بين وزير المالية السوري الدكتور كنان ياغي أنه في الموازنات السابقة لم يكن يلحظ بشكل مباشر اعتمادات مخصصة لزيادات الرواتب والأجور، على اعتبار أن الزيادات إذا أقرّت خلال العام؛ كانت تغطى من وفورات سائر أقسام وفروع الموازنة، أما في مشروع موازنة عام 2023 فقد تم تخصيص اعتمادات لأي زيادة بالرواتب والأجور يمكن أن تتم، أو لصرف منح مالية، وذلك ضمن الاعتمادات الاحتياطية الجارية، وهذا الأمر مرتبط بالإيرادات المحصّلة لخزينة الدولة وتحسن الواقع الاقتصادي.
• هل تجاري الزيادات في الموازنات الأخيرة وخاصة موازنة عام 2023 معدّلات التضخم؟
في الواقع لا يمكن وضع موازنات تجاري معدلات التضخم المرتفعة، لأن ذلك سيؤدي إلى تفاقم العجز، وهذه حالة عامة، فكثير من الدول تعاني من ارتفاع التضخم وارتفاع العجز في موازناتها، فكيف هي الحال إذاً في بلدنا الذي عانى من تداعيات حرب إرهابية منذ أكثر من 11 عاماً، ومن حصار وعقوبات اقتصادية قسرية أحادية الجانب جائرة مفروضة علينا، وفقدان منابع النفط، وانخفاض المساحات المزروعة من القمح نظراً لسيطرة العصابات الإرهابية والاحتلال الأميركي.
إذاً من غير الممكن أن تكون موازنة عام 2023 قادرة على مجاراة معدلات التضخم المرتفعة في البلد، ولو تمت مجاراة التضخم لوجدنا أنفسنا أمام تقديرات للموازنة بأكثر من 3 أضعاف الرقم الحالي، وبالتالي تفاقم للعجز والاضطرار إلى إصدارات للعملة من دون تغطية مقابلة لها، أو إنتاج سلعي حقيقي في الاقتصاد في ظل الحصار المفروض علينا، ما يعني تأجيج التضخم أكثر وأكثر، وعليه فإن وضع موازنة تجاري معدلات التضخم غير ممكن من الناحية المحاسبية، ومن ناحية قواعد وضوابط وأسس عمل السياستين المالية والنقدية.
• العديد من الجهات العامة لا تستثمر اعتماداتها السنوية، فما دلالات ذلك؟ وهل يتم تخفيض اعتماداتها في العام الذي بعده؟
بوضوح تام، هناك عدة أسباب حقيقية وراء عدم تنفيذ الجهات العامة لكامل خططها الاستثمارية وصرف اعتماداتها، من بينها العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على بلدنا، وتقلبات سعر الصرف وإحجام عارضين في بعض الأحيان عن التقدم بعروضهم، والأخطاء في دفاتر الشروط الفنية والمالية وعدم مطابقة المواصفات، إضافة للإمكانات المالية وضعف التمويل أحياناً.
وبالتالي، أثناء مناقشة مشاريع موازنات الجهات العامة للعام القادم، فإن وزارة المالية بالتنسيق مع هيئة التخطيط والتعاون الدولي تأخذ في الحسبان تلك الأسباب، وتراعي ظروف وعمل وخصوصية وأهمية كل جهة على حدة، فبعض الجهات يتم تخفيض اعتماداتها والبعض الآخر تتم زيادتها رغم نسب التنفيذ المتدنية في ضوء أهمية عمل الجهة والأولوية العالية لمشاريعها المطلوبة للدولة، أي هنالك مشاريع مستمرة ذات بعد اقتصادي تنموي أو خدمي لا يمكن الاستغناء عنها أو تخفيض اعتماداتها.
• تحدثت «المالية» في أكثر من مكان عن دراسة لإصلاح طريقة عمل إعداد الموازنة، أين وصل الموضوع؟ وهل تم اعتماد طريقة جديدة لإعداد موازنة عام 2023؟
هناك أربع طرق عالمية لإعداد الموازنات، وهي الموازنة الصفرية، موازنة البنود، موازنة البرامج والأداء، والموازنة التعاقدية.
ولكل طريقة من تلك الطرق سلبيات وإيجابيات، ونحن في سورية نعدّ الموازنة العامة للدولة وفق طريقة موازنة البنود، علماً بأننا نطمح في وزارة المالية لاعتماد طريقة موازنة البرامج والأداء لكونها تختلف عن موازنة البنود من حيث التبويب المتّبع لقطاعات الدولة، وكذلك طريقة تقديم المؤشرات المادية والمالية، وحقيقةً قطعنا شوطاً مهماً هذا العام في إعادة النظر بتبويب الموازنة وفقاً للمعايير العالمية، والعمل على تطبيق موازنة البرامج والأداء على قطاع الصحة، ونعمل على ذلك بالتعاون مع وزارة الصحة، لكن الأمر يحتاج إلى الوقت.
الأهم من ذلك، أن وزارة المالية تعمل ضمن إطار مشروع الإصلاح الإداري على تطبيق مفهوم الإدارة المالية الحكومية المتكاملة، الذي يحقّق الربط المالي الكامل للجهات العامة مع وزارة المالية، ومؤخراً تم توقيع مذكرة تفاهم مع خزانة روسيا الاتحادية بهدف الاستفادة من أنظمة العمل المالية، والعمل على نقل تلك التجربة في ضوء ما يلائم ويطور عمل وزارة المالية في سورية.
الوطن
اقرأ أيضا: قطاع المقاولات يعاني الجمود وانخفاضاً بعدد المقاولين