السبت , نوفمبر 23 2024
مظلم ومخيف .. هذا ما لا تعرفه عن الجانب الآخر للقمر

مظلم ومخيف .. هذا ما لا تعرفه عن الجانب الآخر للقمر

مظلم ومخيف .. هذا ما لا تعرفه عن الجانب الآخر للقمر

 

نشر موقع “بيج ثينك” الأمريكي مقال رأي للكاتب إيثان سليغل تحدث فيه عن أسباب الاختلاف الكبير بين جانبي القمر القريب من الأرض والبعيد عنها.

 

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته “عربي21 لايت”، إن القمر إلى حد بعيد هو أوضح وأكبر جرم سماوي يمكن لعين الإنسان رؤيته في سماء الليل على الأرض. يبلغ قطر القمر ثلاثين مرة ضعف قطر كوكب الزهرة، ويشغل ما يقارب 1000 ضعف مساحة سطحه، ويبدو أكثر سطوعًا منه بحوالي مليون مرة. لكن لا يظهر القمر كقرص موحّد للعين المجردة، وإنما تختلف معالمه من مكان إلى آخر حتى من منظورنا المحدود له على الأرض.

 

بالنسبة للعين المجردة، تكون هذه الاختلافات في شكل بقع ساطعة ومظلمة. أما إذا ألقيت نظرة من خلال التلسكوب، فلن ترى فقط تلك البقع المظلمة على الأجزاء الأكثر إشراقًا، وإما أيضًا تلالا وفوهات وتضاريس غامضة، المعروفة باسم خط الغلس المتحرك. على الرغم من أن هذه الميزات قد تكون مألوفة، إلا أنها تحمل جميعًا أدلة على تاريخ القمر القديم، ويمكن أن تساعدنا في فهم سبب عدم اعتبار “وجه” القمر الذي نراه هو المنظور الوحيد المهم.

 

ذكر الكاتب أن هناك ميزتين رئيسيتين حول القمر لا يمكن تجاهلها، الأولى أن سطحه تكسوه الحفر إلى حد كبير وأن المناطق ذات الألوان الفاتحة بشكل عام مليئة بالحفر أكثر من المناطق المظلمة. وتشمل العديد من المناطق فوهات صغيرة داخل فوهات متوسطة الحجم داخل فوهات عملاقة، مما يوفر دليلاً على أن الحفر الأكبر قديمة جدًا لدرجة أن الفوهات الأحدث والأصغر تشكلت فوقها.

 

ثانيا، تحتوي المناطق المظلمة المعروفة باسم البحار القمرية، على عدد قليل نسبيًا من الحفر ومعظمها أصغر. تعتبر هذه المناطق ملحوظة لأنها ذات لون وتكوين مختلف بشكل كبير عن غالبية سطح القمر.

 

وأشار الكاتب إلى أن الجانب نفسه من القمر دائمًا ما يواجه الأرض، لكن أجزاء مختلفة من نصف الكرة القمرية تضيء طوال الشهر اعتمادًا على المواقع النسبية للأرض والقمر والشمس. ونظرًا لأن مدار القمر بيضاوي الشكل، فإنه يتحرك بشكل أسرع عندما يكون أقرب إلى الأرض وأبطأ عندما يكون بعيدًا عنها، وهو ما يُفسر تغير وجه القمر المرئي بشكل طفيف باستمرار، وهي ظاهرة تُعرف باسم الاهتزاز القمري.

 

عندما تمكنت المركبة الفضائية السوفيتية “لونا 3” من الوصول إلى الجانب البعيد من القمر حصلنا على أولى الصور له. وعلى الرغم من أن الصورة لم تكن ذات جودة عالية، إلا أنها كشفت أن الجانب القريب من القمر مختلف تمامًا من حيث عدد وأبعاد الحفر والبحار القمرية عن الجانب البعيد. شكّل هذا الاكتشاف صدمة كبيرة، على مدى عقود، حتى مع تحسن جودة الصور وفهمنا لهذا الجانب من القمر. إذن، ما هي الاختلافات الكبيرة بين الجانب القريب والبعيد من القمر؟

 

ذكر الكاتب أن أول اختلاف ملحوظ على الفور هو الغياب شبه الكامل للبحار القمرية على الجانب البعيد. هناك واحد بارز في نصف الكرة الشمالي للقمر لكنه صغير، وربما يكون هناك عدد قليل أصغر ولكن لا يوجد بحار عريضة أو عميقة مثل تلك الموجودة على الجانب القريب من القمر.

 

أما الاختلاف الثاني فهو وجود الحفر في الجانب البعيد بشكل أكثر بروزًا ودقة. ومع مساحة أكبر بكثير خالية من البحار، هناك المزيد من المساحات المليئة بالحفر. ورغم اكتشاف هذا لأول مرة في سنة 1959، إلا أن الأمر استغرق وقتًا أطول للوصول إلى سبب الكامن وراء هذا اللغز. فيما بعد، اكتشف العلماء أن التحليلات السابقة خاطئة.

