الجيش الياباني سوف يشهد أكبر توسّع له منذ الحرب العالمية الثانية، بعد إعلان اليابان نيتها تخصيص زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي لتعزيز قدراتها العسكرية بعد الصدمة التي أحدثها الغزو الروسي لأوكرانيا، وكذلك تصاعد التوتر بين بكين وتايوان المدعومة من الولايات المتحدة، وسط تساؤلات هل تستطيع طوكيو مضاهاة قدرات الصين العسكرية المتزايدة؟ وهل تورّطها في أمريكا في نزاع مع بكين؟
وستقوم اليابان بأكبر عملية تسليح لجيشها في تاريخها منذ الحرب العالمية الثانية، في مؤشر على أنها قد تدخل في سباق تسلح محموم مع الصين، وفقاً لما ورد في تقرير لوكالة Reuters.
اليابان تمتشق السلاح في مواجهة الصين
رغم تهديدات كوريا الشمالية، فإن طوكيو، حددت الصين باعتبارها خصمها الرئيسي في الكتاب الأبيض للدفاع لعام 2019، حيث شعرت بالقلق مما وصفته بانتهاك بكين للمعايير الدولية، والضغط على تايوان والتحديث العسكري الصيني السريع، الذي تعتبره طوكيو يشكل تهديداً أمنياً خطيراً لها.
ولم تؤدّ تصرفات كوريا الشمالية، بما في ذلك تجربتها الصاروخية الأخيرة التي مرت بأجواء اليابان، وما قيل عن نيتها إجراء تجربة نووية، إلى أي تغيير مهم لتركيز اليابان على الصين، حسبما نقلت Reuters عن بونجي أوهارا، الزميل البارز في مؤسسة ساساكاوا للسلام والملحق العسكري السابق في سفارة اليابان بالصين.
وقال كويشيرو ماتسوموتو، نائب سكرتير مجلس الوزراء في مكتب رئيس الوزراء الياباني لشبكة CNBC الأمريكية، إن تهديد الصين أصبح قريباً من اليابان بسبب قرب تايوان من البلاد.
وبعد 75 عاماً من هيمنة النزعات السلمية، كانت اليابان فيها لا تعطي أولوية للإنفاق الدفاعي، (أو كانت تقول هكذا)، بدأت طوكيو تخرج محفظتها المتخمة بمليارات الدولارات لتعزيز جيشها المعروف باسم قوات الدفاع الذاتي.
لماذا تعتبر طوكيو عام 2027 مفصلياً في تنافسها مع بكين؟ فتش عما قاله الأمريكيون
وحددت الحكومة اليابانية عام 2027 باعتباره اللحظة التي قد يميل فيها ميزان القوة في شرق آسيا لصالح الصين بشكل كبير، ولذا سارعت لجعل هذا العام نقطة فارقة في خططها التسليحية.
وقال وزير الدفاع الياباني، ياسوكازو حمادة، للصحفيين في 21 أكتوبر/تشرين الأول، إن اليابان تعتزم تعزيز دفاعات البلاد بحلول عام 2027 وتعزيز قدرتها على محاربة أي غزو.
ويجب ملاحظة أن عام 2027 يمثل الموعد التالي للمؤتمر العام للحزب الشيوعي الذي عقد هذا الشهر، ومدد ولاية الرئيس الصيني، وأصبح ينظر له في الغرب واليابان وتايوان على أنه نقطة فارقة في تاريخ الصين يبدأ فيها عهد جديد ستكون فيه بكين أكثر استبداداً وعدوانية، حسب وجهة نظر خصوم بكين.
بالإضافة لكون عام 2027، هو موعد المؤتمر القادم للحزب الشيوعي الصيني، فإنه سيواكب الذكرى المئوية لتأسيس جيش التحرير الشعبي، وبالتالي يتوقع أنه سيكون المعلم الرئيسي التالي على خريطة طريق التحديث العسكري الصيني، حسب المصادر الغربية.
وفي جلسة استماع بالكونغرس العام الماضي، قال قائد القوات الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الأدميرال فيليب ديفيدسون إن تهديد الصين لتايوان قد “يظهر” في ذلك العام (2027).
