الجمعة , نوفمبر 22 2024
هل تنجح خطة عون في إعادة اللاجئين السوريين

هل تنجح خطة عون في إعادة اللاجئين السوريين؟

في خضم الأزمات الاقتصادية والسياسية الطاحنة بلبنان، ومحاولات الحكومة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، أعلن الرئيس ميشال عون التقدم بشكوى للمحافل الدولية للحصول على حقوق لبنان في ملف اللاجئين.

وقال عون خلال لقاء مع وفد من نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع: “وضعنا دراسة قانونية حول ما تنص عليه القوانين المحلية والإقليمية والدولية في ما خص التعاطي مع النازحين”، وفقا لوكالة “شينخوا” الصينية.

وتابع: “سنتقدم بشكاوى في المحافل الدولية للحصول على حقوقنا، خصوصا وأن سوريا راغبة في استعادة النازحين ولا تعارض هذا الأمر، واستقبلت بالفعل قسما منهم”.

وطرح بعضهم تساؤلات بشأن مساعي الرئيس اللبناني، ولماذا تكثف بيروت من محاولات إجلاء اللاجئين السوريين، وهل ينجح اللجوء للمحافل الدولية في إنهاء هذه الأزمة؟.

أبعاد الخطوة

اعتبر العميد خالد حمادة، الخبير الأمني اللبناني، ومدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات، أن مسألة اللجوء السوري تسببت في أكثر من مشكلة للدول المجاورة، واتخذت أبعادا مختلفة تبعا لدول الجوار، مثل علاقة اللجوء السوري بالحدود في تركيا والمنطقة الآمنة، والإشكاليات الأمنية نتيجة عمليات التهريب عبر الحدود في الأردن.

وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، اتخذت الأزمة في لبنان أبعادًا أكثر خطورة منذ بدايتها، وذلك بسبب الانقسام السياسي داخل لبنان وبين القوى السياسية على خلفية الحكومة السورية، ومع انهيار الاقتصاد في لبنان، وظهور الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية بات اللجوء السوري يشكل عاملًا ضاغطًا على المستوى الاقتصادي والأمني.

وأوضح أن طرح الرئيس عون لمسألة النازحين السوريين بهذه الطريقة ليست المرة الأولى التي يحاول أن يأخذ الملف بعيدًا عن سياسة الحكومة، وربما يسعى إلى أن يثير بعض القضايا التي يريد ان يتركها في ذاكرة اللبنانيين قبل أسابيع من انتهاء عهده، أو ربما يريد القول بإنه أعطى الملف الاهتمام المطلوب لكن لم يستطيع إنجازه بسبب الضغوط أو لعدم استجابة الخصوم السياسيين.

وتابع: “محاولة رئيس الجمهورية طرح الحلول بمعزل عن الحكومة أو المجلس النيابي هو جزء من الفردية والتعثر، حيث يقدم شكوى بشكل شخصي للمجتمع الدولي بعيدًا عن الحكومة المعنية بهذا الأمر، في محاولة لممارسة زر الرماد في العيون والإبقاء على مجموعة ملفات في أذهان اللبنانيين للنأي بالنفس عن المسؤولية”.

وأوضح أن عون ربما سيطرح الأيام المقبلة ملفات أخرى، ويحاول خلق أصداء لعهده الذي لم يتسم بأي تفاصيل من الحكم أو المسؤولية أو الالتزام بالدستور، مضيفًا: “هذا الملف لن يذهب لأي مكان كما يطرح الآن، ولن يعطي أي نتيجة، العقبات أكبر بكثير من أن تحل برفع دعوى للمحافل الدولية، حيث يدرك عون بأن هناك أطرافًا عدة تريد أن تدخل على طاولة التفاوض حول اللاجئين السوريين، وليست المسألة لبنانية سورية بالمعنى الدقيق.

تحركات لبنانية ومخطط دولي

بدوره قال المحلل السياسي اللبناني، داوود رمال، إن لبنان وخلال مشاركته في مؤتمر بروكسل الأخير للنازحين، تأكد له أن المجتمع الدولي اتخذ قراره بدمج النازحين السوريين في المجتمع اللبناني عبر منحهم مزايا تفضيلية، وتأمين فرص عمل وتقديم المساعدات لهم على الأرض اللبنانية، وهذا الأمر يعني تغييرًا ديمغرافيًا هائلًا في الواقع اللبناني.

وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، لبنان لا يزال منذ العام 1948م وإلى العام 1967م بعد أكبر عمليتين تهجير للفلسطينيين، ينادي بعودة اللاجئين الفلسطينيين، وبعد الحرب الأهلية وإقرار دستور الطائف، وضع لبنان بندًا أساسيًا في مقدمة الدستور تتحدث عن رفض التوطين، وذلك لاعتبارات عدة أبرزها التوازنات الدقيقة في المجتمع اللبناني، الذي لا يتحمل على مستوى المساحة أو الديمغرافيا أي أعداد من الوافدين.

