وسط تحذيرات أممية… ما إمكانية عودة الصراع المسلح إلى سوريا مرة أخرى؟
في وقت نجحت فيه الدولة السورية في استعادة السيطرة على الكثير من أراضيها، حذرت الأمم المتحدة من خطر تصاعد الصراع الدامي في سوريا بعد اندلاع جبهات قتال عدة في أنحاء متفرقة من البلاد خلال الأشهر الأخيرة.
وحذرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا من الأوضاع في البلاد، وقال رئيس اللجنة باولو بينيرو إن المواطنين في سوريا يواجهون صعاب متزايدة و”لا تطاق” ويتحملون تبعات الصراع الطويل، مضيفا أن الملايين يعانون ويموتون في مخيمات النزوح، في الوقت الذي تنقص فيه الموارد بشدة ويستنزف المانحون.
وأكد مراقبون أن الصراعات في سوريا لا تزال مستمرة، رغم جهود الحكومة لإعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية، معتبرين أن زيادة الدعم الدولي للإرهابيين قد تصعد الأمور مرة أخرى، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية.
عودة ممكنة
اعتبر غسان يوسف، المحلل السياسي السوري، أن تحذيرات الأمم المتحدة من عودة العنف إلى سوريا تجاهلت الأسباب التي قد تدفع لتأجيج الحرب مرة أخرى، لا سيما في ظل الاحتلال الأمريكي والتركي ووجود منظمات إرهابية راديكالية مدعومة من القاعدة، ومناطق تسيطر عليها جبهة النصرة، والاغتيالات في درعا المدعومة من الخارج.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك”، فإن الدولة السورية تحاول بكل قوتها بسط الأمن والأمان، وتحسين الوضع المعيشي للمواطن السوري، لكنها تصطدم بالحصار الاقتصادي ونهب ثروات سوريا، والقصف الإسرائيلي المستمر للمطارات والموانئ، وهو ما لم تشر إليه الأمم المتحدة في تقريرها.
وتابع: “تحذيرات الأمم المتحدة عن عودة العنف يجب أن تقترن بأسباب منطقية، هل بسبب وجود قوى خارجية أمريكية وتركية وإسرائيلية ومنظمات إرهابية ومقاتلين أجانب وخلايا نائمة في سوريا التي تحولت إلى ملاذ للمجموعات الإرهابية العالمية وعلى رأسها القاعدة، فأين قتل البغدادي والقرشي؟ في إدلب”.
وأوضح يوسف أن تصاعد العنف في سوريا ممكن في حال كان مدعوما من أطراف خارجية، وتحريك المجموعات الإرهابية في المناطق التي تقع خارج سيطرة الدولة، وكان هناك دعم لأطراف ضد الدولة السورية، من الطبيعي أن يحدث ذلك، أما في حال كان هناك اتفاق سياسي بين الدول على تقديم الدعم للدولة السورية في مواجهة كل هذه المخططات فسيعود الأمان للدولة والمواطنين.
صراعات محلية
بدوره استبعد فريد سعدون، المحلل السياسي السوري، فكرة عودة الحرب بمفهومها الشامل في سوريا، حيث رأى أنه لا يمكن للأطرف المتصارعة الدخول في حرب مفتوحة جديدة، لكنه أكد أن هناك مؤشرات يمكن أن تؤدي إلى صراعات مناطقية أو محلية، قد تأخذ طابعا عسكريا، وأكثرها على الأرجح ستكون حروب عصابات.
وقال في حديثه لـ”سبوتنيك”: “عندما تشعر الولايات المتحدة الأمريكية بعودة الجيش السوري للسيطرة على معظم الأراضي، أو أن هناك تقاربا تركيا سوريا لا يخدم أجندتها في المنطقة، فمن الممكن أن تدعم وتفسح المجال لهذه التنظيمات بالعمل مجددا، وبمجرد البدء ستشتعل سوريا من جديد، ولا يمكن إهمال انخفاض مستوى الدعم التركي لقوات المعارضة، وعندما تشعر هذه القوات بذلك قد تلجأ إلى افتعال الصراعات من جديد لتدفع الدول المتداخلة في الشأن السوري إلى إعادة حساباتها”.
وأوضح أن هناك سببا جوهريا أيضا في ذلك الصدد، وهو التدهور الاقتصادي، فلو بسطت الدولة سيطرتها على كامل الأراضي السورية وهو أمر مستبعد حاليا كون أمريكا متواجدة في المنطقة، فهناك شبه انهيار اقتصادي بسبب فقدان المواد الغذائية والوقود والجفاف وأزمات المياه والكهرباء، وهي ما قد تؤدي إلى قلاقل ممكن أن تتحول إلى تظاهرات ومن ثم فعاليات عسكرية.
ورأى سعدون أن الحرب المفتوحة غير واردة، ولكن هناك حروب محلية صغيرة، وهجمات قد تزداد في الفترة القادمة وتؤثر بشكل سلبي على سوريا، لا سيما وأن الوضع يسير باتجاه الاستقرار، وإعادة تفعيل هذه الصراعات ستؤدي بسوريا إلى أزمة جديدة.
وشدد تقرير لجنة التحقيق الدولية على أن “سوريا لا تستطيع تحمّل العودة إلى القتال على نطاق واسع، ولكن هذا هو القدر الذي تتجه إليه”.