وقال مسؤول حكومي ياباني رفيع المستوى مشارك في خطط تعزيز الدفاع: “هناك أطياف مختلفة في الرأي بشأن هذه المقاربة، لكن بشكل عام، يشترك المسؤولون الحكوميون في نفس وجهة النظر بشأن أهمية عام 2027”.
ماذا ستفعل اليابان في حال غزو الصين لتايوان؟
ويعكس اهتمام اليابان بعام 2027 في خططها العسكرية، ليس فقط قلقها من صعود الصين، ولكن أنها أصبحت أيضاً ترى نفسها في طرفاً في الأزمة التايوانية، وأنها باتت أقرب للانصياع للرغبات الأمريكية في تشكيل حلف أمريكي آسيوي لدعم تايوان في حال غزوها من قبل الصين، وهو الحلف الذي يعتقد أنه واشنطن تريد ضم كوريا الجنوبية إليه، ولكن الأخيرة تبدو أكثر تحفظاً من اليابان في هذا التوجه سواء، بسبب الخلافات التاريخية المتخلفة عن الاحتلال الياباني لكوريا أو لأن سيول لديها مشاكلها الخاصة مع كوريا الشمالية، والتي يمكن للصين أن تزيد من دعمها إذا غضبت من كوريا الجنوبية.
وتعني التوازنات الدبلوماسية والاقتصادية الدقيقة لليابان مع الصين جارتها الكبرى أنه من غير المرجح أن تلتزم طوكيو بالدفاع المباشر عن تايوان. ولكن مع وجود أقرب أراضي اليابان على بُعد نحو 150 كيلومتراً من تايوان، فقد تنجذب إلى صراع مع الصين التي تنفق على جيشها أكثر من 4 أضعاف ما تنفقه اليابان.
وتركز الدعاية الأمريكية الرامية لجذب اليابان للصراع الصيني التايواني، على فكرة أن خضوع تايوان للسيطرة الصينية سيكون كارثياً لليابان؛ لأنه سيعرض للخطر ممرات الشحن الرئيسية التي تزود البلاد تقريباً بجميع نفطها والعديد من المواد التي تستخدمها للتصنيع.
كما أنه سيمنح البحرية الصينية حق الوصول غير المقيد إلى غرب المحيط الهادئ من القواعد الموجودة في الجزيرة.
وقال مسؤول حكومي ياباني آخر منخرط في التخطيط، طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إن الصين قد تحاول الاستيلاء على جزر يابانية قريبة من تايوان لإقامة دفاعات جوية وصد أي هجوم مضاد.
ألقت الصين صواريخ في المياه التي تبعد أقل من 160 كيلومتراً، من تلك الجزر في أغسطس/آب 2022 خلال تدريبات أجرتها بكين بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي المثيرة للجدل لتايوان، والتي وصفتها بكين بأنها تدخل أمريكي.
قد تكون القواعد العسكرية اليابانية والمطارات والموانئ البحرية والمراكز اللوجستية الأخرى أهدافاً مغرية أيضاً للضربات الصاروخية الصينية؛ لأنها ستكون قواعد انطلاق للقوات الأمريكية، إذا شاركت واشنطن في الدفاع عن تايوان أو حتى دعمتها بالإمدادات، كما تفعل مع أوكرانيا حالياً.
وحتى الآن، فليس هناك ما يلزم اليابان للتورّط المباشر في أي حرب بين تايوان والصين، ولكن الضغوط الأمريكية وتغير العقيدة العسكرية اليابانية يجعل كل الاحتمالات مفتوحة.
وإذا تمكنت اليابان من تعزيز قدرتها الدفاعية، فإن حسابات الصين لمهاجمة القوات الأمريكية على اليابان ستكون مختلفة تماماً، وستكون تكلفة ومخاطر عملية غزو تايوان نفسها عالية جداً، حسبما قال ياسوهيرو ماتسودا، أستاذ السياسة الدولية بجامعة طوكيو وباحث أول سابق في وزارة الدفاع اليابانية خلال مناقشة عبر الإنترنت استضافتها وزارة الدفاع اليابانية.
