هجوم استخباري إسرائيلي على سوريا
منذ اندلاع الأزمة في سوريا، وحصول الفوضى على أكثر من صعيد، لمست الجهات الأمنية الخاصة في الدولة السورية والقوى المساندة للنظام، تعاظم النشاط الأمني المعادي في أكثر من منطقة سورية. وكانت أصعب مهمة على الأجهزة الأمنية، التمييز بين عمليات التجنيد التي شملت مواطنين وموظفين وعسكريين من النظام لمصلحة دول تعمل على إسقاط النظام، وبين الذين تبين أن الاستخبارات الإسرائيلية هي من يقف خلف عمليات التجنيد لأجل القيام بجمع معلومات تخص مراكز عسكرية وأمنية ومدنية للنظام، وكذلك لقوات الحرس الثوري الإيراني ومراكز حزب الله في عدة مناطق من سوريا.
وإلى جانب التجنيد المباشر الذي شمل مواطنين في مناطق الجنوب المتاخمة للجولان المحتل أو القرى اللصيقة بالحدود الشرقية الجنوبية للبنان، كان لافتاً أن العدو لجأ أيضاً إلى استخدام الأزمة الاقتصادية في سوريا لاستخدام عدد من اللاجئين السوريين في أوروبا وبعض الدول العربية لأجل تجنيدهم مقابل إنجاز مهام بالتعاون مع أقاربهم أو أعوانهم داخل سوريا مقابل مبالغ مالية كان يجري تبرير وجودها بدعم المنظمات الإنسانية العالمية للسوريين المتضررين من الأزمة.
ومنذ أكثر من عامين، اعتقلت الاستخبارات السورية عدداً من المشتبه في تعاونهم مع العدو، سواء من عناصر عسكرية أو موظفين في الدولة أو مواطنين عاديين، بعد تعاون وثيق مع جهاز أمن المقاومة الإسلامية في لبنان. وبعد انكشاف شبكة التجنيد الكبرى بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي نهاية العام الماضي في لبنان، أمكن للأجهزة اللبنانية العثور على دلائل تشير إلى تجنيد سوريين موجودين داخل سوريا، وحصل تنسيق غير مباشر أدى إلى توقيف غالبية هؤلاء.
وتبين في وقت معين أن الاستخبارات الإسرائيلية عمدت إلى التركيز على تجنيد عملاء من أبناء مناطق الساحل السوري والذين ينتمون إلى الطائفة العلوية، لاعتقاد العدو بأن هؤلاء يتمتعون بحرية حركة أكبر داخل سوريا وداخل المؤسسات العسكرية والأمنية. وكان العمل الأمني من قبل النظام وحلفائه في سوريا قد تطور بصورة مختلفة بعدما لجأ العدو إلى تنفيذ أكثر من عملية أمنية داخل سوريا مستغلاً الفوضى القائمة من جهة، ومستفيداً من مساعدة أرضية وفرت من خلال عملاء محليين ناشطين، وقد وصلت جرأة العدو إلى حد قيام مجموعة كوماندوس منها بالانتقال إلى قلب العاصمة دمشق وخطف أحد الأشخاص قبل إعادة إطلاق سراحه بعد مدة في بلد أفريقي.
وقبل أسابيع، تبلغت السلطات السورية معلومات أولية عن الطبيب العميل، وبعد التدقيق في معطيات تم جمعها بطرق مختلفة، عمدت السلطات السورية إلى توقيف أفراد عائلة الطبيب السوري وآخرين من أصدقائهم وتم التحقيق معهم، وقد تبين أن والده وشقيقيه قد أقرا بالتعامل عن معرفة لاحقة، وأنهم وقعوا ضحية المغريات المالية من جهة، وأنهم كانوا يعتقدون أنهم يساعدون على تحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي في سوريا.
لكن المحققين السوريين واجهوا المعتقلين بمعطيات ووثائق جعلتهم يقرون بما قاموا به، وقد تم العثور على أجهزة كومبيوتر وهواتف وعلى مواد خاصة بعدد من الوزارات السورية بحوزة الموقوفين، خصوصاً أن المشغل الإسرائيلي كان يسعى إلى جمع كل الخرائط التي تعطيه فكرة على كل ما هو موجود تحت الأرض في العاصمة السورية ومحيطها، سواء بما خص شبكات المياه أو الصرف الصحي أو الهاتف أو الأسلاك الكهربائية وخلافه. بالإضافة إلى معطيات حول الجهات المسؤولة وأسماء المسؤولين عنها ومعطيات عنهم وبياناتهم الشخصية.
معلوم أن سوريا لم يسبق أن أعلنت رسمياً عن هذه التوقيفات أو غيرها، والمصادر الرسمية فيها لا تعلق على هذه الأخبار، لكن الأكيد أن السلطات السورية أقامت محاكمات عسكرية للعملاء الذين أدينوا بالتعامل مع العدو، وطبقت بحقهم العقوبات المنصوص عنها في القانون السوري والتي تقضي في غالبية الحالات الشبيهة بالإعدام شنقاً أو رمياً بالرصاص.
الأخبار