 

وأوضح الكاتب أن النظام الشمسي مليء بالمذنبات والكويكبات الخطرة التي تتبدد بشكل دوري في المناطق الداخلية المجاورة لنجمنا. وأحيانا ينتج عن هذه الأجسام ظهور مذنبات ونيازك. ولكن عندما تسوء الأمور، تصطدم إحدى تلك الأجسام الكبيرة بجسم أكبر، مما يخلق تأثيرًا كارثيًا. ولهذا السبب، من المحتمل أنه عندما تتجه هذه الصخور الفضائية الضخمة نحو القمر من الجانب البعيد لا يوجد شيء على الإطلاق يعيق طريقها فتصطدم به، أما عندما تقترب من القمر من الجانب القريب، فإن الأرض تعمل كدرع.

 

وحقيقة أن المسافة بين الأرض والقمر أكبر بحوالي أربعين مرة من قطر الأرض تعني الاختلاف في عدد التأثيرات على الجانب القريب من القمر. وتجدر الإشارة إلى أن الجانب البعيد مليء بالحفر أكثر بحوالي 30 بالمئة من الجانب القريب، وهو فرق هائل لا يمكن تفسيره كميًا من خلال انحراف الضوء بتأثير الجاذبية.

 

 

لا يقدم هذا التفسير أي اختلافات في وفرة البحار القمرية التي تظهر على الجانب القريب مقابل الجانب البعيد. ويُعتقد أن البحار ظهرت نتيجة تدفقات الحمم البركانية من الشقوق. واتضح أن الإجابة لها علاقة بالتصادم في الفضاء، ولكن ليس من المذنبات والكويكبات.

 

منذ حوالي 4.5 مليار سنة، عندما كان النظام الشمسي لا يزال في مهده، تشكلت الأرض في الغالب. وكانت بحوالي 90-95 بالمئة من كتلتها الحالية. ولكن كان هناك كوكب آخر كبير جدًا بحجم كوكب المريخ في مدار مماثل تقريبًا لمدار الأرض. لعشرات الملايين من السنين، دار هذان الجسمان بشكل غير مستقر بعيدًا عن بعضهما البعض. وأخيرًا، بعد حوالي 50 مليون سنة من تشكل النظام الشمسي، اصطدما ببعضهما البعض.

 

انتهى الأمر بالغالبية العظمى من كلا الكواكب الأولية بتشكيل الأرض، بينما تناثرت كمية كبيرة من الحطام في الفضاء. بمرور الوقت، اندمجت كمية كبيرة من هذا الحطام بمفعول الجاذبية ومفعول حرارة الأرض لتشكل القمر، بينما اتجه الباقي إما إلى الأرض أو في مكان آخر في النظام الشمسي. وهناك الآن دليل على أن هناك أقمارا تدور حول عوالم صخرية أخرى، مثل المريخ وبلوتو، تشكلت على الأرجح من تأثيرات عملاقة.

 

 

ومن بين الفرضيات المطروحة – حسب الكاتب – أنه من المحتمل أن موقع القمر كان أقرب إلينا كثيرًا في البداية، ما يشير إلى أنه تشكل تدريجيًا بعد وقت قصير جدًا أي بعد حوالي  100 ألف عام أو أقل. هذه التفاصيل الأخيرة غير معروفة حاليًا، لكنها تظل احتمالًا قويًا. وإذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن حرارة الأرض أثرت على المواد الموجودة على جانبي القمر أثناء تشكله.

 

في سنة 2014 فقط، أي بعد 55 سنة من إلقاء نظرة خاطفة على الجانب البعيد من القمر، بدا أن دراسة أجراها أربيتا روي وجيسون رايت وشتاين سيغوردسون قد قدمت الأدلة اللازمة لدعمها. لقد نظروا في الحدث الذي خلق نظام الأرض والقمر المبكر واتبعوا المسارات المحتملة لتطوره الفيزيائي، حيث تشكل القمر من قرص حطام يدور حول الكواكب والأرض. وإذا كانت الأرض شديدة الحرارة، فإنه يستنفد عناصر معينة كلما اقترب من الأرض مثل الكالسيوم والألمنيوم. بعبارة أخرى، تخلق الحرارة المنبعثة من الأرض المبكرة تدرجًا كيميائيًا داخل القمر، مما يؤدي إلى تكوين مختلف لجانب القمر الأقرب إلى الأرض مقابل الجانب الأبعد عنها.

 

وأضاف الكاتب أن قوى المد والجزر القوية جدًا تذكّر بأن الأرض ضخمة جدًا مقارنة بالقمر (حوالي 70 مرة من الكتلة) وأن القمر كان أقرب إلى الأرض في الماضي. وإذا كان هذا هو الحال، فإن الوفرة الأكبر من الكالسيوم والألمنيوم في الجزء الأبعد من القرص المحيط بالكوكب أدت إلى تشكل قشرة أكثر سمكًا للجانب البعيد من القمر مقارنة بالجانب القريب.

 

وأشار الكاتب إلى أن البحار القمرية التي نراها هي دليل على تدفقات الحمم البركانية التي حدثت بعد ذلك بكثير، حيث تدفقت الصخور المنصهرة في الأحواض الكبيرة والأراضي المنخفضة على سطح القمر. ويفسر تشكل قشرة أرق على الجانب القريب وتكوين مختلف عن الجانب البعيد أسباب اختلاف الوجهان تمامًا حتى بعد مليارات السنين.

 

اقرأ ايضاً:دولة عربية وحيدة ضمن أفضل وجهات السفر حول العالم لعام 2023