بوتين دفع الرأي العام الياباني للتخلي عن السلمية
ساعد الغزو الروسي لأوكرانيا في تحويل الرأي العام في اليابان بعيداً عن النزعة السلمية التي أعقبت الحرب، والتي هيمنت على السياسة الدفاعية لعقود، مما أضعف المعارضة الشعبية اليابانية لإعادة التسلح.
في استطلاع للرأي، نشرته هيئة الإذاعة والتلفزيون العامة اليابانية هذا الشهر، قال 55% من 1247 يابانياً شملهم الاستطلاع إنهم يؤيدون زيادة الإنفاق الدفاعي، مقارنة بـ29% ممن عارضوا ذلك. ومن بين أولئك الذين يدعمون جيشًا أقوى ، قال 61% إن على اليابان أن تدفع ثمن ذلك من خلال خفض الإنفاق العام.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن اليابان تستخدم الصين ذريعة لحشد عسكري، حسبما نقل عنها تقرير وكالة رويترز.
اليابان تستعد لكشف ميزانية عسكرية ضخمة واستراتيجية أمنية جديدة
سيكشف رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، عن تفاصيل خطط الإنفاق العسكري في ديسمبر/كانون الأول 2022 إلى جانب استراتيجية أمنية مجددة. ومن المتوقع أن تمنح هذه الاستراتيجية اليابان دوراً أمنياً إقليمياً بجانب الولايات المتحدة.
وقدّمت وزارة الدفاع اليابانية مؤخراً طلب ميزانية قياسياً بلغ 5.6 تريليون ين (40 مليار دولار) للسنة المنتهية في مارس/آذار 2024، مقارنة بـ5.4 تريليون ين في الإنفاق المخطط للسنة المالية الحالية.
لكن الأشخاص المطلعين على المناقشات الوزارية الداخلية قالوا إن الميزانية النهائية ستتجاوز 6 تريليونات ين على الأقل بعد إدراج طلبات إضافية للمعدات العسكرية التي سيتم تقديمها في نهاية عام 2022، عندما ستصدر اليابان استراتيجية جديدة للأمن القومي وإرشادات دفاعية.
وهذا من شأنه أن يجعل الرقم أحد أكبر الزيادات في الإنفاق العسكري للبلاد في فترة ما بعد الحرب، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية.
وتعمل طوكيو على زيادة ميزانيتها الدفاعية بشكل مطرد خلال العقد الماضي، لكن الإنفاق ظل يعادل حوالي 1% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو منخفض بالمعايير العالمية.
ومن المقرر أن يتغير هذا في عهد رئيس الوزراء، فوميو كيشيدا، الذي تعهد بتحديث القدرات الدفاعية “بشكل كبير” بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، مما أثار مخاوف من أن الصين يمكن أن تتخذ خطوة مماثلة ضد تايوان.
ودعا الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان إلى أن تضاهي البلاد هدف الناتو للدول الأعضاء بإنفاق 2%من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، لكن الحكومة لم تحدد هدفاً محدداً بعد.
اليابان ستصنع أسلحة هجومية وتريد تعويض ما فاتها في المسيرات والصواريخ فرط صوتية
وحددت الخطة أهدافاً للسنوات الـ10 المقبلة عبر 7 مجالات، بما في ذلك الصواريخ فرط الصوتية والطائرات من دون طيار.
وتتضمن الخطة العشرية أيضاً توسيع القدرات الدفاعية لليابان في أنظمة أسلحة بعيدة المدى أي أسلحة ذات طابع هجومي في تغير كبير لعقيدة البلاد العسكرية ذات الطابع الدفاعي.
وتعتبر وزارة الدفاع اليابانية صواريخ المواجهة والطائرات المسيرة ضرورية لحماية البلاد في المستقبل.
وتسعى اليابان أيضاً إلى نشر صواريخ فرط صوتية في غضون السنوات الـ10 القادمة، التي يمكن أن تنطلق بسرعة خمسة أضعاف سرعة الصوت، وهو مجال تتفوق فيه اليابان والصين بشكل كبير، وتتأخر فيه الولايات المتحدة حليفة الغرب.
