السبت , نوفمبر 23 2024
«لعنة العقد الثامن»: قصة النبوءة الإسرائيلية التي تثير الخوف

«لعنة العقد الثامن»: قصة النبوءة الإسرائيلية التي تثير الخوف

«لعنة العقد الثامن»: قصة النبوءة الإسرائيلية التي تثير الخوف

بينما يحتفل الإسرائيليون في مايو (أيار) 2022 بذكرى مرور 74 عامًا على تأسيس دولتهم القائمة على الأراضِي الفلسطينية المُغتَصبة (ذكرى النكبة)، تطرق عدد من مسؤوليهم إلى ما يعرف بـ«لعنة العقد الثامن» وقرب زوال إسرائيل خلال السنوات القادمة، قبل أن تكمل 80 عامًا. فما هي لعنة العقد الثامن؟ ولماذا يؤمن بها الإسرائيليون؟ وكيف يرى ساستهم ومفكروهم مستقبل دولتهم، وما علاقة هذه اللعنة بنبوءة الشيخ أحمد ياسين، وكيف يستعد الفلسطينيون لهذه المرحلة؟

«لعنة العقد الثامن»!

ببساطة شديدة يعتقد الكثير من الإسرائيليين أن عمر دولتهم لن يدوم أكثر من 80 عامًا، ويعني هذا أن إسرائيل التي تأسست في 14 مايو عام 1948 بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين واحتلال الأرض العربية، في طريقها إلى الزوال قبل عام 2028. يجيء هذا الاعتقاد بسبب ما أثبته التاريخ من أن الدولتين اليهوديتين السابقتين (مملكة داود وسليمان، ومملكة الحشمونائيم)، لم تصمد أي منهما أكثر من 80 عامًا، لذا يسود اعتقاد بين اليهود أن دولتهم الثالثة القائمة حاليًا على الأراضي الفلسطينية المحتلة قد اقترب زوالها.

النبوءات الإسرائيلية «إستراتيجية خبيثة»

تناول الأكاديمي، والمفكر، وأستاذ السياسة، وتاريخ الفكر العربي الحديث في جامعة كولومبيا، جوزيف مسعد، إمكانية زوال إسرائيل في المستقبل القريب، في مقال له نشره موقع «عربي 21»، موضحًا أن «زوال إسرائيل» أمر يثير رعب القوى الاستعمارية الغربية التي تسعى بكل طاقتها لضمان بقاء إسرائيل، كما أصبح يثير رعب الإسرائيليين أنفسهم.

 

يرى مسعد أن هذا الرعب ومخاوف «لعنة العقد الثامن»، إنما يرجع إلى الخوف من تكرار التاريخ نفسه؛ لأن اسم دولتهم جاء على اسم مملكة إسرائيل القديمة، وهو ما يعد أحد أسباب المقارنة بين مصير المملكة العبرانية القديمة والمستعمرة الاستيطانية الحالية. ويوضح مسعد في مقاله أن تسمية الدولة الاستيطانية الحالية كان نتيجة نقاش بين المستعمرين اليهود والاختيار من عدة أسماء منها: يهودا، وصهيون.

ويُرجح مسعد أن بث ونشر هذه النبوءات الإسرائيلية التي تقول بقرب زوال إسرائيل، تعد جزءًا من إستراتيجية خبيثة لإثارة الرعب بين المستعمرين اليهود في إسرائيل، لمنع المعارضة المحلية، ودفع المستوطنين للالتفاف حول دولتهم، كما أشار إلى أن إثارة مثل هذه النبوءات في الغرب يضمن بقاء واستمرار الدعم المالي، والعسكري، والدبلوماسي لإسرائيل.

أحمد ياسين: 2027 ستأتي ولن يكون لإسرائيل أي وجود

مسألة قرب زوال إسرائيل ليست أمرًا يهوديًا بحتًا، فخلال حديثه في برنامج «شاهد على العصر» على قناة الجزيرة عام 1999، قال الشيخ أحمد ياسين مؤسس «حركة المقاومة الإسلامية (حماس)»: إن إسرائيل في طريقها إلى الزوال، وستكون نهايتها في الربع الأول من القرن الواحد والعشرين»، مشيرًا إلى أن إسرائيل لن تكون موجودة في عام 2027.

