السبت , نوفمبر 23 2024
عندما تهرب بكتيريا الأمعاء إلى بقية أعضاء الجسم؟‎‎

ماذا يحدث عندما تهرب بكتيريا الأمعاء إلى بقية أعضاء الجسم؟‎‎

توصلت دراسة جديدة إلى أن بكتيريا الأمعاء قد تكون قادرة على التطور مع مرور الوقت لتعيش خارج بيئتها الأصلية داخل الجسم، وهذا قد يجعلها أكثر خطورة، وربما تسبب التهابًا مزمنًا ومخاطر صحية مرتبطة بأعضاء أخرى في الجسم.

هناك الكثير من الأبحاث التي تشرح الآثار الإيجابية والسلبية التي يمكن أن تحدثها ميكروبات الأمعاء على صحة البشر، لكن العلماء ما زالوا لا يفهمون الكثير حول كيفية عمل هذه الآليات البيولوجية المتنوعة والتفاعلات المتسلسلة.

وترجع بعض المشكلات الصحية إلى ما يُعرف باسم ”الأمعاء المُسربة“، وهي حالة تكون خلالها الأمعاء أقل سمكا وتسمح بنفاذية أكبر مما ينبغي، مما يؤدي إلى إطلاق البكتيريا خارج الجهاز الهضمي. ومع ذلك، هناك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها حول هذه الحالة، بما في ذلك ما إذا كانت أعراضًا أو سببًا لمشاكل الالتهاب.

وأوضح عالم المناعة نوح بالم، من جامعة ييل، أنه لطالما كان سبب وجود البكتيريا المسببة للأمراض داخل أجسام الأشخاص الأصحاء سرا غير مفهوم لعقود من الزمن دون أي عواقب صحية واضحة.

في محاولة لحل اللغز، قدم بالم وزملاؤه البكتيريا المسببة للأمراض المحتمل أن تكون Enterococcus gallinarum – وهي نوع موجود في حوالي 6 في المئة من ميكروبات الأمعاء في البشر – إلى فئران خالية من الجراثيم ولا تحتوي على ميكروبات أمعاء خاصة بها، ثم راقب الباحثون الفئران لمدة ثلاثة أشهر، وذلك في إطار دراسة جديدة نشرت مؤخرا في موقع Nature.

لاحظ الباحثون أن البكتيريا تتطور إلى نوعين متميزين، كان أحدهما مشابهًا للسلالة الأصلية، بينما ظهر في الآخر طفرات صغيرة في الحمض النووي حتى يتمكن من العيش في بطانة الغشاء المخاطي للأمعاء، والبقاء على قيد الحياة في العقد الليمفاوية والكبد بعد هروبه من الأمعاء.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن البكتيريا المتحورة يمكن أن تظل مخفية على ما يبدو في الأعضاء وتهرب من انتباه الجهاز المناعي. في التجارب التي أجريت على الفئران، يمكن أن يؤدي وجود تلك الميكروبات إلى استجابات التهابية من جانب الجسم، بما في ذلك تلك المرتبطة بأمراض المناعة الذاتية (والتي تتضمن مرض السكري من النوع الأول).

يقول بالم: ”نعتقد أن هذا التطور يبدأ من جديد في كل مضيف جديد بسبب الانتقال التفضيلي للسلالات غير المسببة للأمراض بين الأفراد“، وهذا يعني أن الميكروبات داخل مضيف بشري تكون قادرة على إفساح مكان أكثر رحابة للتطور داخل الأمعاء، بحيث تنتقل بعض السلالات غير الضارة إلى أشخاص آخرين، مما يمنح البكتيريا الأخرى في الأمعاء مساحة للتطور.

يقول العلماء إن هذه الظاهرة تُعرف باسم ”التطور داخل العائل“ وهي تفسير محتمل لسبب قدرة الأنواع البكتيرية التي تعيش في أمعاء البشر على التكيف بمرور الوقت، وتلعب العوامل البيئية تأثيرا مهما في تحقيق ذلك، ومن بين تلك العوامل النظام الغذائي.

وكلما زاد تنوع المجتمع البكتيري في القناة الهضمية، قلت المساحة التي يجب أن ينمو بها أي نوع واحد، مما يقلل من فرص تطور المتغيرات غير الصحية، تلك التي يمكن أن تهرب.

وأوضح ”بالم“، كبير مؤلفي الدراسة، أن أي شيء يؤثر على التنوع البكتيري داخل أمعاء البشر، مثل النظام الغذائي، يمكن أن يساعد في تفسير مخاطر الحالات الالتهابية التي يكون لها أحيانًا بعض الأعراض، ومن بينها ”تسرب الأمعاء“.

وبالتالي، فإن تمكن الباحثون من فهم المزيد عن هذا التطور البكتيري، فيصبح من الممكن تطوير وتقديم علاجات وقائية لهذه المشاكل الصحية، ربما عن طريق استهداف ميكروبات معينة قبل أن تتمكن من الهروب من الجسم.

اقرأ أيضا: إياك ورميها.. لقشور التفاح فوائد تفوق فوائد الثمرة