كجزء من هذه الأهداف، تخطط طوكيو لتقديم نسخة جديدة من صاروخ كروز الحالي (الأرض-سطح) المضاد للسفن من طراز Type-12 المطوّر محلياً بمدى ممتد بحلول عام 2026، حسبما ورد في تقرير لموقع EurAsian Times.
وكانت الحكومة اليابانية قد قررت توسيع نطاق هذا الصاروخ عام 2020 في ضوء التوسع البحري الصيني.
في البداية، كان مدى الصاروخ من نوع Type -12 حوالي 200 كيلومتر. ولكن مدى الإصدار الجديد سيصل إلى 900 كيلومتر على الأقل، ويمكن زيادته في النهاية إلى 1200 كيلومتر.
وقدّم الكتاب الأبيض للدفاع الياباني الذي صدر في يوليو/تموز 2022 أول نظرة على الصاروخ الجديد، والذي يشبه الصاروخ AGM-158 JASSM الأمريكي الصنع (صاروخ المواجهة المشتركة جو-أرض).
ستتم ترقية نسخة الصاروخ بعد تعديله لتقليل المقطع العرضي للرادار (RCS) لجعله متخفياً.
سيحتوي طراز Type-12 الجديد أيضاً على تقنية تتيح للصاروخ تلقي معلومات الاستهداف عبر اتصالات الأقمار الصناعية أثناء الطيران، مما يحقق مزيداً من الدقة ضد الأهداف المتنقلة.
وسيتم تطوير Type-12 أيضاً في إصدارات يتم إطلاقها من السفن والطائرات، بالإضافة إلى الإصدار التقليدي الذي يتم إطلاقه من الأرض في السنوات القليلة المقبلة.
ستسمح النسخة طويلة المدى من الصاروخ لليابان بضرب السفن البحرية المعادية من مدى المواجهة – خارج نطاق صواريخ العدو المضادة للطائرات.
وتعتزم الحكومة اليابانية نشر نحو 1000 من هذه الصواريخ طويلة المدى، بشكل رئيسي من جزيرة كيوشو الجنوبية، إلى سلسلة جزر نانسي، حيث يمكنهم حتى الوصول إلى كوريا الشمالية والمناطق الساحلية في الصين.
تركيا عرضت على اليابان تزويدها بطائرات مسيرة
ولكن لن تكتفي اليابان بتطوير سلاحها الصاروخي، حيث تتحرك البلاد حالياً نحو تعزيز قدرات طائراتها الهجومية من دون طيار أيضاً.
وأول علامة على ذلك هي ميزانية الدفاع في البلاد للسنة المالية 2023، والتي تشمل تمويل الأبحاث حول أداء وتصميم الطائرات من دون طيار الهجومية الصغيرة التي تنتجها دول أخرى، (في مؤشر على الاستفادة من تجاربها لتصنيعها محلياً أو استيرادها).
تجدر الإشارة إلى أن تركيا تتطلع لتسويق النسخة العاملة من على متن السفن وحاملات الطائرات من مسيرتها الشهيرة بيرقدار تي بي 2 في آسيا، وخاصة لليابان الدولة المتقدمة ذات الطبيعة الجذرية، والتي تُعد من أهم القوى البحرية في العالم.
إذ قال المدير العام لشركة “Baykar” هالوك بايراكتار لموقع Asia Nikkei إن الطائرة المسيرة بيرقدار TB3 ستكون مناسبة لحاملات الطائرات الصغيرة اليابانية من فئة “Izumo”، حيث ستسمح أجنحتها القابلة لهذه الحاملة بنقل عدد أكبر من الطائرات مقارنة بالطائرات ذات الأجنحة الثابتة”.
