أظهرت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية الإيطالية تحقيق حزب “فراتيلي ديتاليا” (إخوة إيطاليا) ذي الجذور الفاشية الجديدة بزعامة اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني فوزا تاريخيا بحسب النتائج الأولية التي ترجح حصول التحالف اليميني الذي تتزعمه ميلوني على أغلبية قوية في البرلمان، الأمر الذي من شأنه أن يلقي بظلاله على الاتحاد الأوروبي.
وفي انتخابات الأحد، صوّت 63.9 بالمئة فقط من الإيطاليين الذين لديهم حق الانتخاب، بينما جمعت الانتخابات العامة لعام 2018 73.04 بالمئة من الناخبين.
وقالت اليمينة ميلوني إنها تأسف “لرموز الامتناع عن التصويت”، مشيرة إلى أن “التحدي الآن هو جعل الناس يؤمنون بالمؤسسات مرة أخرى؛ لا يزال الكثير من الإيطاليين يختارون عدم الثقة بهم. يجب أن نعيد بناء العلاقة بين الدولة والمواطنين”.
ويعني فوز حزب ميلوني بالانتخابات التشريعية أن مرشحة اليمين المتطرف من المرجح أن تكون رئيسة وزراء إيطاليا المقبلة، فيما اعترف الحزب الديمقراطي الذي يمثل يسار الوسط بهزيمته في هذه الانتخابات وأكد أنه سيكون أقوى قوة معارضة في البرلمان.
وعليه، ستقود ميلوني أكثر الحكومات يمينية في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية، التي من المنتظر أن تضم كلا من حزب ليغا (الرابطة) اليميني بزعامة ماتيو سالفيني، والذي يتحالف مع حزب الهوية والديمقراطية اليميني المتطرف. على المستوى الأوروبي، وحزب فورزا إيطاليا الذي يمثل يمين الوسط بزعامة سيلفيو برلسكوني، عضو حزب الشعب الأوروبي.
وبالنسبة لمجلس النواب، حصل حزب “إخوة إيطاليا” على ما يقارب 25.3 بالمئة من الأصوات، بزيادة مذهلة قُدرت بـ20.9 نقطة مقارنة بانتخابات 2018.
فيما فاز فريق “ليغا” بنسبة 8.5 بالمئة من الأصوات، مقارنة بـ17.4 بالمئة في عام 2018، مقابل تحقيق حزب “فورزا إيطاليا” الذي يقوده رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني لأسوأ نتيجة انتخابية، حيث فاز بنسبة 7.5 بالمئة فقط، أي حوالي نصف ما تم الحصول عليه في عام 2018.
كما تم انتخاب برلسكوني في مجلس الشيوخ بعد تسع سنوات من طرده في عام 2013 بعد إدانته بالتهرب الضريبي.
واليمينية جورجيا ميلوني هي أيضًا رئيسة حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين في البرلمان الأوروبي، الذي ينتمي إليه حزبها “إخوة إيطاليا”.
ثالث أكبر كتلة أوروبية
وإذا أصبحت ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا المقبلة، فإن عائلتها السياسية ستصبح عندئذ ثالث أكبر كتلة من حيث عدد النواب بعد الديمقراطيين الاشتراكيين (S&D) والليبراليين (تجديد أوروبا) في المجلس الأوروبي.
وهذا من شأنه أن يمثل تحولا كبيرا في ميزان القوى داخل الهيئة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي، والمكونة من رؤساء الدول والحكومات.
المعارضة
وسيجد أحزاب الوسط واليسار أنفسهم على مقاعد المعارضة بعد هذه الانتخابات، حيث فاز تحالف PD-IDP الذي يقوده يسار الوسط (الحزب الديمقراطي – إيطاليا الديمقراطي والتقدمي) بنسبة 19.5 بالمئة، وهو بالكاد أفضل من نتائجه في عام 2018، عندما حصل على 18.8 بالمئة من الأصوات.