واستند الشيخ أحمد ياسين في كلامه على استشفاف قرآني، بأن الأجيال تتغير كل 40 سنة، وأوضح أن الأربعين عامًا الأولى لإسرائيل (1948 وقت إعلان قيام دولة إسرائيل وحتى عام 1987) كانت سنوات نكبة ودمار، وأما الأربعون الثانية (تبدأ من الانتفاضة الأولى في أواخر 1987 وحتى 2027) فهي سنوات مواجهة وتحدي، وتنبأ بأن تكون نهاية إسرائيل في بداية الأربعين الثالثة على يد ما أسماه «جيل التحرير».

نبوءات بسام جرار الرقمية وزوال إسرائيل

في السياق نفسه يخالف الشيخ بسام جرار، المفكر والباحث الفلسطيني، ومؤلف كتاب «زوال إسرائيل 2022 نبوءة أم صدف رقمية»، والذي يوثق فيه أبحاثه عن الإعجاز العددي في القرآن؛ ما قاله الشيخ أحمد ياسين. مشيرًا إلى نبوءة ياسين لم تقم على بحوث ولا تستند إلى دلالات قرآنية أكثر من سنوات تيه بني إسرائيل الأربعين، مؤكدًا أن أبحاثه تشير بنسبة تصل إلى 95% إلى أن زوال إسرائيل وسقوط عاصمتها، سيكون في عام 2022.

وقد اعتمد جرار في «نبوءته الرقمية» بشأن زوال إسرائيل على سورة الإسراء من الآية الرابعة إلى السابعة، وقال إن سورة الإسراء تسمى سورة بني إسرائيل، موضحًا أن عدد كلمات النبوءة في السورة 1443. وأنه بجمع عمر بني إسرائيل كما في التوراة (76 عامًا) مضافًا إليه عام قيام دولة إسرائيل (1367 هجريًا)، فإن زوال إسرائيل سيكون في عام 1443 هجريًا. كما يؤكد بحساباته المعتمدة على عدد الحروف وأرقام الآيات أن زوال إسرائيل سيكون عام 2022، والذي يقابله عام 1443 هجريًا.

الساسة الإسرائيليون و«لعنة العقد الثامن»
يتناول العديد من الساسة الإسرائيلين «لعنة العقد الثامن» في أحاديثهم السياسية وتصريحاتهم، مؤكدين على أن توحد الشعب الإسرائيلي والابتعاد عن الفرقة، هو فقط ما يضمن استمرار دولتهم وكسر اللعنة.

إيهود باراك: التهديد الحقيقي يكمن في الانقسام الداخلي

«بوحدتنا فقط سننتصر»

كان هذا عنوان المقال الذي كتبه رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود باراك في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية يوم 4 مايو 2022، والذي أعرب فيه عن قلقه من قرب زوال إسرائيل قبل إكمال عقدها الثامن، وعلل ذلك بأن التاريخ اليهودي لم يشهد على تعمير دولة يهودية أكثر من 80 عامًا إلا في فترتين فقط؛ فترة دولة الملك داود، وفترة الحشمونائيم، وكلتا الفترتين كانت بداية تفككهما في العقد الثامن.

وأشار باراك في مقاله إلى أن لعنة العقد الثامن لا تخص الدولة اليهودية فحسب، وإنما أصابت أمريكا في عقدها الثامن بنشوب الحرب الأهلية، كما تحولت إيطاليا إلى دولة فاشية في عقدها الثامن، وكذلك فقد تحولت ألمانيا إلى دولة نازية أيضًا في العقد الثامن؛ مما تسبب في هزيمتها في الحرب العالمية وتقسيمها.

ويرى باراك أن الحل اللازم لمنع هذه اللعنة يكمن في وحدة الإسرائيليين ونبذهم للكراهية والتعصب فيما بينهم، موضحًا أن انقسامهم الداخلي، وتنامي الكراهية فيما بينهم هي ما قد يؤدي إلى حلول اللعنة، وليس صواريخ الفلسطينيين، ولا «حزب الله»، ولا محاولات إيران الانتشار في مرتفعات الجولان.

نفتالي بينيت: قوة إسرائيل أعظم من قوة كل أعدائها

«إذا لم نكن معًا، فلن نكون على الإطلاق»

هذا أبرز ما جاء في الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت خلال إحياء يوم ذكرى قتلى إسرائيل في 3 مايو. أثناء الخطاب أشار بينيت إلى أن اليهود لم تتمكن من الإبقاء على دولة موحدة من قبل بسبب الكراهية الداخلية. ثم أوضح بينيت أن إسرائيل على أتم الاستعداد لمواجهة التهديدات جميعها، وأن قوة إسرائيل أعظم من قوة كل أعدائها، حذّر من التفكك الداخلي والكراهية الأخوية التي كانت سببًا في تشتت شعبهم.

