مصمم سفن سوري يواجه الحصار ويستقطب أول سفينة أجنبية إلى حوضه في بانياس
رغم الحصار الغربي الجائر على سوريا، دخلت سفينة “Nova1” التي ترفع علم جزر القمر، إلى ميناء بانياس لإجراء صيانة لها، كأول سفينة تؤم الميناء منذ نحو عامين بسبب ظروف الحصار والعقوبات، وذلك بعد أن كان يشهد في السابق حركة سفن واسعة تقصد الميناء سعياً وراء العمل المتقن وسرعة الإنجاز.
في ورشة الفني جلال طه، أو كما يُطلق عليه (شيخ الكار) باعتباره أول من نال رخصة لإصلاح وبناء السفن في سوريا، يجري العمل على قدم وساق بمشاركة عشرات العمال والخبراء والفنيين الذين باشروا بعمليات الإصلاح والصيانة التي تحتاجها “Nova1”.
صيانة جميع السفن
سنوات طويلة قضاها المصمم طه في مهنة بناء السفن وصيانتها والتي اكسبته باعاً طويلاً وجعلت له صيتاً ذائعاً بالأداء المتقن وسرعة الانجاز، إذ يقول طه لوكالة “سبوتنيك”: بدأت العمل في صيانة السفن منذ عام 1995، وحصلت في عام 2002 على رخصتين، الأولى لبناء السفن بمختلف الأحجام، والثانية لصيانة السفن بمختلف أنواعها وحمولاتها، كما أنني اعتبر أول من حصل على هذه الرخصة في سوريا.
وبيّن طه أن السفينة “Nova1” دخلت ميناء بانياس 17 أكتوبر/تشرين الأول، ومن المتوقع أن تستغرق عمليات الصيانة 15 يوماً، مشيراً إلى أنه قبل اندلاع الحرب الإرهابية على سوريا، قام بأعمال صيانة للكثير من السفن التي رفعت أعلام دول عربية وأجنبية، التي لم يستطع إحصاءها، لكن بعد اندلاع الحرب تراجع الكثير من أصحاب السفن عن التوجه إلى سوريا، بسبب الحصار والعقوبات.
قبل الحرب.. وبعدها
بغصة، يستذكر طه، واقع حال موانئ اللاذقية وطرطوس وبانياس قبل اندلاع الحرب، ويروي: كانت حينذاك السفن تنتظر بالدور عند رصيف الميناء لتبدأ بأعمال الصيانة، حيث كانت تمر أيام تكون هناك اربعة سفن تنتظر دورها للدخول تباعاً إلى حوض الميناء.
ولفت طه إلى ان أصحاب السفن يرغبون بصيانتها في سوريا لما تتمتع به ورشنا بسمعة طيبة من ناحية الخبرات والأداء المتقن وسرعة الإنجاز، ناهيك عن الأيدي العاملة الأرخص من الدول الباقية.
ولا يقتصر عمل طه على ميناء بانياس، وإنما يشمل ميناءي اللاذقية وطرطوس اللذين يتيحا لنا إمكانية إجراء الصيانة لسفن كبيرة تصل حمولتها إلى 10 ألاف طناً، فيما ضيق مساحة ميناء بانياس لا يتيح صيانة سفن حمولتها كبيرة، مبيناً أن حمولة السفينة “Nova1” تبلغ 5000 طناً.
ويرى طه أن الصيانة في ميناء بانياس أفضل من ناحية تعطيل على حركة الشحن والتجارة في ميناءي اللاذقية وطرطوس، بالإضافة إلى أنني وعمال ورشتي جميعنا من أهالي بانياس، ما يجعل العمل ضمن ميناء بانياس يوفر علينا أجور النقل.
ولتحقيق ما سبق، قال طه: نسعى لتوسيع ميناء بانياس ليتم صيانة السفن فيه بحمولة تصل إلى 10 ألف طن، أسوة بميناءي اللاذقية وطرطوس، كما اشار إلى ضرورة إنشاء مزلقان و حوض جاف في الميناء يساعدان على صناعة السفن بأحجام كبيرة، بالإضافة لإمكانية إقامة عمرة للسفن التي تجرى لها أعمال الصيانة في ميناء بانياس، مدللاً بأن السفن التي تجرى لها صيانة تتجه إلى دولة أخرى لإجراء تعمير لها، لأن السفن تحتاج لوجود مزلقان للوصول إلى الميناء وليس الوقوف بمحاذاة الرصيف كما هو واقع الحال اليوم.
