الجمعة , أبريل 26 2024
شام تايمز

عبد الباري عطوان: سيناريوهات الرد الصيني على زيارة بيلوسي الاستفزازية لتايوان

عبد الباري عطوان: سيناريوهات الرد الصيني على زيارة بيلوسي الاستفزازية لتايوان

شام تايمز

عبد الباري عطوان
من اقوى “التوصيفات” التي استوقفتني للتحرش الأمريكي بالصين سياسيا وعسكريا، الذي تمثل بإرسال السيدة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الى تايوان، وتصعيد التوتر في شرق آسيا، تلك التي وردت في مقالة نشرتها “روسيا اليوم” للكاتب الروسي المعروف ألكسندر نازاروف وجاء فيها “الولايات المتحدة تتصرف هذه الأيام مثل كلب مسعور يتعين إطلاق النار عليه قبل ان يقتل العالم كله”.
الكاتب الروسي المخضرم، والقريب من صانع القرار في الكرملين، توصل الى هذه القناعة الصادمة والصريحة، بعد تقديمه مطالعة حول أزمات أمريكا الاقتصادية المتفاقمة، وعدم فاعلية حلولها القديمة في طبع التريليونات من الدولارات غير المدعومة بالذهب في تحييد ازماتها، ووصوله الى قناعة بأنها تريد زعزعة أمن واستقرار جميع خصومها، خاصة الصين وروسيا، ومن ثم أوروبا.
اللافت ان جميع الحروب التي تتفجر في العالم حاليا، او في طريقها الى التفجير، تلعب الولايات المتحدة الامريكية دورا رئيسيا فيها، وخاصة في أوكرانيا، او في تايوان الوشيكة، ولا ننسى الأوضاع المتوترة في الشرق الاوسط، وخاصة في لبنان، وايران وفلسطين المحتلة، واليمن، وأخيرا في كوسوفو ومنطقة البلقان.

شام تايمز

***

حتى هذه اللحظة لا نعرف كيف سيكون الرد الصيني المحتمل على زيارة السيدة بيلوسي الاستفزازية، لتايوان، وتحدّيها لكل التحذيرات الصينية في هذا الصدد، والشيء الوحيد الملموس اجراء جيش التحرير الصيني الشعبي مناورات بالذخيرة الحية في ست مناطق محيطة بالجزيرة المتمردة، واختراق طائرة صينية لأجوائها، وفرض حظر جوي في معظم اجوائها.
الرئيس الصيني تشي جين بينغ الذي طور الجيش الصيني في السنوات الاخيرة، وحدّث معظم أذرعه، بحاملات الطائرات والمسيرّات، والصواريخ الأسرع من الصوت، والدبابات المتطورة، وجعل من بلاده، وبإعتراف دراسة سنوية لوزارة الدفاع الامريكية، أكبر قوة بحرية في العالم من حيث عدد السفن، والمعدات التكنولوجية، والهجومية المجهزة بها.
الخطط العسكرية بالاجتياح او الهجوم بالأحرى، من الاسرار العظمى للدول والزعماء، والصين العظمى ليست استثناء وتنطبق على أي دولة أخرى تعيش ظروفها الاستفزازية والابتزازية الحالية، مضافا الى ذلك ان الحروب باهظة التكاليف بشريا وماديا، وغالبا ما تكون الخيار الأخير، وبعد استعصاء كل الحلول الأخرى والمس بالكرامة الوطنية للشعوب، وعندما تُفرض عليك الحرب ليس امامك غير الدفاع عن النفس بكل ما تملكه من إمكانيات.
الامريكان، وإدارة الرئيس بايدن، تراهن على عدم لجوء الصين الى استخدام القوة، وإعادة سيطرتها على جزيرة تايوان بالتالي، ولكنها قد تكون أخطأت في التقدير والحسابات مثلما حدث في الحرب الأوكرانية، والتعويل على جدوى العقوبات الاقتصادية، فانقلب السحر على الساحر الأمريكي في معظم الجبهات العسكرية والاقتصادية والسياسية، والتفاصيل معروفة، ولا تحتاج الى شروحات إضافية.
أمريكا لم ترسل جنديا واحدا الى أوكرانيا رغم سيطرة الروس على خمس أراضيها حتى الآن وتشريد عشرة ملايين من أبنائها لجأوا الى دول الجوار الأوروبية، ومعظم الأسلحة الداعمة كانت اقل بكثير من المطلوب، واكتملت الفضيحة ببيع كميات كبيرة منها في السوق السوداء، رغم ان اوكرانيا أوروبية، وتتشارك مع أمريكا في عقيدتها السياسية والدينية، فهل ستكسر أمريكا هذه القاعدة، وترسل جنودها للدفاع عن تايوان، وجروح تورطها وكوارثها في أفغانستان والعراق وقبلهما فيتنام الآسيوية ما زالت خضراء؟
***
لا نستبعد ان يسير الرئيس الصيني على خطى صديقه وحليفه الروسي فلاديمير بوتين، ويعطي الأوامر لقواته المنخرطة حاليا في مناورات بالذخيرة الحية، بإقتحام تايوان وضمها الى الوطن الام، وهو الذي قال ان هناك “صين واحدة” فقط، والوحدة الترابية أمر مقدس، ومن يلعب بالنار ستحرقه.
الحروب هي أحد أهم الطرق والوسائل لحل الازمات الاقتصادية، حسب نظرية آدم سميث الفيلسوف الاقتصادي المشهور، وامريكا تعيش حاليا أزمات اقتصادية متفاقمة، حيث وصلت نسبة التضخم سقف العشرة في المئة، اما الدين العام فقد تجاوز حاجز 30 تريليون دولار النفسي، والدول التي كانت تلجأ الى شراء سندات الخزانة الامريكية لامتصاص هذه الازمات مثل أوروبا واليابان وقبلهما الصين، بدأت في سحب هذه السندات تدريجيا من أمريكا خوفا من التضخم المتصاعد، ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه من استشماراتها، قبل الانهيار الكبير.
هل حان الوقت لإطلاق النار على الكلب الأمريكي المسعور على حد توصيف الكاتب نازاروف؟ ومن الذي سيطلق النار، روسيا، ام الصين، ام الاثنين معا، ومتى وكيف؟
نترك الإجابة للأيام والاسابيع والاشهر المقبلة.. والايام بيننا.
رأي اليوم

شام تايمز
شام تايمز