الى المراكز عدة أضعاف ما سيقبضونه ثمنا للقمح. لأن فائض القمح لديهم يقل عن مئتي كيلو في أحيان كثيرة.

قرار منع نقل القمح قرار سليم ولكن تركه مفتوحا دون تحديد كميات ، أو دون أن يراعي ظروف بعض المناطق فتح بابا واسعا لابتزاز الناس وحرمانهم الاستفادة مما أنتجوه. وحرمانهم من تأمين ما يصعب على الدولة تأمينه هذه الأيام بالشكل الكافي نتيجة الحصار والعقوبات .

لا يوجد في كل قرية معمل لجرش البرغل فما الذي يمنع تنقل الجرارات التي تحمل ” جاروشة ” لتخديم الناس في قراها؟. وهل يصعب التمييز بين الطحين المُنتج في المطاحن والطحين الذي يُمكن أن تنتجه “الجاروشة ” حتى يعتبروه طحينا مهربا أو يخضع للمتاجرة ؟. وهل ممنوع أن تحتفظ العائلات في الأرياف بكمية من الطحين الذي تنتج قمحه؟. وإن كان ممنوعا لماذا تم الترخيص لمعامل تصنيع البرغل التي يتاجر البعض منها بالقمح و بمعرفة و مشاركة وتنسيق الجهات المعنية؟.

زراعة القمح

امتنع هذا العام الكثير من الناس من أصحاب الحيازات الصغيرة في الأرياف البعيدة عن زراعة القمح لأنهم لم يستطيعوا حتى طحن حاجتهم من القمح أو مقايضة فائضهم منه بمنتجات أخرى.

لا ظروف الناس ولا الظرف العام يسمح بتحميل الناس أعباء جديدة تحاصرهم فيما أنتجوه بعرقهم. والقانون وجد لخدمة الناس وليس محاصرتهم. والقرار الذي لا يميز الخصوصيات ويراعي الظروف يؤدي نتائج عكسية لأهدافه.

كل المنتجات المحلية أصبح ممنوعا مقايضتها أو نقلها ( القمح ، الطحين ، الدخان ،القطن …). بقرارات ليس لها علاقة لا بالمنطق الاجتماعي ولا الاقتصادي ولا تخدم أحدا إلا المتاجرين.

أبو طلال أو ما يُعرف بأسد الجبال حسب العبارة المكتوبة على جراره أصبح من ماضي الناس القريب. يتذكره الناس وينتظرون عودته رحمة لهم وإنصافا من قرارات ارتجالية حرمتهم حتى تأمين خبزهم.

سنسيريا

اقرأ أيضا: الشرطي الخفي