بيني غانتس: إسرائيل ما بين غديرا والخضيرة

خلال اجتماع حزب أزرق أبيض قرأ وزير حرب دولة الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، رسالة على تطبيق «واتساب» تتحدث عن زوال إسرائيل، وسيطرة العناصر العربية على دولة الاحتلال. مشيرًا إلى أن «من كتب الرسالة على حق، وأن مستقبل الدولة اليهودية قد ينتهي بين غديرا وخضيرة»، على حد تعبيره.

ونتنياهو يجتهد لتكمل إسرائيل عامها المائة

قبل ما يقرب من خمس سنوات، وتحديدًا في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي – آنذاك – بنيامين نتنياهو، من المخاطر التي تواجه إسرائيل، وشدد على ضرورة مواجهة الدولة للتهديدات حتى تتمكن من الاحتفال بعيد استقلالها المائة.

وخلال حديثه أشار نتنياهو إلى مملكة الحشمونائيم التي نجت قرابة 80 عامًا، وأنه يسعى ويجتهد لكي تبلغ إسرائيل عامها المائة. وقد تأسست مملكة الحشمونائيم في المنطقة عام 140 قبل الميلاد بعد تمرد الحشمونائيم، وانتهت باحتلال الإمبراطورية الرومانية للمنطقة عام 63 قبل الميلاد.

مؤرخون إسرائيليون تنبأوا بقرب زوال إسرائيل أيضًا

التنبؤ بقرب زوال إسرائيل لا يقتصر على ما تنبأ به الساسة من لعنة العقد الثامن فحسب، ولكن على ما يبدو أن المؤرخين والساسة السابقين قد تنبأوا بقرب زوال إسرائيل لأسباب أخرى. فوفقًا لما نُشر عبر موقع «الجزيرة» عام 2019، فقد رسم المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس صورة قاتمة لنهاية إسرائيل.

ينتمي موريس إلى حركة المؤرخين الجدد، الذين اعترفوا بما ارتكبته الصهيونية من جرائم ضد الشعب الفلسطيني، بالرغم من أنه لا يرى بأس في التطهير العرقي، وقيام إسرائيل بكل ما يلزم لحماية كينونتها. ويرى موريس أن دولة إسرائيل لا مستقبل لها، ويعزي السبب إلى أن العرب أكثر عددًا من اليهود في المنطقة بين الأردن والبحر المتوسط، وأن لهذه الغلبة العددية نتيجة حتمية، ألا وهي أن الدولة ستكون ذات أغلبية عربية، وحينها سيطالب العرب بعودة اللاجئين، ويصبح اليهود أقلية مضطهدة حينئذ. ويرى موريس أن نهاية دولة إسرائيل ستكون خلال 30 إلى 50 عامًا، وهو ما يخالف لعنة العقد الثامن.

والتنبؤ بزوال إسرائيل ليس بعيدًا عن الكنيست الإسرائيلي؛ إذ يعتقد السياسي أفراهام بورج رئيس الكنيست الإسرائيلي لأربع سنوات أن الكيان بنبذه للديمقراطية، وإهداره للقيم الإنسانية فإنه يعجل بنهايته. وقد نشر بورج كتابًا عام 2007 بعنوان «الانتصار على هتلر»، وذكر فيه أن الكيان يشبه حال ألمانيا النازية قبل زوالها.

كذلك فقد رأى الجنرال المتقاعد شاؤول أر إيلي في مقال له في «صحيفة هآرتس»، إن الحركة الصهيونية فشلت في إقامة دولة إسرائيلية بأغلبية يهودية، وأن الوقت ليس في صالح إسرائيل بحسب ما جاء في موقع رأي اليوم. كذلك، فقد رأى المحلل الإسرائيلي آري شافيط إن الدولة اجتازت نقطة اللاعودة، وتلفظ أنفاسها الأخيرة، وأن الإسرائيليين هم ضحية كذبة الحركة الصهيونية التي أتت بهم إلى أرض فلسطين، وأن الوقت قد حان للرحيل.