كما شهدت حركة الخمس نجوم تراجعا حيث فقدت حوالي نصف أصواتها بتحقيق 16 بالمئة فقط، فيما فاز التحالف الليبرالي بنسبة 7.5 بالمئة. وحصل التحالف اليساري والبيئي على حوالي 4 بالمئة؛ أما الحزب “الليبرالي + أوروبا” فحصل على 3 بالمئة.
ولم يفز حزب Italexit، المستوحى من الحزب البريطاني UKIP والمؤيد لخروج إيطاليا من الاتحاد الأوروبي، بأي مقاعد بنسبة 2 بالمئة فقط من الأصوات.
قلق أوروبي
ويثير فوز حزب جورجيا ميلوني مخاوف داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي تخشى أن ترى القوة الأوروبية الثالثة تهز التوازن الهش للـ 27 عضوا، إلا إذا تم تجاوز الحزب الفاشي الجديد ببراغماتية ضروريةـ خصوصا بعد فوز اليمين المتطرف بالانتخابات في السويد قبل عشرة أيام.
ومنذ استقالة ماريو دراجي قبل شهرين، أصيب القادة الأوروبيون بالذهول من الصعود الحتمي للمرشح اليميني المتطرف في نوايا التصويت.
وفي وقت سابق، قال زعيم الديمقراطيين في إيطاليا إنريكو ليتا إنه يعتقد أن ميلوني “تريد تدمير الاتحاد الأوروبي من الداخل”، معتبرا أن “انتخابها سيكون هدية لموسكو”.
مصدر آخر لقلق الأوروبيين هم أصدقاء هذا الحزب سيلفيو برلسكوني وماتيو سالفيني، الذين طالبوا “باعتذار أو استقالة” أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، التي ذكرت عقوبات محتملة “إذا كانت الحكومة المقبلة ستقوض المبادئ الديمقراطية الأساسية في أوروبا”.
وتنبأت مواقف جيورجيا ميلوني بشأن الهجرة والإجهاض بوقوع اختلافات كبيرة بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، حيث يمكن لإيطاليا أن تقترب أكثر من المجر وبولندا في هذه القضايا، الأمر الذي دفع رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن إلى التشديد على “احترام” حقوق الإنسان والإجهاض في إيطاليا.
بوتين
وعلى المستوى الدبلوماسي، يخطط البرنامج المشترك للتحالف المنتصر لاحترام الاتفاقيات الدولية لإيطاليا من خلال البقاء في الناتو أو من خلال دعم أوكرانيا، بحسب الخطاب الرسمي طوال الحملة الانتخابية، ما لم يغير حلفاؤه – ماتيو سالفيني وسيلفيو برلسكوني – موقفهم لصالح روسيا.
وفي مقابلة أجريت يوم 22 أيلول/ سبتمبر على قناة “رايونو”، تناول سيلفيو برلسكوني العناصر اللغوية للكرملين من خلال استحضار “عملية خاصة”، بدلاً من “الحرب”، كما اعتبر أن فلاديمير بوتين “أراد فقط استبدال فولوديمير زيلينسكي بحكومة من الشرفاء”.
الملف الاقتصادي
كما تثير القضايا الاقتصادية المخاوف الأوروبية، حيث يصل الدين الإيطالي إلى 150 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي.
وعلى الرغم من هذه الديون، يخطط الائتلاف لخفض الضرائب وزيادة الإنفاق العام. ومع ذلك، هناك خطر ضئيل من أن الأغلبية في السلطة سوف تشكك في خطة التعافي بعد جائحة كورونا لأن هذه الخطة، المدفوعة على أقساط، يتم تخصيصها فقط بشرط أن تحترم الدول الأعضاء التزاماتها. لكن يبدو من غير المحتمل أن تحرم إيطاليا نفسها من 140 مليار يورو التي لا يزال يتعين عليها تحصيلها من الاتحاد الأوروبي.
عربي 21
اقرأ ايضا: أزمة فقدان أدوية السرطان تعود إلى الواجهة.. ووزارة الصحة لا تجيب!