تعرّف على أول نبتة مريخية
منذ بدأ الحديث عن السفر إلى كوكب المريخ وإنشاء مستوطنات بشرية فيه، برزت آراء متباينة عن أنسب النباتات للزراعة في التربة الغبارية القاسية للكوكب الأحمر.
وبعد تمكن العلماء حديثًا من التغلب على مشكلات السفر إلى المريخ، حان الوقت لاكتشاف أساليب مستدامة للعيش فيه، ولا بد أن نحتاج لذلك إلى زراعة النباتات.
ولكن تربة المريخ غبارية خالية من المواد العضوية والجسيمات الدقيقة المفيدة، ومليئة بأملاح ومعادن تجعل نمو النباتات صعبًا.
وقال باحثون من جامعة آيوا ستيت الأمريكية، إن ”المحتوى المنخفض من المواد المغذية في التربة المريخية، وملوحتها العالية، يمنعان من زراعة محاصيل زراعية فيها“.
وأضافوا: ”علينا ابتكار إستراتيجيات لتحسين المحتوى المغذي في تربة المريخ، وتحلية المياه المريخية المالحة على المدى الطويل“؛ وفقًا لموقع ”ساينس آليرت“.
وفي هذا الإطار، اقترح الباحثون في دراستهم المنشورة في مجلة ”بلس ون“، زراعة نبات البرسيم كأول نبتة مريخية.
ويمتاز البرسيم بالقدرة على العيش في تربة المريخ البركانية الصعبة، ويمكن استخدامه فيما بعد سمادًا لتغذية النباتات الأخرى، مثل: الخس، والفجل، واللفت.
وكانت أبحاث سابقة قد أشارت إلى ضرورة إضافة مواد مغذية إلى التربة المريخية قبل محاولة زراعتها، ما دفع الباحثين إلى البحث عن نباتات تنمو فيها كما هي.
وبحث الفريق عن تربة تشبه بتركيبها الكيميائي والحبيبي تربة المريخ غير العضوية، وعندما وجدوا تربة قريبة منها، جربوا زراعة بذور عديدة فيها، واكتشفوا أن بذور البرسيم تستطيع النمو في تربة المريخ دون إضافة أي أسمدة.
وبعد نمو البرسيم، وما أضافه للتربة من مواد مغذية، نجح الباحثون في زراعة نباتات اللفت والخس، والفجل، مستفيدين من نموها السريع، وعدم حاجتها لكميات مياه كبيرة.
ولكن زراعة هذه النباتات تطلبت مياهًا عذبة، ويرى الباحثون أنه من الممكن معالجة المياه المالحة على المريخ بواسطة نوع من الجراثيم البحرية، ثم تمريرها خلال صخور بركانية لتنقيتها.
وقال الباحثون: ”حققنا لأول مرة تكاملًا بين عمل الأسمدة العضوية والجراثيم النافعة لمعالجة التربة والمياه المريخية، بطريقة مستدامة تعتمد على مصادر المريخ“.
وتبقى بعض القضايا الواجب التأكد منها؛ مثل تطابق التربة المختبرة مع تربة المريخ، ومعالجة الأملاح السامة الموجودة فيها بواسطة المياه المحلاة.
وتفسح الدراسة المجال أمام أساليب بديلة لنقل برادات الطعام الضخمة إلى المريخ، وتوفير التكلفة والجهد اللازمين لذلك.
وتحظى فكرة زراعة سطح المريح باهتمام فرق بحثية عدة حول العالم، ويركز معظمها على محاكاة تربة الكوكب الأحمر من خلال اختيار تربة أرضية بركانية مأخوذة من أصعب المناطق على كوكب الأرض.
ولكن نجاح التجربة يبقى مرهونًا باجتياز عقبات أخرى عديدة؛ من أبرزها الإشعاعات الفضائية القوية، ودرجات الحرارة المتطرفة؛ شدة أو انخفاضًا، مع مراعاة نمو نباتات التجارب في ظروف مواتية على كوكبنا؛ من رطوبة وإضاءة مستقرة.
وتتوقع تقارير أن تتم المراحل الأولى من الزراعة المريخية في غرف محمية تحت السطح أو تحت القباب المُشادة للمستوطنات المستقبلية.
وبعد مراعاة ظروف المريخ الخاصة، يبقى التساؤل ماثلًا عن قابلية استخدام تلك المنتجات الزراعية غذاء للبشر، في ظل احتواء تربة الكوكب الأحمر على معادن ثقيلة؛ مثل: الرصاص، والزئبق، والحديد.
وتمثل الأبحاث العالمية محاولات لتوفير الغذاء للمستوطنين الأوائل على سطح المريخ، وهي خطوات مهمة بدأت إرهاصاتها بعد نجاح العلماء بزراعة خضراوات في المزرعة الفضائية الموجودة في محطة الفضاء الدولية، في العام 2015.
اقرأ ايضاً:هل تعرف الطماطم الخارقة؟ | الواحدة منها عن بيضتين وتقي من عدة أمراض