حاخامات «ناطوري كارتا».. يرفضون دولة إسرائيل

في حين يُصدر حاخامات اليهود في إسرائيل فتاواهم بقتل الفلسطينيين المدنيين والأطفال، هناك حاخامات آخرون يعارضون قيام دولة إسرائيل من الأساس؛ ففي إحدى حلقات برنامج «بلا حدود» التابع لقناة الجزيرة الذي أذيعت عام 2014، قال الحاخام يزرائيل ديفيد وايز، الناطق الرسمي باسم الجماعة اليهودية «ناطوري كارتا»، أو حراس المدينة، وهي منظمة يهودية دينية تعادي الصهيونية، وتعارض قيام دولة لليهود؛ إن الدولة الصهيونية غير شرعية بحسب تعاليم اليهودية، وتعد تمردًا على أوامر الله، وأن مجرد وجودها «شر» وعصيان لله.

مشيرًا إلى أن اليهود أقاموا وطن على أرض مسكونة لآخرين، مشيرًا إلى أنهم حتى لو كانوا أقاموا دولتهم في أرض لا يسكنها أحد، فهو أيضًا أمر محرم. وأوضح الحاخام خلال الحلقة أن الله كتب عليهم في التوراة منذ تدمير المعبد ثلاثة أشياء، وهي:

ألا يخلقوا أية سيادة في أي مكان، وألا يتمردوا ضد الدول التي يقيموا فيها.

لا يعودوا بأعداد كبيرة إلى أرض الميعاد.
ألا يتركوا الشتات الذي كتب عليهم.

ويؤمن أعضاء «ناطوري كارتا» أن مؤسسي الصهيونية مهرطقين وبعيدين عن الدين؛ لأنهم كانوا يريدون إقامة الدولة اليهودية في أي مكان، وكانوا في البداية، يريدون أوغندا أو بتاجونيا، لكن من أجل الحصول على الدعم من اليهود الجاهلين بالتوراة فقد وضعوا واجهة دينية مزيفة بإقامة دولة على أرض الميعاد، وقالوا إن هذا أمر الله بالعودة إلى أرض فلسطين، وهو ما يعد فهمًا خاطئًا للتوراة، بحسب ما قال ديفيد وايز.

كما أوضح الحاخام أن أرض فلسطين حق للفلسطينيين بأكملها، ولا يحق للصهاينة أن يقيموا فيها، وهو ما أكده الحاخام بيك، أحد قيادات حركة ناطوري كارتا، موضحًا أن حق الفلسطينيين من النهر إلى البحر. أما فيما يتعلق بموعد زوال إسرائيل في عام 2022 فقد صرح الحاخام أن هناك نبوءات وعلامات ستظهر للجميع، وستكون حينها نهاية العالم، ولكن لا أحد يعلم متى يحدث.

وعمر إسرائيل 76 عامًا في التوراة

كشف المؤرخ الفلسطيني عدنان أبو تبانة خلال حديث له مع موقع «سند» للأنباء أن عمر الدولة العبرية في نبوءات التوراة 76 عامًا فقط، وفقًا لما ورد في النصوص القديمة لحاخامات اليهود الأرثوذكس، وأن آخر زعيم لها هو «عطاء الله»، والذي يعني بالعبرية نتنياهو.

وبينما تعتبر الطوائف اليهودية الأرثوذكسية قيام دولة اليهود خطيئة، وتعديًا على أوامر الله، جاءت الحركة الصهيونية مستغلة إشارة في سفر التكوين في العهد القديم لقيام الدولة اليهودية، فأقامت دولة دينية على حساب الفلسطينيين.

المقاومة الفلسطينية واستعدادات المعركة الأخيرة

في السياق ذاته، واستعدادًا للمعركة الأخيرة، بحسب ما جاء في موقع الميادين، فإن معركة «سيف القدس» التي وقعت العام الماضي في غزة، قد أشعلت لدى المقاومة الفلسطينية جذوة التفاؤل، وهو ما كان واضحًا في خطاباتهم في «يوم القدس العالمي» الأخير الذي أقيم في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان.

ووفقًا للموقع قال الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» في فلسطين زياد النخالة: «إن قوى المقاومة تزداد يقينًا بالنصر»، وقال قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار: «على الجميع التهيؤ لمعركة كبرى من أجل الأقصى، معركة زوال إسرائيل»، وتستند المقاومة على قرب زوال إسرائيل، إلى الوعد القرآني بقدوم اليهود إلى أرض فلسطين، ووعد الله بالنصر، وهزيمة بني إسرائيل في النهاية «وعد الآخرة».

ساسة بوست-زهراء أبو العنين

اقرأ ايضاً:أردوغان يقول أن أكثر من نصف مليون لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم “طوعاً”