وتحاول مضاهاة الصينيين في أسلحة الذكاء الاصطناعي
وتبذل اليابان أيضاً جهوداً لتطوير أسلحة الذكاء الاصطناعي وأنظمة التحكم في الطيران عن بُعد اللازمة لاستخدام الطائرات المسيرة القتالية بشكل أكثر فعالي، وهو ما يشير الخبراء إلى أنه مستوحى من تقدم الصين في القدرات لشن “هجوم تشبع” يشارك به عدد كبير، من الطائرات المسيرة للتغلب على الدفاعات الجوية للعدو واكتساب التفوق الجوي على ارتفاعات منخفضة.
وفي مايو/أيار الماضي، أذهلت جامعة تشجيانغ الصينية المجتمع العلمي العالمي من خلال الكشف عن تقنية سمحت لعشر طائرات مسيرة صغيرة بالتنقل عبر غابة خيزران طبيعية دون الاصطدام مع استخدام نظام تحديد المواقع العالمي.
تم تجهيز هذه الطائرات بأجهزة استشعار تمكنها من التحرك بشكل مستقل ومعالجة البيانات المرسلة من الكاميرا على الفور لتحديد موقعها الجغرافي.
كما يمكن لهذه الطائرات المسيرة تبادل المعلومات مع بعضها البعض لتجنب العقبات المعقدة أثناء الرحلة.
أسلحة فرط صوتية
تخطط اليابان لتقديم فئتين من أنظمة المواجهة الفرط صوتية (تحلق بخمسة أضعاف سرعة الصوت أو أكثر)، وهما صاروخ كروز فرط صوتي يدعى (HCM) ومركبة أو قذيفة انزلاقية فرط صوتية تدعى (HVGP).
سيتم تشغيل HCM بواسطة محرك سكرامجت وبناءً على التقارير، فإنه سينطلق بسرعة عالية جداً، ويمكنه التحليق لمسافات طويلة.
وسيكون لدى مركبة HVGP محرك صاروخي يعمل بالوقود الصلب والذي سيدفع حمولة رأسها الحربي إلى ارتفاع شاهق، وبعد ذلك ستنفصل المركبة الانزلاقية عن الداعم وتنزلق نحو هدفها باستخدام الارتفاع للحفاظ على سرعة عالية حتى الاصطدام. سيتم توجيه المركبة من خلال نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية العالمي (GNSS) لتهاجم الهدف من أعلى بزاوية 90 درجة.
سيتم تزويد هذه الأسلحة الفرط صوتية بنوعين من الرؤوس الحربية، أحدهما للأهداف المحمولة بحراً، والآخر للأهداف البرية. الأول سيكون رأساً حربياً خارقاً للدروع لاختراق سطح حاملة الطائرات، وستتألف نسخة الهجوم الأرضي من مقذوفات متعددة ذات كثافة عالية ومتفجرة.
وخصصت وزارة الدفاع اليابانية أيضاً موارد لتطوير قدرات مكافحة الأسلحة فرط الصوتية التي تطورها الصين وروسيا على ما يبدو.
وسيتم تخصيص جزء كبير من ميزانية الدفاع لعام 2023 لتطوير تكنولوجيا كوكبة الأقمار الصناعية، والتي تعالج البيانات من خلال شبكة من الأقمار الصناعية الأصغر، وفقاً لموقع EurAsian Times.
ويُعتقد أن هذه الشبكة من الأقمار الصناعية تهدف إلى تتبع الصواريخ خاصة الفرط صوتية القادرة على التهرب من أنظمة الدفاع الصاروخي مثل Aegis الأمريكي، الذي تستخدمه اليابان.
في يناير/كانون الأول من هذا العام، تم الكشف عن أن اليابان تعمل أيضاً على تطوير “مدافع سكك حديدية كهرومغناطيسية،” قادرة على إطلاق مقذوفات بسرعة 7 ماخ (7 أضعاف سرعة الصوت)، لاعتراض الصواريخ المعادية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت شديدة المناورة.
مقاتلة شبحية جديدة
تشمل المشاريع العسكرية اليابانية تطوير مقاتلة نفاثة جديدة ستبدأ العمل في ثلاثينيات القرن الحالي والتي من المرجح أن يتم دمجها مع مشروع الطائرة الشبحية البريطانية الإيطالية السويدية المشتركة “Tempest” الذي تقوده لندن.
