الجمعة , نوفمبر 22 2024
Destination Damascus

عيون التنين على الشرق الأوسط

عيون التنين على الشرق الأوسط

نبيه البرجي

الى نظرته الفظة، بالشاربين اللذين يقلد بهما شاربي ألبرت اينشتاين، لغته الفظة أيضاً. جون بولتون قال “الفارق بين أميركا والصين كما الفارق بين ساقي الليدي غاغا وساقي … الدجاجة”، و “أسلوب الحياة الذي صنعناه نحن يليق بالعقل البشري، أسلوب الحياة عندهم يليق بعقول القردة”، و”أي ضربة اقتصادية على رأس التنين يقع مغشياً عليه” !

هو من قال لصمويل هانتنغتون “لو كان هناك مسيح آخر لكنت أنت. ” السبب أن صاحب “صدام الحضارات” تنبأ بالمواجهة الحتمية (بل والضرورية) بين الحضارة اليهو ـ مسيحية والحضارة الكونفو ـ اسلامية …

تزامناً مع انتخاب شي جينبينغ لولاية ثالثة، بدت التعليقات في وسائل الاعلام الأميركية شديدة التناقض، وشديدة الاثارة. لا وجود لاستراتيجية حيال الصين. بعض تلك التعليقات تستند الى تقارير ديبلوماسية تقول أن مستشارين للرئيس الصيني الذين لم يتخلوا عن التحليل الايديولوجي (التحليل الماركسي) للتاريخ، يرون أن الأمبراطورية الأميركية على الطريق الى الشيخوخة. وهي كما حدث للأمبراطورية الرومانية، آيلة الى التحلل .

هذا ليس فقط لأن قوتها المبعثرة على امتداد الكرة الأرضية باتت أكثر هشاشة، وانما لأن ديناميكية التفاعل بين “الأنواع”، وهي ديناميكية مصطنعة، بين البيض والملونين، تراجعت الى حد حفر الخنادق.

هكذا الانفجار بين الطرفين، وهو ما توقعه هانتنغتون، حين حذّر من تشكل هاجس فرويدي لدى الملونين بالانقضاض الدموي على السلطة” لو حدث ذلك لتحولنا، تدر يجاً، الى دولة من العالم الثالث”.

المستشارون، وكما يقول المعلقون، اذ يتجولون حفاة في رأس جينبينغ، ينظرون بشغف الى لوس انجلس وسان فرنسيسكو، اكثر مما يتطلعون الى تايوان التي أكد المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي، أن عودتها الى الأرض الأم تشكل الأولوية في السياسة الصينية …

ربما يستذكرون أن الفلكيين الصينيين “هو” و “تسي” اجتازا مضيق بيرينغ، في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد، وتوغلا في العالم الجديد، ما يعزز، لدى الأميركيين، النظرية القائلة أن جينبينغ يفكر باحتلال سيبريا ليصبح على تخوم الولايات المتحدة.

ثمة في واشنطن من ينصح باعادة تايوان الى الصين ما يجعل هذه الدولة التي تضم نحو مليار ونصف مليار بشري صديقة لأميركا وعدوة لروسيا، “وهذا رهاننا الفذ” كما يقول الجنرال الشهير ديفيد بتراوس.

مقارنات بين سياسة واشنطن غزو الأسواق بالأساطيل، وسياسة بكين غزو الأسواق بالرساميل. كيف يمكن للتنين أن يتسلل عبر العوائق الأميركية؟ في زمننا لا بد أن يكون هناك جدار مهدم كلياً أو جزئياً في أي دولة. ومن هناك تدخل الأشباح. من مثل هذا الجدار تم اختراق الاتحاد السوفياتي وتفكيكه …

جورج سوروس وصف الشركات الأميركية العاملة في الصين بـ”المستوطنات الأميركية”. هكذا تنشأ وتتنامى طبقة أميركيةً هناك. العادات والأزياء اياها، وصولاً الى الروك اند رول حتى في الشوارع، وهذا ما تخشاه القيادة الصينية أكثر من خوفها من “الأرمادا العسكرية”. في مؤتمر الحزب تنبّه عدد من القيادات الى “محاولات أمركة الصين” بالذوبان في القيم، وفي السلع، الوافدة من الضفة الأخرى للباسيفيك.

روبرت ساتلوف، الباحث الأميركي البارز، سأل من الأشد خطورة على الولايات المتحدة روسيا أم الصين؟ يستنتج أن التنين يقبع وراء حاط زجاجي ريثما تستنزف أميركا وروسيا، مادياً وعسكرياً وحتى سيكولوجياً، في الميدان الأوكراني لا لكي يرث الأمبراطوريتين فقط وانما لكي يرث العالم …

حين أوكلت تل أبيب الى الصين تطوير مرفأ حيفا بالتزامن مع قيام هذه الأخيرة بتنفيذ سلسلة من المشاريع البنيوية في بلدان عربية، قال اليوت أبرامز، وهو النصف أميركي والنصف اسرائيلي، ان عيون التنين على الشرق الأوسط، وحيث النفط والغاز، متوقعاً أن يحتدم الصراع حوله قبل منتصف القرن. من هنا دعوته غيرالمباشرة لدعم اسرائيل في أن تكون محور الثروات في المنطقة …

لا أحد من المسؤولين عندنا توقف عند هذا الكلام. كنا، ولا نزال، “شاهد ما شافش حاجة” !!

الديار