الجمعة , نوفمبر 22 2024

السوريات يحفظن أمومتهن المؤجلة بـ “تجميد البويضات”

السوريات يحفظن أمومتهن المؤجلة بـ “تجميد البويضات”

(أمل.. سامية.. رؤى) ثلاث فتيات عازبات جمعتهن الصدفة والدافع المشترك في مركز لمعالجة العقم والإخصاب، من أجل تجميد بويضاتهن خوفًا من حرمانهن الأمومة حال تزوجن في المستقبل.
الحرب الدامية على سوريا هجّرت آلاف الشباب ممن هم في عمر الزواج، ومع ما تلاها من حصار اقتصادي غربي خانق كرس أوضاعا اقتصادية سيئة للغاية، ارتفعت نسب العنوسة إلى 70% في هذا البلد العربي، الأمر الذي دفع الفتيات إلى عمليات (تجميد البويضات) كاحتراز محفوف بالخوف من حرمانهن (الأمومة)، حال تأخر زواجهن إلى ما بعد سن اليأس.
رغم أن الفكرة برمتها ما زالت محل تجاذب اجتماعي في سوريا، إلا أن الإحصاءات المتوافرة تؤكد تضاعف عدد المقبلات على تجميد البويضات بنحو 6 مرات بعد الحرب، عنها قبلها.

ويُعرَّف تجميد البويضات طبيًا بأنه تحريض إباضة، وسحب بيوض عن طريق البطن للفتيات العازبات، ثم تجميدها بمادة النيتروجين التي تحفظها لسنوات طويلة من دون الحاجة لعمل جراحي كبير، فقط إبرة تحت التوجيه بالإيكو، ثم فك التجميد، متى رغبت الفتاة باستخدامها بعد زواجها، ليتم خلالها تلقيحها مع نطاف الزوج.

حلم الأمومة
تقول أمل (41 عاماً) لـ “سبوتنيك”: “لم يأت نصيبي حتى الآن، الأمر الذي جعلني أعيش في قلق دائم خوفا من حرماني شعور الأمومة. حتى سمعت بعمليات تجميد البويضات، وبالرغم من معارضة والدتي لهذا الأمر الذي اعتبرته غريبا على مجتمعنا، إلا أنني اتخذت القرار وأتيت إلى المركز وقررت إجراء العملية”.
أما سامية (22 عاماً) فتقول: “نخطط أنا وأهلي للسفر والاستقرار خارج سوريا، وعلى الرغم من صغر سني، إلا أنه لا أحد يعلم ماذا تخبئ له الظروف، وأنا أريد أن أحقق حلمي بالأمومة”.

وتقول رؤى (37 عاماً): “اضطر خطيبي للسفر إلى أوروبا، ولا أعلم متى يمكننا أن نجتمع لنتزوج.. ولخوفي من حرماني الأمومة، وخاصة أنني أتقدم بالعمر وهذا الشيء سيؤثر على الخصوبة، لذا كان يجب التوجه إلى المركز للاستفادة من تقنية تجميد البويضات”.
30 عملية خلال العام
ولأهمية هذه الظاهرة والبحث في تفاصيلها، كان لـ “سبوتنيك” زيارة إلى مركز الإخصاب المساعد في مشفى الرشيد في دمشق ولقاء اختصاصي العقم وأطفال الأنابيب الدكتور رامي عبيد الناصر، الذي أكد في حديث خاص مع “سبوتنيك”، ازدياد عدد الفتيات المتقدمات إلى المركز لتجميد البويضات والذي يعود لزيادة الوعي بسبب “السوشال ميديا” والبحث عبر محركات البحث حول هذا الموضوع.

ويقول الناصر إن “أول عملية تجميد بويضات في المركز على مستوى سوريا بدأت في عام 2009… وعندها كان يرتاد المركز حوالي 5 فتيات خلال العام ليقمن بتجميد بويضاتهن، ولكن الآن يأتي تقريبا أكثر من 30 فتاة خلال العام، نتيجة زيادة الوعي والخوف من تأخر سن الزواج وعدم الإنجاب”.

شرائح جديدة
وعن سؤاله هل يوجد شرائح جديدة انضمت للمهتمين بعمليات تجميد البويضات، يجيب الناصر: “نعم يوجد، كنا نقوم بعمليات التجميد لمن يتعرضن للأشعة والمواد الكيماوية بسبب مرض السرطان أو الأمراض المناعية الأخرى، ولكن الآن الشريحة الجديدة التي أصبحت ترتاد المركز هي العازبات المتأخرات في الزواج أو اللاتي تخطين سن الثلاثين”، مشيراً إلى أن “أكثر فئة تقوم بهذه العملية هي فئة المتأخرات في الإنجاب وعمرهن فوق الـ 35 عاماً”.
الكلفة من 5 إلى 6 مليون
ويستكمل الناصر حديثه: “تجميد البويضات هي عبارة عن عملية تحريض إباضة من خلال أدوية قد تصل أسعارها لحدود 3 ملايين ليرة مع سحب البيوض ومن ثم تجميد البيوض الناضجة مباشرة خلال اليوم نفسه.. تقديرياً تصل التكلفة النهائية بين 5 _ 6 مليون، بحسب ما تستهلك كل مريضة من الأدوية”.

نسبة النجاح
يؤكد الناصر أنه “لا يوجد شيء اسمه نسبة نجاح، فكل عمر له دور.. فعمر 28 عاماً وما دون تكون نسبة النجاح حوالي 55% وهذا يكون بعد الزواج وفك البيوض، فكل ما زاد عدد البويضات تكون نسبة النجاح أكبر، فكل ما كان عدد البيوض المجمدة أقرب إلى 12 بويضة تكون نسبة النجاح أكبر.. أما إذا كان عمر المريضة فوق 40 عاماً فنسبة النجاح لا تتجاوز الـ 15%”.
موضوع شائك

بدوره، يقول الدكتور هيثم عباسي، الأستاذ في كلية الطب في جامعة دمشق والمشرف على معالجة العقم وطفل الأنبوب لـ “سبوتنيك”: “إلى الآن طرح موضوع تجميد البويضات يسبب مشاكل اجتماعية للفتاة، بالإضافة لتكلفته المادية العالية نسبيا مقارنة مع الأوضاع الاقتصادية السيئة في البلاد”.

ويتابع عباسي، متسائلا: “إذا تم تجميد البيوض ولم تتزوج الفتاة هل ستلجأ إلى إلقاح البيوض من متبرع للنطاف؟”، لافتا إلى أنه “إذا أعطيت هذه البيوض لفتاة أخرى فهذا غير مسموح لا شرعا ولا أخلاقيا ولا اجتماعيا”.