بعد محاولات ردمها.. ما هي حفرة الخسفة التي ابتلعت آلاف العراقيين جنوب الموصل؟
بعد أكثر من 5 سنوات على استعادة القوات الأمنية العراقية السيطرة على مدينة الموصل من سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، لا تزال حفرة الخسفة التي ابتلعت آلاف المدنيين والعسكريين تمثل شاهدا على المأساة التي شهدتها هذه المدينة.
تعرف الخسفة، أو ما يعرف محليا الخفسة، بأنها حفرة جيولوجية عميقة تقع على بعد نحو 20 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل (مركز محافظة نينوى شمالي البلاد) وتعد واحدة من المقابر الجماعية التي استخدمها تنظيم الدولة لتغييب جثث ضحاياه فيها خلال سيطرته على الموصل بين يونيو/حزيران 2014 ويوليو/ تموز 2017.
تباين في أعداد الضحايا
تتباين أعداد الضحايا الذين ألقي بجثثهم في حفرة الخسفة، إذ وبحسب منظمات حقوقية، فإن الشهادات التي لديهم من سكان المناطق المحيطة تفيد بأن التنظيم كان يعدم فيها العشرات يوميا وعلى مدى سنوات، ويرجح بأن أعداد المفقودين فيها تصل إلى الآلاف، وهي بذلك تعتبر من أكبر المقابر الجماعية بالعراق إن لم يكن في العالم.
وبهذا الصدد، تؤكد فاطمة العاني مستشارة المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب بأنه لا يوجد رقم حقيقي يؤكد أعداد من ألقي بجثثهم في الخسفة، إلا أن تنظيم الدولة وخلال سيطرته على الموصل نشر أسماء أكثر من 2070 مدنيا قتلوا ورمي بجثثهم فيها، لافتة إلى أنه ومنذ استعادة المنطقة من التنظيم حدثت مجازر بحق المدنيين من قبل مجاميع مسلحة، وتم إلقاء جثثهم بهذه الحفرة، ولم تقم الحكومة بالكشف عن هؤلاء الضحايا وانتشال رفاتهم أو تعويض ذويهم.
على الجانب الآخر، يؤكد نائب محافظ نينوى حسن العلاف -في حديثه للجزيرة نت- أن الحفرة شهدت إلقاء ما يقرب من 4 آلاف جثة لمدنيين وعسكريين خلال سيطرة التنظيم على الموصل، وهو ما قد يعد أكبر مقبرة جماعية في العراق.
محاولات ردم الحفرة
أثيرت قضية الخسفة الأيام الماضية إثر أنباء عن محاولات لردم الحفرة دون انتشال جثث الضحايا، حيث كشف العلاف أن أول عملية ردم للحفرة كانت من قبل تنظيم الدولة قبل استعادة القوات الأمنية السيطرة على الموصل، حيث عمد التنظيم إلى إلقاء كميات كبيرة من الرمال بالحفرة إضافة إلى إلقاء عشرات الحاويات الحديدية المستخدمة بشحن البضائع في محاولة لطمس معالمها.
أما عن آخر عملية ردم تعرضت لها الحفرة، فكانت قبل أيام -بحسب العلاف- الذي أكد أن الحكومة المحلية في نينوى تلقت أنباء عن محاولات لإنهاء الخسفة من خلال دفنها من قبل جهات مجهولة لدى الحكومة المحلية، بحسب تعبيره.
وعن الجهات التي تسيطر على المنطقة المحيطة بالخسفة، أوضح العلاف أن هناك العديد من القطعات الأمنية من قوات الجيش والشرطة المحلية وقوات من الحشد الشعبي والحشد العشائري، مع الإشارة إلى أنه لم يتم حتى الآن احتساب عمق الحفرة أو قطرها جيولوجيا.
من جانبه، عبّر النائب عن محافظة نينوى شيروان الدوبرداني عن رفضه لردم الخسفة، حيث كتب في منشور له على فيسبوك “سوف نفتح تحقيقا عاجلا، وسنتابع مع نواب نينوى الآخرين الجهة التي قامت بذلك لمحو آثار جريمة الخسفة والتنكر لتاريخ وبطولة شهداء نينوى ومواقفهم الوطنية ضد داعش (تنظيم الدولة)”.
وأكد “لسنوات طويلة كنا نطالب بفتح الخسفة، لكن الحكومة كانت تتعذر بحجة أن فتح الحفرة يحتاج لجهد دولي، لن نسكت عن ردم الخسفة” لافتا إلى أن ذلك يعد طمسا لجرائم تنظيم الدولة بحق أبناء نينوى، وأنه لا بد من انتشال جثث الضحايا وتسليمها لذويهم الذين ينتظرون معرفة مصير أبنائهم منذ سنوات.
أما مستشارة المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب فاطمة العاني، فقد عّدت في حديثها للجزيرة نت أن الإقدام على ردم هذه الحفرة من دون الكشف عن مصير الضحايا تعدٍ واضح على حقوقهم، وهو ما يترتب عليه مسؤولية إنسانية وحقوقية على الحكومة، وأن عليها أن تشرع بتقصي الحقائق بشكل قانوني لتعويض أهالي الضحايا الذين قضوا تحت النزاع المسلح أو ما يعرف بـ “ضحايا الإرهاب”.
أسباب إهمالها
لم تشهد الخسفة أي محاولات لانتشال الضحايا بعد سنوات على استعادة الموصل من سيطرة تنظيم الدولة، وذلك بحسب ما يؤكده حسن العلاف نائب محافظ نينوى الذي أرجع ذلك لعدم امتلاك الحكومة المحلية القدرة المالية والفنية على فتحها وانتشال الضحايا، وأنها ناشدت منذ عام 2017 نظيرتها الاتحادية والمنظمات الدولية المعنية لأجل العمل على انتشال رفات الضحايا وإحصاء أعدادهم ومطابقة الحمض النووي مع ذويهم لأجل تعويضهم، مستنكرا محاولات ردم الحفرة ومطالبا بفتح تحقيق شامل تجاه الجهات التي عملت على ردم الحفرة.
على الجانب الآخر، تقول العضو السابق بمفوضية حقوق الإنسان فاتن الحلفي إنه من الصعوبة محليا الكشف على هذه الحفرة وانتشال رفات الضحايا، سيما وأن المنطقة فيها كم كبير من الألغام، إضافة لعدم توفر الأموال والمستلزمات الفنية التي تشمل فحوصات الحمض النووي للضحايا ومطابقتها مع ذويهم.
وتابعت الحلفي أن المفوضية بدورتها السابقة كانت قد طالبت الحكومة الاتحادية بالتدخل لحل قضية الخسفة، سيما وأن أعداد الضحايا كبير ويتجاوز الألفي ضحية في الحد الأدنى، معتبرة أن محاولات ردم الحفرة تعد طمسا للجرائم التي حدثت وإضاعة لحقوق الضحايا.
وفي ختام حديثها للجزيرة نت، أوضحت الحلفي أن مؤسسة الشهداء المسؤولة عن الكشف عن المقابر الجماعية بالعراق تفتقد للأموال اللازمة للكشف عن هذه الحفرة التي تحتاج إلى جهود دولية.
المصدر : الجزيرة
اقرأ ايضاً:بالفيديو: مخدرات على شكل صحون فخارية في دمشق تثير دهشة السوريين