وقال إن لبنان ليس بلد لجوء أو نزوح، ويعاني من كثافة سكانية هائلة، حيث يقيم أكثر من 500 شخص في الكيلو متر مربع، ولم يعد هناك قرى أو بلدات، حيث تحولت مدن، والاقتصاد لا يحتمل أي أعداد من النازحين، فهناك أكثر من 2 مليون لاجئ سوري، ونصف مليون فلسطيني، وعمالة وافدة، تصل الأعداد في النهاية لقرابة 3 ملايين شخص، وهو أمر لا يمكن للأراضي أو الاقتصاد اللبناني استيعابه.

وأكد أن هناك توجهًا دوليًا رافضًا لعودة النازحين، وهو ما تبلغه لبنان رسميًا، وكل المحاولات التي قام بها لبنان مع سوريا لاعتماد خطة عودة اللاجئين عمد المجتمع الدولي على تعطيلها، سواء عبر إغراء النازحين، أو التهديدات التي وجهها لمسؤولين لبنانيين بفرض عقوبات عليهم.

واعتبر أن لبنان لم يعد أمامه سوى الذهاب إلى الأمم المتحدة، ما دفع الرئيس ميشال عون لتوكيل الملف لفريق قانوني متخصص في القانون الدولي، لإعداد دراسة قانونية تستند على الدستور اللبناني لتقديمها للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، في سعي لاستصدار قرار بإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم.

وعن معارضة المجتمع الدولي لعودة النازحين، أوضح رمال أن المجتمع الدولي لا يلتفت للصعوبات والمخاطر التي تهدد لبنان نتيجة هذا النزوح، ويريد أن يلعب بهذه الورقة من ضمن الصراع السياسي مع سوريا، ويربط عودة النازحين بتسوية سياسية وفق شروطه، ولبنان لا يمكن الانتظار حتى الوصول لهذه التسوية.

وأكد المحلل اللبناني أن 80% من الأراضي السورية آمنة، ومعظم النازحين من هذه المناطق، ولا تزال أغلب منازلهم متواجدة، ولا يوجد ما يمنع من إعادتهم، معتبرًا أن لبنان يأخذ هذا الملف على محمل الجد ويتحسس المخاطر التي تهدده نتيجة سعي المجتمع الدولي لإبقاء النازحين، وهناك خطوات تصعيدية بطبيعة الحال ستكون منسقة مع الجانب السوري، ففي الشهرين المتبقيين من عهد عون سنشهد تطورات متسارعة في ملف عودة النازحين.

وقال الرئيس عون:

“ما حصل في مؤتمر بروكسل حول قضية النازحين أثار المخاوف الجدية كونه شجع على دمجهم في المجتمعات التي تستقبلهم على الرغم من تردي الأحوال المعيشية والاقتصادية والمالية وازدياد نسبة الجرائم بسبب النزوح إلى لبنان”.

واعتبر الرئيس اللبناني أن “هذا الأمر يثير الريبة حول الأهداف الدولية من تشجيع النازحين على البقاء في لبنان”، مشيرا إلى أن “العدد الكبير من النازحين أدى إلى تردي التقديمات للبنانيين وتحسين ظروف معيشة النازحين.

وكان وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين، قد أعلن في يوليو الماضي عن مشروع خطة لبنانية لعودة النازحين السوريين في لبنان إلى بلدهم تقضي بإعادة 15 ألف نازح شهريا بما يتناسب مع القدرة الاستيعابية للدولة السورية.

وفي منتصف أغسطس الجاري، بحث شرف الدين في دمشق مع مسؤولين سوريين الخطة اللبنانية لتسريع عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، بحسب الإعلام الرسمي السوري.

وقد رفضت مفوضية شؤون اللاجئين الأممية الخطة اللبنانية بحجة أن سوريا ليست آمنة، وسط إصرار لبنان على تنفيذ خطته بغض النظر عن موقف المفوضية والدول المانحة.

يذكر أن عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان يبلغ 1.5 مليون تقريبا، نحو 900 ألف منهم مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويعاني معظمهم أوضاعا معيشية صعبة.

ويعيش لبنان أزمة غير مسبوقة، مع نقص الوقود والطعام والمواد الضرورية الأخرى نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وانخفاض قيمة العملة، ووصف البنكا لدولي هذه الأزمة بأنها “الأسوأ على المستوى العالمي منذ قرن ونصف”.

سبوتنيك

اقرأ أيضا: صحيفة تكشف عن عقد مباحثات تركيّة سوريّة في موسكو مع “مطالب قصوى”