يترقب السوريون حلول شتاءٍ باردٍ آخر، في ظل زيادة ساعات التقنين الكهربائي، وانخفاض المخصصات الحكومية من المحروقات، بالتزامن مع غلاء لافت في أسعار وسائل بديلة للتدفئة.
ففي حين يبلغ متوسط راتب موظف القطاع الحكومي 40 دولاراً تصل تكلفة تدفئة غرفة واحدة إلى ألف دولار خلال فصل الشتاء بحسب خبراء اقتصاد.
ومع استمرار العجز الحكومي عن توفير الكهرباء والمحروقات منذ أحد عشر عاماً زاد ارتفاع أسعار الوسائل البديلة من الأزمة، وسط تحكم تجار السوق السوداء، مع ضعف القوة الشرائية.
أسعار المدافئ
ويشهد سعر المدافئ الكهربائية ارتفاعاً لافتاً. إذ وصل سعر مدفئة صغيرة ذات شمعة واحدة إلى 150 ألف ليرة ( 25 دولاراً)، بينما الكبيرة ذات ثلاث شمعات متوسطة الجودة فقد بلغ سعرها 600 ألف ليرة (125 دولاراً).
في حين يتراوح سعر المتر الواحد من حصائر الكهرباء بين 100 ألف ليرة و 250 ألفاً ( 11 – 23 دولاراً).
أما أسعار مدافئ الوقود، فتتراوح بين 250 ألف ليرة للصغيرة الحجم وبين مليون ليرة للمدافئ الكبيرة الحجم ( 50 – 285 دولاراً). في حين تجاوز سعر مدافئ الحطب 500 ألف ليرة ( أكثر من 100 دولار).
أزمة موظفي القطاع العام
تقول “هناء”، موظفة حكومية، إنه ليس بإمكانها الاعتماد على وسيلة تدفئة واحدة. بسبب تدني درجات الحرارة في الشتاء في منطقة قدسيا في ضواحي العاصمة دمشق حيث منزلها.
لكنها في المقابل لا تتمكن من تأمين وسائل متعددة أو بديلة بسبب ارتفاع الأسعار وضعف قدرتها الشرائية مع تدني مرتبها أسوة بموظفي القطاع العام، حيث لا يتجاوز متوسط الرواتب 40 دولاراً.
ففي حين كانت مخصصات العائلة من مادة الديزل (المازوت) تبلغ 200 ليتر وتوزع دفعة واحدة بداية الشتاء، باتت توزع منذ عامين على دفعات، في كل 50 لتراً فقط، مقابل عدم حصول نسبة كبيرة من السكان إلا على دفعة واحدة في مناطق سيطرة الحكومة السورية.
أما أسطوانات الغاز المنزلي فتباع عبر تطبيق حكومي يطلق عليه “وين” ويستغرق الدور فيه نحو أربعة أشهر، وتحصل العائلة على جرة واحدة فقط مهما بلغ عدد أفرادها.
طن الحطب
ووصل وسطي سعر طن الحطب إلى 700 ألف (140 دولاراً)، وهي كمية بالكاد تكفي لتدفئة عائلة لمدة شهر.
وخلال هذا العام انتشرت أنواع جديدة من المدافئ لا تعتمد على مادة المازوت أو الغاز في عملها. مثل “صوبيا السبيرتو” ويصل سعرها إلى 100 ألف ليرة (22 دولاراً) دون سعر عبوة السبيرتو.
يقول بائع يروج لوسيلة التدفئة الجديدة عبر مقطع فيديو على “فيسبوك” إن “هذه المدفأة لا تصدر أي صوت أو شحار أو رائحة”. مؤكداً وجود إقبال على شرائها.
ويضيف: “سعر لتر الكحول (سبيرتو) يصل حالياً إلى ستة آلاف ليرة (12 دولار).
ويقول الخبير الاقتصادي السوري عمار يوسف إن العائلة تحتاج وسطياً لحوالي أربع ليترات من المازوت لتدفئة غرفة واحدة. لمدة ثمانية ساعات فقط في اليوم الواحد. سعر الليتر الواحد سيصل خلال أيام الشتاء إلى عشرة آلاف ليرة.
وفي حال كان موسم الشتاء القادم أربعة أشهر تصل تكلفة تدفئة عائلة واحدة نحو أربعة ملايين ليرة (أكثر من ألف دولار).
ويمكن قياس تكلفة باقي أنواع التدفئة المتوفرة في سوريا بناءً على الحسبة السابقة.
تقول ندى : “بسبب غياب وسائل التدفئة ومع اشتداد البرد، لم يكن لدينا وسيلة للتدفئة سوى إشعال النايلون والأقمشة البالية وغيرها من المواد على شرفة الشقة”.
لكن سرعان ما تحول الأمر إلى كارثة صحية مع تسرّب الدخان إلى أنحاء الشقة وبدأ الحريق.
حالات حريق
تتابع ندى: “وصلت النيران إلى سرير ابني (7 سنوات) حيث كان نائماً في غرفة مجاورة. لم انتبه إلى وجوده. “ها هو اليوم يعاني من وجود تشوهات في وجهه وجسمه لا يمكن أن ينساها”.
لكن ما حصل لعائلة ندى ليست الحادثة الوحيدة إذ تعرض الكثيرون لحالات حريق لقي بعضهم حتفهم خلال الشتاء الماضي.
يقول مدير فوج الإطفاء في دمشق، العميد داؤود عميري، إن العاصمة دمشق شهدت أكثر من 500 حريق منذ بداية العام الحالي.
منها تسجيل 189 حريق كهرباء، وثلاثة حرائق غاز، بالإضافة إلى تسجيل سبعة حرائق بترول (محروقات).
وأرجع عميري أسباب معظم الحرائق إلى ماسات كهربائية، بسبب الضغط الهائل خلال فترة الشتاء.
وتشير التوقعات إلى ازدياد الأوضاع سوءاً هذا الشتاء، كما كان الوضع خلال السنوات الماضية.
هاشتاغ
اقرأ أيضا: شركة روسية تستثمر أكبر مشروع سياحي في اللاذقية لمدة 45 عاماً