في خطوة مفاجئة، أعلن وزير المياه والري الأردني محمد النجار، أن سوريا رفضت إمداد بلاده بـ 30 مليون متر مكعب من المياه، مؤكدًا أن “الطلب تم رفضه نتيجة الأوضاع المائية في سوريا”.
وقال الوزير الأردني بشأن الوضع المائي إنه “تم طرح الأسبوع الماضي عطاء من خلال القطاع الخاص للإسراع في تأهيل آبار المخيبة لزيادة كميات المياه للمزارعين بالتحديد”.
وطرح البعض تساؤلات بشأن الخطوة السورية، وأسبابها التقنية والسياسية، ومدى إمكانية تأثيرها على العلاقات الأردنية – السورية التي شهدت تحسنًا كبيرا خلال الفترة الأخيرة.
حصص زائدة
قال علي سليمان محمد الغزاوي، عضو لجنة المياه والزراعة في مجلس النواب الأردني، إن العلاقات السورية الأردنية دائمًا متميزة، وهناك خطوط إيجابية بين الحكومات على طول الطريق، إلا أن الظروف الحالية والتوتر الذي تشهده المنطقة كاملة، تؤثر على ملفات عدة، من أهمها ملف المياه وهو ملف شائك وحساس.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، تصريحات وزير المياه الأردني محمد النجار عن رفض سوريا تزويد الأردن بكميات مياه مطلوبة للزراعة، ليس لها أي اعتبارات سياسية، إنما بسبب الوضع الحرج للحكومة السورية وقلة المياه لديها بسبب الأوضاع العسكرية على الأرض.
وأوضح الغزاوي أن هناك العديد من الاتفاقيات التي تنظم عملية المياه بين الأردن وسوريا، وقد يكون هناك تأجيل في توزيع حصص المياه بين الأردن وسوريا، إلا أن الـ 30 مليون متر مكعب من المياه التي طلبها الأردن هي حصص زائدة عن الاتفاقيات الموقعة، يتم شراؤها مقابل مبالغ مالية متفق عليها بين الطرفين.
وأكد النائب الأردني أن بلاده تعد من أفقر دول العالم في المياه، إلا أن الإدارة الحكيمة التي تقود هذا الملف قادرة على اجتياز هذه المرحلة باقتدار، ويسعى الأردن لتوفير المياه اللازمة للزراعة في وادي الأردن من عدة مصادر مختلفة، بحسب الأصول وما اعتادت عليه الحكومة الأردنية.
أسباب تقنية وسياسية
بدوره اعتبر عبدالحميد سلهب، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، أن رفض سوريا تزويد الأردن بالمياه لتلبية احتياجات الزراعة خلال هذا الصيف، يعود لأسباب تقنية تحول دون تنفيذ هذه المطالب.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، هناك أيضا أسباب سياسية، بسبب الحرب على سوريا، و”غرفة الموك”، التي كانت توجه وتقود الإرهابيين في المنطقة الجنوبية من سوريا لدرعا ومناطق حوران، والتي كانت مقامة على الحدود الأردنية السورية.
وتابع: “لا ننسى تلك الهجمات الأولى والثانية من عاصمة الحزم للإرهابيين التي كانت توجهم هذه الغرفة، وكان يعمل بها خبراء إسرائيليون وأجانب”.
وأوضح أن هذه التحركات القديمة وضعت العديد من الحسابات في التعامل الدولي بين سوريا والأردن، وقد تكون مؤثرة على بعض الملفات منها ملف المياه.
وأكد سلهب أن هناك أيضا نقصًا في المياه بسوريا، وهو بشكل عام أحد الأسباب التي تمنع تزويد الأردن بالمياه، معتبرًا أن النواحي التقنية والفنية لها أسبابها الموضوعية في هذا الرفض.
وتعد موارد المياه في الأردن من الأضعف على مستوى العالم، حيث يبلغ المعدل السنوي لهطول الأمطار 95 ملميترا تقريبا، وتشكل المياه الجوفية والسطحية ما نسبته 85 في المئة من المصادر المتاحة.
وأدى الطلب المتزايد على المياه بفعل التحولات الديموغرافية والنمو السكاني إلى انخفاض حاد في وفرة المياه العذبة في المملكة.
واقترحت رؤية التحديث الاقتصادي، تقليل نسبة الفاقد من المياه سنويا بالمملكة بنسبة 2%، كجزء من المبادرات المتعلقة بقطاع المياه.
وحسب البيانات الإحصائية، ذات الصلة بقطاع المياه، تبلغ نسبة الفاقد من كميات المياه بالأردن 47 في المئة، الأمر الذي يتطلب اتخاذ تدابير صارمة لمعالجة ذلك، إلى جانب إدارة أفضل للطلب، وفقا لصحيفة الغد الأردنية.
تجدر الإشارة إلى أنه، في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني، وقّعت إسرائيل والإمارات والأردن، إعلان نوايا بشأن التعاون المشترك في مجال الطاقة والمياه.
وأكد المتحدث باسم وزارة المياه والري الأردنية أن “فكرة المشروع تنبع من حاجات الأردن المستقبلية المتزايدة لمصادر دائمة للمياه، والتي تتزايد بفعل نمو عدد السكان”، كاشفا أن بلاده “من الدول الأكثر فقرا في المياه عالميا”.
وحذّر من أن العجز المائي يتفاقم عاما بعد آخر، وسيصل إلى 45 مليون متر مكعب خلال العام المقبل في قطاع مياه الشرب فقط، لافتا إلى أن “الأردن يحصل على 35 مليون متر مكعب سنويا وفقا لمعاهدة السلام، إضافة الى 10 مليون متر مكعب إضافية خارج المعاهدة تم الاتفاق عليها عام 2010”.
وسيشمل الاتفاق بناء محطة ضخمة للطاقة الشمسية في الصحراء الأردنية لتوليد الكهرباء لصالح إسرائيل، وفي المقابل سيتم إنشاء منشأة مخصصة لتحلية المياه للأردن على ساحل البحر الأبيض المتوسط في إسرائيل. وسيشتري البلدان من بعضهما بعضا الكهرباء والمياه المنتجة في المرفقين.
اقرأ أيضا: من “الباب” إلى “الـ 50 ثانية”.. شاهد ما فعله بوتن وأردوغان