ويتوقع أن يفيد التبذير الياباني المنتظر في الإنفاق الدفاعي أيضاً الشركات الامريكية، حسب تقرير رويترز، سواء عبر الاستيراد الياباني للأسلحة الأمريكية أو عبر حصول الشركات الأمريكية على أموال دافع الضرائب الياباني من خلال تقديمها التكنولوجيا للمشروعات العسكرية اليابانية.
هل تستطيع اليابان اللحاق بالصين؟
لدى اليابان عدة ميزات في الجوانب العسكرية، أهمها أنها واحدة من أكثر دول العالم تقدماً، وهي تنتج بعضاً من أفضل الأسلحة في العالم، من حيث التكنولوجيا والجودة والريادة، بما في ذلك تقديمها أول رادار “أيسا” في العالم، وواحدة من أكثر الدبابات تقدماً (الدبابة Type-10)، إضافة إلى أنها واشنطن تسمح لها بالوصول لتكنولوجيا أمريكية متقدمة لا يسمح لدولة أخرى بالوصول إليها (باستثناء بريطانيا على الأغلب).
كما أن الطبيعة الجزرية للبلاد تمنحها حصانة طبيعية استثنائية.
ولكن في المقابل، لدى طوكيو مشكلات عدة في المجال العسكري، منها تداعيات سنوات النزعة السلمية الطويلة، وتراجع عدد السكان، وبالتالي تراجع أعداد الجنود، والأهم تأخرها في الدخول في مجالات الطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي والصواريخ فرط صوتية، وهي المجالات التي حققت فيها الصين بالأخص تطوراً مذهلاً فاق في بعض الحالات التطور الأمريكي (خاصة في الصواريخ فرط صوتية).
كما أن اليابان بلد معروف بأنه ينتج أسلحة باهظة الثمن، ويزيد من هذه الظاهرة أنها لا تصدر أسلحتها مما يرفق التكلفة، (وقد يزيد من التكلفة أيضاً الأموال الكثيرة التي تقدمها طوكيو للشركات الأمريكية مقابل التكنولوجيا)، ويجعل هذا البلاد تنفق كثير من الأموال مقابل عدد أقل من الوحدات العسكرية.
يعني ما سبق أن اليابان تستطيع في الأغلب بناء جيش شديد التقدم، والكفاءة، من الناحية التقنية، ولكنه سيظل لن يضاهي الصين، في العدد الجنود أو الأسلحة، كما أن اليابان ستحتاج لجهد لتجسير الفجوات في التكنولوجيات التي تتفوق فيها الصين وتأخرت هي فيها.
والأهم أن الصين يبدو أنها تنتقل بنجاح من مجال تقليد الآخرين وإنتاج أسلحة بسيطة ورخيصة وكثيرة العدد إلى مجال تقديم تصنيع أسلحة ريادية كما يظهر بشكل كبير في الأسلحة فرط الصوتية، والأسلحة العاملة بالذكاء الاصطناعي وبعض التقنيات الشبحية.
كما أن بكين بدأت تعالج أو تقترب من معالجة مشكلاتها التقليدية في الجودة، وتأخرها وقصورها الشديدين في مجال المحركات تحديداً.
يعني ذلك أن اليابان قد تفقد تدريجياً ميزة التفوق النوعي لصالح الصين (على الأقل في بعض المجالات)، وفي الوقت ذاته، فإنه عدد سكانها الأقل واقتصادها الأصغر حجماً (حتى لو كان أغنى) لا يوفر لها القدرة على ملاحقة الصين من ناحية الكم.
ولكن على الأقل سيؤدي تعزيز الجهود للتسليح، إضافة لطابع البلاد الجغرافي الجزري الوعر، إلى جعل اليابان عدواً يصعب مهاجمته من قبل الصين، حتى لو كانت بكين أقوى عسكرياً.
اقرأ أيضا: بمشاركة الأسد.. إطلاق معدات جديدة في معمل غاز ستساهم في زيادة إنتاج الكهرباء بسوريا (صور)