بات الحديث عن السلاح النووي والخشية من استعماله دارجا على لسان المسؤولين السياسيين والعسكريين، بل إن الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث عن سيناريو “نهاية العالم”، بسبب تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستعمال السلاح النووي.
وزادت حدة المخاوف من استعمال السلاح النووي بعد تحريك روسيا القطار النووي في اتجاه الحدود الأوكرانية، واختفاء غواصة “يوم القيامة” التي تعتبر أكبر غواصة نووية في العالم. في المقابل طلبت بولندا من الإدارة الأميركية أن تنشر صواريخها النووية على الأراضي البولندية، لتصبح بذلك على مرمى حجر من روسيا، فلا يفصل بين روسيا وبولندا سوى أوكرانيا.
وتحافظ الولايات المتحدة على سياسية الغموض الإستراتيجي بعدم الإفصاح عن طبيعة رد فعلها في حال استعملت روسيا أي سلاح نووي تكتيكي محدود الانفجار. في المقابل، تواصل موسكو تهديد دول حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) بالدخول في مواجهة مباشرة في حال استمرت دول الحلف في تزويد كييف بالأسلحة، وهنا يطرح السؤال عن توزان سلاح الردع النووي بين حلف “الناتو” وروسيا.
ما حجم الترسانة النووية لدى حلف الناتو؟
تتوزع الترسانة النووية لحلف الناتو على 3 دول فقط، هي: الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. وتعتبر الولايات المتحدة صاحبة ثاني أكبر ترسانة نووية في العالم بعد روسيا، بحوالي 5800 رأس نووية، منها ما هو موزع في قواعد عسكرية لدول تابعة لحلف شمال الأطلسي (بحسب بعض التقديرات، فإن حوالي 150 قنبلة نووية أميركية مخزنة حاليا في دول أوروبية)، ثم فرنسا بحوالي 290 رأسا نووية، والمملكة المتحدة بحوالي 215 رأسا نووية.
وبحسب التقديرات العسكرية، فإن كلا من بريطانيا وفرنسا لديهما القدرة على خوض حرب نووية لأيام. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن المحللين العسكريين يتحدثون عن خطة “الحرب النووية المحدودة”، والمقصود منها استعمال أسلحة نووية ذات تفجير منخفض، وعدم استعمال الصواريخ ذات القدرات التدميرية الهائلة.
ما حجم الترسانة النووية الروسية؟
بحسب معطيات الفدرالية الأميركية للعلماء (Federation of American scientists)، فإن روسيا تملك 5977 رأسا نووية، من بينها 1500 رأس تمت إحالتها على التقاعد وأصبحت خارج الخدمة.
بينما يعتبر 4500 رأس نووية من الأسلحة النووية الإستراتيجية، وهي مقسمة بين صواريخ باليستية، وصواريخ بعيدة المدى، وهي الصواريخ التي يتم الحديث عنها في حال اندلاع حرب نووية.
وتتوزع الترسانة النووية الروسية إلى:
1185 صاروخا باليستيا عبار للقارات.
800 صاروخ نووي موزع على الغواصات النووية.
580 صاروخا نوويا يمكن إطلاقه من الجو.
وبحسب التقديرات الغربية، فإن هناك حوالي 1500 صاروخ نووي في الخدمة، أي جاهز ومعدل في القواعد البرية أو الغواصات، ومستعد للإطلاق.
ما القوة العسكرية لحلف الناتو؟
يبلغ مجموع الجنود في كل دول حلف الناتو 3.5 ملايين جندي، مما يجعله أكبر جيش في العالم. وتحتكر الولايات المتحدة العدد الأكبر بحوالي 1.2 مليون جندي، وينتشر 20% من الجنود الأميركيين في الخارج، والعدد الأكبر منهم موجود في اليابان (55 ألف جندي)، ثم تأتي تركيا كثاني أكبر دولة في الحلف بتعداد يبلغ 440 ألف جندي.
ويتوزع 7 آلاف جندي من قوات الناتو في كل من إستونيا (800 جندي)، ولاتفيا (1200 جندي)، وليتوانيا (1200 جندي)، وبولندا (4 آلاف جندي). وسبب هذا العدد المرتفع في بولندا هو وجود قواعد عسكرية أميركية مهمة هناك، إضافة لوجود قاعدة عسكرية أميركية في رومانيا تم إنشاؤها بقيمة 800 مليون دولار.
ويبلغ مجموع النفقات العسكرية لدول حلف الناتو أكثر من 1.2 تريليون دولار، أغلبها من نصيب الولايات المتحدة التي تنفق وحدها 881 مليار دولار سنويا، وتأتي في المرتبة الثانية المملكة المتحدة بـ72 مليار دولار، ثم ألمانيا بحوالي 64 مليار دولار.
هل تتحرك روسيا لإطلاق صاروخ نووي؟
كثرت التكهنات حول استعداد موسكو لتوجيه ضربة نووية قد تكون محدودة، إلا أن محرر الشؤون الدفاعية في مجلة “إيكونوميست” (THE ECONOMIST) شاشانك جوشي، نشر سلسلة من التغريدات، ينقل فيها عن مصادر غربية قولهم إن تحريك موسكو للقطار النووي هو إجراء روتيني.
وأضاف الخبير العسكري البريطاني أن كل المؤشرات تشير إلى أن القطار النووي الذي تم تحريكه لم تكن فيه صواريخ نووية، وأن حركته لا تدخل في إطار إشراكه في المعارك الدائرة في أوكرانيا، وأضاف أن المسؤولين الغربيين الذين تحدثوا إليه أكدوا “أنه ليس هناك ما يدعو لرفع درجة التأهب النووي”.
كيف سيكون ردّ الناتو في حال استعملت روسيا السلاح النووي؟
يتوقف ردّ دول حلف الشمال الأطلسي على القرار الأميركي في التعامل مع أي ضربة نووية روسية، وإذا كانت العقيدة العسكرية الأميركية تقوم على الردّ التقليدي للحفاظ على توازن الردع الأميركي، فإن تصريحات الرئيس جو بايدن وضعت الكثير من الغموض حول الموقف الأميركي.
وبحسب جيمس كاميرون الخبير العسكري في جامعة أوسلو، فإن بايدن لديه رؤية قوامها التعامل مع بوتين، كما تعامل الرئيس الأميركي جون كينيدي مع الصواريخ الكوبية، عندما منح للاتحاد السوفياتي هامشا للتراجع والخروج بماء الوجه.
وبحسب الخبير العسكري، فإن بايدن يريد أن يبقي على مساحة تمنح لبوتين “البحث عن مخرج من هذه المعركة”، ولهذا فهو لا يصعد من خطابه ولا يتوعد بالردّ على أي ضربة نووية.
إلا أن كاميرون يرى أن بوتين يختلف عن الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف، فالأخير تراجع وخفف من التصعيد تجنبا لأي حرب نووية، في المقابل يخشى الخبير العسكري من كون بوتين “يريد الحفاظ على الوضع الراهن، ولا يريد أن يلقى مصير خرتشوف الذي أُزيح من منصبه بعد عامين من أزمة الصواريخ الكوبية”.
المصدر : الجزيرة
اقرأ أيضا: ماذا تعني سيطرة روسيا على أكبر محطة نووية في العالم؟