واستند طه في مطالبته بتوسيع الميناء وإنشاء المزلقين والحوض الجاف، إلى استطاعتهم بناء سفن كبيرة تصل حمولتها إلى 3000 طناً، خاصة أنه يمكن القيام بجميع أعمال البناء والصيانة في ميناء بانياس.
وأكد طه تعليقه بهذه الأرض وهذه المهنة التي يبدع فيها منذ سنوات طويلة، مشيراً إلى رفضه عروضاً كثيرة مغرية تلقاها للعمل في بلاد أخرى، إلا أن آثر البقاء في سوريا التي تعد علامة تاريخية مسجلة في صناعة السفن وصيانتها بإبداع وإتقان.
إتقان العمل.. حافز لأصحاب البواخر
بدوره، أشار قبطان الباخرة عمر حداد إلى التسهيلات التي قدمتها المديرية العامة للموانئ فيما يتعلق بدخول الباخرة وصيانتها، مبيناً أن العمل يجري بشكل دؤوب من ورشة عمل كبيرة معروف عنها الاتقان في العمل والسرعة في الإنجاز. ناهيك عن انخفاض أجور الصيانة في سوريا والأيدي العاملة مقارنة بالدول الأخرى، الأمر الذي يراه حداد يشكل حافزاً قوياً لأصحاب البواخر للقدوم إلى سوريا.
وأكد حداد أنهم كانوا يستطيعون صيانة السفينة في اليونان أو مصر باعتبارهما أيضاً تقعان على خط سير سفنهم، لكنهم جاؤوا إلى سوريا بعد إعلان ميناء بانياس عن استئناف عمليات الصيانة فيه.
“مستمرون رغم الحصار”
بشار طه المسؤول عن ورشة صيانة (حديد السفن)، يقول لـ “سبوتنيك”: بالرغم من صعوبات العمل في ظل ظروف الحصار إلا أننا مستمرون سواء بأعمال صناعة السفن أو صيانتها، مشيراً إلى أنه تم تأمين جميع مستلزمات العمل.
وإذ أشار إلى أنه من المتوقع استغراق العمل في صيانة هذه السفينة شهرا، فإنه بيّن أن هناك ورش عدة تعمل في الوقت نفسه في الصيانة من ورش خشب، بلاط، دهان، حديد، ميكانيك، وقد تم تقسيم العمل إلى ورديتين الأولى تبدأ العمل منذ الساعة السابعة والنصف صباحاً حتى الخامسة عصراً، فيما تبدأ الوردية الثانية العمل الساعة الخامسة حتى الساعة الثانية فجراً.
دعم للاقتصاد الوطني
من جهته، أكد مدير ميناء بانياس موفق إبراهيم لـ “سبوتنيك” أنه تم تقديم كافة التسهيلات اللازمة لدخول السفينة “Nova1” إلى حوض ميناء بانياس، حيث بدأت على الفور الورش بأعمال الإصلاح والصيانة اللازمة، مضيفاً: كمديرية موانئ قمنا بتسهيل دخول العمال وجميع المواد اللازمة في أعمال الصيانة إلى الميناء بعد انقطاع عن العمل.
وأشار إبراهيم إلى أن السفينة “Nova1” دخلت الأسبوع الماضي ميناء بانياس ترفع علم جزر القمر، طولها 96.88 متراً وعرضها 17.80 متراً، وتبلغ حمولتها 5000 طناً، مبيناً ان دخول سفن أجنبية إلى الميناء يفرض عليها رسوماً جزء منها يدفع بالقطع الأجنبي الذي يعود إلى خزينة الدولة بما يدعم الاقتصاد الوطني.
وأضاف: ناهيك أن ورش صناعة السفن، أو إصلاحها وصيانتها، يؤمن مئات فرص العمل للشباب العاطلين عن العمل والذين يمتلكون خبرات ومهارات في هذا المجال.
وأشار مدير ميناء بانياس إلى أن التسهيلات المقدمة لأصحاب السفن من ناحية دخول الموانئ، بالإضافة للسرعة في إنجاز أعمال الصيانة المقترن بالأداء المتقن، يشكل حافزاً قوياً لبقية أصحاب السفن لارتياد الميناء.
سبوتنيك
اقرأ ايضاً:“ستروي ترانس غاز” تضيف نصف مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى الشبكة السورية