تحول في ثقافة الـ “CIA”.. بعد تنظيم القاعدة حان دور الصين
أوضح أحد مسؤولي وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية في اجتماع مغلق عقد مؤخراً مع قادة مركز مكافحة الإرهاب التابع للوكالة، أن محاربة تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى ستظل أولوية لواشنطن، ولكن أموال الوكالة ومواردها ستتحول بشكل متزايد إلى التركيز على الصين.
وأظهر هجوم طائرة بدون طيار لوكالة المخابرات المركزية أسفر عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، أن مكافحة “الإرهاب” ليست فكرة ثانوية، لكنه لم يغير الرسالة التي وجهها نائب مدير الوكالة، ديفيد كوهين، في ذلك الاجتماع قبل أسابيع: في الوقت الذي تواصل الولايات المتحدة ملاحقة الإرهابيين، فإن الأولوية القصوى هي محاولة فهم بكين ومواجهتها بشكل أفضل”.
بعد عام واحد من انتهاء الحرب في أفغانستان، تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار مسؤولي الأمن القومي بشكل أقل عن مكافحة الإرهاب، وأكثر عن التهديدات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تشكلها الصين وروسيا.
ولطالما شعرت الولايات المتحدة بالقلق من طموحات الصين السياسية والاقتصادية المتنامية، بحسب تقرير أورده موقع “Bloomberg” الأميركي، ويعتقد بعض الخبراء أن بكين ستحاول في السنوات المقبلة الاستيلاء على جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.
كما قال مسؤولو المخابرات إنهم بحاجة إلى مزيد من الأفكار حول الصين، ويدعم هذا التحول في الأولويات، العديد من ضباط المخابرات السابقين والمشرعين من كلا الحزبين الأميركيين، ويقولون إن هذا التحول تأخر كثيراً.
بدوره، قال النائب جيسون كرو، وهو حارس سابق في الجيش خدم في أفغانستان والعراق، إنه يعتقد أن الولايات المتحدة كانت تركز بشكل مفرط على مكافحة الإرهاب على مدى السنوات القليلة الماضية.
“التهديد الوجودي الأكبر بكثير هو روسيا والصين” ، قال كرو، وهو ديمقراطي من كولورادو يعمل في لجنتي الاستخبارات والخدمات المسلحة في مجلس النواب. وأضاف أن الجماعات الإرهابية “لن تدمر طريقة الحياة الأميركية بالطريقة التي تستطيع بها الصين”.
وأشار المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية تامي ثورب إلى أن الإرهاب “لا يزال يمثل تحدياً لنا”، مضيفاً: “حتى في الوقت الذي تتطلب أزمات مثل “الغزو الروسي” لأوكرانيا، والتحديات الاستراتيجية مثل تلك التي تشكلها جمهورية الصين الشعبية، اهتمامنا، ستواصل وكالة المخابرات المركزية تتبع التهديدات الإرهابية بقوة على مستوى العالم، والعمل مع الشركاء لمواجهتها”.
ودفع “الكونغرس” وكالة المخابرات المركزية ووكالات الاستخبارات الأخرى إلى جعل الصين أولوية قصوى، وفقاً للعديد من الأشخاص المطلعين على الأمر، والذين تحدثوا شرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المسائل الاستخبارية الحساسة.
وأكدوا أن دفع الموارد نحو الصين، تطلب إجراء تخفيضات في أماكن أخرى، بما في ذلك في مجال مكافحة الإرهاب.
كذلك، يريد الأميركيون المزيد من المعلومات حول تطور الصين في التقنيات المتقدمة. ففي عهد الرئيس شي جين بينغ، خصصت الصين تريليونات الدولارات للاستثمار في العلوم والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات التي من المرجح أن تعطل كيفية خوض الحروب المستقبلية وهيكلة الاقتصادات.
وكجزء من هذا التحول، تحاول لجان “الكونغرس” تتبع كيفية إنفاق وكالات الاستخبارات تمويلها على الصين بشكل أفضل، سعياً للحصول على مزيد من التفاصيل حول كيفية مساهمة برامج محددة في تلك المهمة، حسبما قال شخص مطلع.
“لقد تأخرنا، لكن من الجيد أننا نغير تركيزنا أخيراً إلى تلك المنطقة”، قال النائب كريس ستيوارت، وهو جمهوري يعمل في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب. ويضيف أن التركيز سيكون “في البشر، في الموارد، في الأصول العسكرية، وفي الدبلوماسية”.
وكانت وكالة المخابرات المركزية قد أعلنت العام الماضي أنها ستنشئ “مركزين جديدين للبعثات”، أحدهما يتعلق بالصين والآخر بالتقنيات الناشئة، لإضفاء الطابع المركزي على جمع المعلومات الاستخبارية حول هذه القضايا وتحسينها.
فوق ذلك، تحاول وكالة المخابرات المركزية تجنيد المزيد من المتحدثين باللغة الصينية، وتقليل أوقات الانتظار للحصول على تصاريح أمنية لتوظيف أشخاص جدد بشكل أسرع.
داخل الوكالة، يتعلم العديد من الضباط اللغة الصينية، وينتقلون إلى أدوار جديدة تركز على الصين، على الرغم من أن هذه الوظائف لا تتطلب جميعها تدريباً لغوياً، حسبما قالت مصادر الموقع. ويشير المسؤولون إلى أن ضباط الاستخبارات مدربون على التكيف مع التحديات الجديدة، وأن العديد منهم تم نقلهم بسرعة أكبر إلى أدوار مكافحة الإرهاب بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
بالتوازي، قال ضباط سابقون إن التقدم في أعمال مكافحة الإرهاب، بما في ذلك الاستخدام الأفضل للبيانات والمصادر المختلفة للاستخبارات لبناء الشبكات وتحديد الأهداف، مفيد أيضاً في مواجهة روسيا والصين.
“إنها آلة التحليلات والاستهداف التي أصبحت غير عادية”، قال دوغلاس وايز، وهو ضابط كبير سابق في وكالة المخابرات المركزية، كان نائب رئيس العمليات في مركز مكافحة الإرهاب.
يدعم هذا التوجه، مارك بوليمروبولوس ضابط عمليات متقاعد في وكالة المخابرات المركزية ورئيس قاعدة سابق في أفغانستان.، والذي قال إنه يؤيد تركيزاً أكبر على الصين وروسيا، لكنه أضاف “لا يوجد سبب لتقليل ما كان علينا القيام به”.
وقال وايز إن إعادة توجيه الوكالات نحو مزيد من التركيز على الصين وروسيا سيستغرق في نهاية المطاف سنوات، وسيتطلب الصبر والاعتراف بأن ثقافة الوكالة ستستغرق وقتاً طويلاً للتغيير.
وكالات