يبدي المواطنون استغرابهم من المواد المنتشرة بكثرة في الأسواق المحلية عديمة الفعالية، وخصوصاً المنظفات منها التي تباع في المحال وعلى البسطات، بالكيلو وبأكياس وعبوات لا تحمل بيانات، وإن كانت تحمل فلا تحمل غير اسم وتقليد عن أصلية وماركات معروفة محلية المنشأ، وهي ليست رخيصة الثمن ولكنها مقبولة نسبياً، وربما هذا ما يجعل المواطنين يقبلون على شرائها، بينما يمتنع آخرون عن تكرار التجربة مرة أخرى.
وبيَّنَ مواطنون بعدة مناطق من محافظة حماة أن هذه المواد ضعيفة الفعالية والتأثير، وبشكل خاص سوائل الجلي ومساحيق الغسيل والمعقمات من أنواع الجل العديدة. وأوضح بعضهم أنهم يشترونها لكون أسعارها مناسبة لمداخيلهم المحدودة.
بينما لفت آخرون إلى أنهم وقعوا ضحية إغراء أسعارها لمرة واحدة فقط، فهم لم يشتروها مرة ثانية لأن شراءها خسارة بخسارة فـ«الغالي حقو فيه» بحسب تعبير أحدهم!
وبيّن مواطنون آخرون أن هذه المواد الفاقدة للفاعلية لا تقتصر على المنظفات فقط، بل هناك المواد الغذائية كالأجبان والألبان، وحتى الأدوية! وقال بعضهم: أجل لقد وصل الغش للأدوية، فيجب عليك أن تشتري ثلاث علب من الدواء كي تتحسن بدلاً من علبة واحدة، ويجب أن تتناول ثلاث حبات دفعة واحدة بدلاً من حبة واحدة كي يسكن ألمك، وحديثنا هنا عن أدوية الضغط والسكري والالتهابات المزمنة والمسكنات وغير ذلك كثير، يضيف المواطنون، مما يطول الحديث عنه!
وحول هذه الظاهرة، بيَّن أستاذ الاقتصاد بالجامعة الوطنية بحماة إبراهيم قوشجي لـ«الوطن»، أنه مع انخفاض متوسط دخل الفرد وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتناقص الطلب على السلع الضرورية، اتجهت بعض المصانع لتخفيض تكاليفها، من خلال تغيير مواصفات المنتجات والتقليل من المادة الفعالة، وطرح المنتج بأسماء تجارية توصف بالشعبية.
وأوضح أنه من الممكن أن يكون هذا الإجراء حلاً على مستوى المصنع أو المعمل، ولكنه مشكلة كبيرة على مستوى الاقتصاد الكلي. فالمنتجات بمواصفات ضعيفة الفائدة سوف تشكل عبئاً كبيراً على المستهلك، فبعض المنظفات والأدوية والأغذية غير فعالة، ما يضطر المستهلك صاحب الدخل المحدود إلى إعادة شراء المنتجات نفسها لأكثر من مرة، وهذا تبديد لدخل المستهلكين.
وقال قوشجي: والأخطر من ذلك هو تغيير مواصفات المنتجات بهدف الحفاظ على نسب ربحية عالية، تخرج المنتجات الوطنية من مفهوم المنافسة للحصول على حصة سوقية أكبر، لمفهوم احتكار القلة ما يزيد الأمر تعقيداً. وليكن معلوماً أن الكثير من المنتجات الأساسية والضرورية المحلية، أصبحت أغلى من أسعارها في السوق العالمية وبمواصفات رديئة.
وأضاف: هذا بالنسبة للسلع الاستهلاكية، وأما السلع المعمرة والمستوردة بمواصفات ضعيفة مثل الأدوات الكهربائية، فإن المستهلك سوف يحتاج للشراء أكثر من مرة ما هو مفروض أن يشتريه مرة واحد لعقد من الزمن.
وكل هذا الكلام، يضيف قوشجي، يؤكد ضرورة فتح الأسواق المحلية للمنافسة الحقيقية، التي تقدم منتجات بأسعار مقبولة وبمواصفات مقبولة أيضاً للحفاظ على حقوق المستهلكين من جهة، والحفاظ على جودة وسمعة المنتجات الوطنية من جهة أخرى. كذلك الحفاظ على الدخل القومي من التبديد، في شراء منتج أكثر من مرة للحصول على المنفعة الاقتصادية منه.
ومن جانبه، بيَّن مصدر في مديرية التجارة وحماية المستهلك بحماة، أن الدوريات تسحب عينات كثيرة من مختلف المواد الغذائية وغير الغذائية مثل المنظفات وغيرها، وتحللها في مخابر المديرية وتخالف أصحابها في حال كانت مخالفة للمواصفات القياسية السورية، أو مغشوشة بزيادة نسبة الملح أو مسحوبة الدسم أو خالية من البيانات وتواريخ الإنتاج والصلاحية أو مزورة لأصلية. وأوضح أن الدوريات نظمت العشرات من الضبوط بحق المخالفين من تجار وباعة أثبتت نتائج تحليل العينات تورطهم بالغش والتدليس، كما تم إغلاق العديد من الفعاليات ما بين أسبوع و15 يوماً لارتكابها مخالفات جسيمة بهذا النوع من المخالفات.
المصدر: الوطن – محمد أحمد خبازي
اقرأ أيضا: أجور التكاسي كاوية..والرقابة في نوم عميق..!!