أسرار لأول مرة… كيف حددت المخابرات الأمريكية موقع الظواهري واصطادته في الشرفة؟
في أبريل/نيسان الماضي، جاء رجال المخابرات الأمريكية إلى الرئيس جو بايدن بنبأ يقين، إذ أبلغوه بأنهم حددوا مكان الهدف الإرهابي الأول في العالم: أيمن الظواهري، زعيم تنظيم “القاعدة” الإرهابي.
عبر جهود سرية ومراقبة شديدة الحذر، توصل المسؤولون الأمريكيون إلى شبكة تدعم “الزعيم الإرهابي” في العاصمة الأفغانية منذ شهور، وتعرفوا على زوجته وابنته وأطفالها من خلال مجموعة متعددة من المعلومات الاستخباراتية، وفقا لما رواه مسؤول كبير في إدارة بايدن لشبكة “CNN”.
لكن زوجته وابنته كانتا تتبعان أساليب متعددة لمنع أي شخص من متابعتهما إلى موقع الظواهري في أحد أحياء كابول، بل لم يكن الظواهري نفسه يغادر المكان منذ وصوله للمنزل هذا العام.
نموذج مصغر للمنزل في البيت الأبيض
ومع هذا الحذر الشديد من دائرة الظواهري ونسائه، واصل المسؤولون الأمريكيون المراقبة، واستطاعوا تكوين فكرة عن المنزل بما في ذلك ظهور الظواهري بشكل دوري في الشرفة لفترات طويلة من الزمن.
ومن أجل أن يكون كل شيء دقيقا تماما، بنى مسؤولو المخابرات نموذجا مصغرا للمنزل، ونقلوه إلى البيت الأبيض ليقوم الرئيس بفحصه.
ولأن المبنى موجود في وسط مدينة كابول، كان ذلك يمثل تحديات كبيرة، ولذلك شارك محللون مستقلون من جميع أنحاء الحكومة في تحديد شاغليه، وأجروا تحليلا دقيقا لطريقة تشييده وهيكله، بهدف تطوير عملية لاغتيال الظواهري دون المساس بالسلامة الهيكلية للمبنى، أو إصابة أي مدنيين، وفي مقدمتهم أفراد عائلته الذين كانوا يعيشون معه.
لم يكن التسرّع خيار رجال المخابرات الأمريكية، بل فضلوا التأني وتوخي الدقة في كل تفصيلة من تفاصيل جهودهم، وكانوا واعين لتخطيطهم والمعلومات التي يجب أن تكون “صلبة” قبل تقديم أي خيارات إلى بايدن.
وكانوا في غاية الحذر خشية تسريب أي معلومات تكشف أنشطتهم، فلم يتم إبلاغ سوى “مجموعة صغيرة جدًا ومختارة” في مجموعة متفرقة من الوكالات الرئيسية بالخطط الموضوعة.
اجتماع بحضور الكبار
إلى أن كان الأول من شهر يوليو الماضي، حين جمع بايدن كبار مسؤولي الأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض لتلقي إحاطة بشأن العملية المقترحة.
كان الاجتماع بحضور مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز، ومدير المخابرات الوطنية أفريل هينز، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ونائبه جون فينر، ومستشارة الأمن الداخلي ليز شيروود راندال.
وقال مسؤول كبير إن بايدن كان “منخرطا بعمق في الإحاطة وكان منغمسا في المعلومات الاستخبارية”، وسأل “أسئلة تفصيلية حول ما عرفناه وكيف عرفناه”.
بل إن بايدن كان يتساءل حتى عن درجة إضاء الشمس في المنزل ومدى تأثير حالة الطقس على العملية، وطلب من فريقه مزيدا من المعلومات عن المبنى وكيف يمكن أن تؤثر الضربة عليه.
ولكي يجيب الفريق عن أسئلة الرئيس كلها، اجتمع عدة مرات في غرفة العمليات خلال الأسابيع التالية لإكمال التخطيط والتأكد من أنهم اتخذوا كل حالة طارئة لتقليل المخاطر.
إحاطة أخيرة وضوء أخضر
وفي 25 يوليو، عندما كان بايدن معزولا بسبب إصابته بكورونا، اجتمع مع فريقه لتلقي إحاطة أخيرة، وتساءل مرة أخرى بمستوى أكثر دقة، عما إن كانت هناك خيارات إضافية يمكن أن تقلل من الخسائر في صفوف المدنيين.
سأل عن مخطط المنزل وما الأثر المحتمل الذي ستحدثه الضربة، ودار حول فريقه الجالس على طاولة الاجتماع، واستفسر عن رأي كل مسؤول، ثم في النهاية، سمح “بضربة جوية دقيقة” للقضاء على الهدف.
وبعد خمسة أيام، أطلقت طائرة بدون طيار، صاروخين من طراز “Hellfire” على شرفة المنزل الآمن في كابول، عند الساعة 6:18 صباحًا بالتوقيت المحلي، ليتم القضاء على الظواهري من دون أن يُؤذَى أحدٌ من أفراد عائلته الذين كانوا في نواحٍ أخرى في المنزل.