أشاد الخبير الاقتصادي السوداني، وائل فهمي، بتوجه روسيا الخاص باعتماد العملات المحلية في عمليات التبادل التجاري مع دول عديدة في الشرق الأوسط والعالم، واصفا الخطوة بـ “التاريخية”، والتي من شأنها إنهاء سيطرة الغرب خاصة الولايات المتحدة على مقدرات دول العالم الثالث واقتصاداتها والتي دامت لعقود.
وقال فهمي القيادي في “قوى الحرية والتغيير” ومجموعة المجلس المركزي المعارض، في تصريحات لوكالة “سبوتنيك”، إن “مقترح روسيا بالتعامل مع الدول بعملاتها الوطنية غير القابلة للتداول دوليا، هو قرار اختراقي وتاريخي لتمكين دول العالم الثالث خاصة من تجنب الكثير من الأزمات التي تتعرض لها نتيجة لعدم توفر العملات الصعبة كوسيط”.
وأضاف: “هذا المقترح هو في الواقع كسر حقيقي لذلك القيد وعلاج نهائي لارتهان إرادة الدولة وقدراتها على سداد خدمات ديونها الخارجية بوفرة العملة الوسيطة [الدولار الأمريكي] التي فرضها نظام بريتون وودز”.
واعتبر أن التبادل التجاري بين روسيا والسودان بالروبل والجنيه، “سيساعد كثيرا على تفادي أزمات موازين المدفوعات وأزمات الديون الخارجية، ووفرة الواردات بالأسواق كما سيساعد في كسر القيود على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
كما لفت فهمي إلى أن “المقترح الروسي يساعد أكثر إذا ما تم ربط الجنيه السوداني بالذهب كما الروبل، حيث يمكن للدول شراء احتياجاتها بالذهب كما بعملتها الوطنية أيضا”.
وأشار إلى أن “السودان، وهو ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا، يمكنه أن يربط عملته بنسبة معينة بالذهب لدعم استقرار عملته محليا ودوليا، تحت ضغط مختلف الظروف، كما الروبل حاليا في الحرب غير المباشرة بين روسيا والغرب”.
وتابع فهمي أن “ربط الجنيه السوداني بالذهب، كان مقترحا من جانب بعض مسؤولي المالية الاتحادية السودانية لحكومة النظام البائد الفاشلة [نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير]، في أيار/مايو 2018”.
وأضاف: “تم تجديد هذا المقترح في آب/أغسطس من نفس العام، أي قبل الثورة الديسمبرية العظيمة ببلادنا [التي أسقطت نظام البشير عام 2019]، إلا أنه كالعادة وكما هو متوقع، فإن العقلية الاقتصادية والسياسية المتعجرفة أهملت المقترح”.
وأكد فهمي أنه “إذا كان هذا المقترح قد وجد فرصة للتطبيق، لكان أعطى السودان مرونة كبيرة في عملية التبادل التجاري، وأسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي بدون الحاجة للوقوع في فخ الديون الخارجية”.
واستطرد فهمي قائلا: “بالتالي، فإن التبادل التجاري مع روسيا سيكون قابلا للتوسع مع السودان أكثر من غيرهما بقواعد تعامل الدولتين بعملتيهما في التبادل التجاري”.
ومن ناحية أخرى، وحول قرار وزراء مالية مجموعة السبع بتحديد سقف لسعر النفط الروسي، قال فهمي إن القرار “قد لا يؤثر كثيرا على إيرادات روسيا من النفط، إذا ما وجدت مصارف [وجهات لبيع] نفطها بدول أخرى من دون الحاجة إلى عملات مجموعة السبع بما يمكنها من تجاوز العقوبات وللحد من، أو إبطال، مفعول قدرات المجموعة في السيطرة على دخول روسيا والدول الأخرى من عائدات صادراتها”.
وتابع فهمي: “يبدو أن الدول الرأسمالية ما زالت تعيش حالة الاستعمار القديم للدول المتخلفة اقتصاديا وعسكريا والتي تحررت سياسيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”.
وأعلن وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في مجموعة السبع، الجمعة الماضية، اتخاذ قرار بالإجماع بشأن فرض حد على سعر النفط الروسي.
ووفقا لما نقلته وكالة “كيودو” للأنباء، فقد أشار وزير المالية الياباني، شونيتشي سوزوكي، إلى أن سبب تحديد الحد الأقصى للسعر هو الحاجة إلى “الحد من دخل روسيا من مصادر الطاقة”.
وتابع الخبير الاقتصادي السوداني أن “السودان كما هو معروف لا يحتاج إلا لكميات مكملة لإنتاجه من الوقود والقمح المستورد، لكن قد يتضرر السودان من ارتفاع أسعار النفط العالمية”.
وأضاف: “فإذا استبعدنا نظام سعر الصرف المرن بين عملتي التداول الدولي بين السودان وروسيا، فإن شرط استقرار القوة الشرائية، سيظل شرطا ضاغطا لدعم سرعة التنمية والتقدم في البلدين”.
وعانى السودان على مدى عقود من مشكلات اقتصادية منذ عقود بسبب الحصار الأمريكي والعقوبات الأمريكية الأحادية، مما تسبب بنقص حاد في العملات الأجنبية ما أدى بدوره إلى نقص في الأدوية والمعدات الطبية والتقنيات المتعلقة باستخراج النفط والمعادن وأيضا المعدات الزراعية الحديثة، إلى جانب عدم قدرة السودان على تصدير منتجاته.
وتفاقمت الأزمة الاقتصادية مصحوبة بالفساد في المؤسسات الحكومية في أواخر العام 2018، فانطلقت احتجاجات شعبية واسعة في البلاد، إلى أن جرى عزل الرئيس السابق عمر البشير في 11 نيسان/أبريل 2019.
اقرأ أيضا: منتج تأميني يلغي شرط الكفيل في قروض التسليف الشعبي