ماذا سيحدث لو سيطر الجمهوريون على الكونغرس غداً؟
يحبس الشعب الأمريكي أنفاسه في ضوء استعداد البلاد لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقررة غدًا الثلاثاء، وذلك في ظل معركة محتدمة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إذ تشير الاستطلاعات إلى اقتراب الأخير نسبيًّا من السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ.
وفور صدور استطلاعات للرأي جرت في الأيام الأخيرة، سرعان ما انتشرت التقارير الغربية، وخاصة الأمريكية منها، التي تتنبأ بالوضع الذي يمكن تصوره فيما يتعلق بالسياسة الخارجية – بما في ذلك الأزمة الأوكرانية، وتوتر العلاقات مع روسيا وإيران، والتنافس مع الصين، إذا سيطر الجمهوريون على الكونغرس.
عدم الاستقرار السياسي
وقالت شبكة “سي. أن. أن” الأمريكية إن العام الجاري ربما يكون “ذروة جديدة من عدم الاستقرار السياسي” في البلاد إذا سيطر الجمهوريون على الكونغرس.
وذكرت الشبكة الإخبارية، في تقرير، أنه لطالما كانت انتخابات التجديد النصفي “سيئة” للحزب الذي يترأس البيت الأبيض، مشيرة إلى أنها تكون “سيئة بشكل خاص” عندما يكون معظم الأمريكيين غير راضين عن الاقتصاد وأداء الرئيس.
وأضافت أن السببين الأخيرين متوافقان تمامًا مع الوضع الراهن، إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن معظم الأمريكيين لا يوافقون على كيفية تعامل الرئيس جو بايدن، مع “الجريمة والحدود”، وخاصة الاقتصاد والتضخم.
وأوضحت “قد تكون هذه هي الطريقة التي ستنتهي بها الانتخابات في نهاية المطاف، لا سيما في السباقات التشريعية في مجلسي النواب والولاية حيث يكون المرشحون الأفراد أقل شهرة، ومن المرجح أن يعبر العديد من الناخبين عن عدم رضاهم عن تجاه البلاد من خلال التصويت ضد الحزب الحاكم”.
وتابعت الشبكة أن “الديمقراطيين لا يزالون قادرين على المنافسة بشكل غير متوقع في سباقات مجلس الشيوخ وحكام الولايات من خلال تركيز الانتباه ليس فقط على ما فعله بايدن، ولكن ما قد يفعله الجمهوريون مع السلطة”.
وقالت “سي. أن. أن” إن “فوز الجمهوريين في الانتخابات سيواصل ببساطة الاتجاه طويل الأمد نحو عدم الاستقرار” في النظام السياسي للولايات المتحدة، وينذر بحقبة مشابهة لعهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
“المساءلات والتحقيقات”
سلطت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية الضوء على الوضع السياسي الداخلي والخارجي في ظل كونغرس يقوده الجمهوريون، وقالت إنه من المرجح أن يبدأ الجمهوريون العديد من التحقيقات والمساءلات إذا استعادوا سيطرة الأغلبية على “الكابيتول”، مشيرة إلى أنه “سيتم الشعور بالعواقب في جميع أنحاء العالم”.
وعلى الجبهة المحلية، نقلت المجلة عن أحد السياسيين قوله، إنه إذا نجح الجمهوريون في الانتخابات، سيتم إجراء العديد من التحقيقات مع الكيانات العامة والخاصة، وقال إنه كان هناك حديث عن تحقيقات فيما يسمى بـ”ثقافة اليقظة”.
وعلى السبيل المثال، أوضح السياسي، في حديثه مع المجلة، أنه من المؤكد أن هانتر بايدن (نجل الرئيس الأمريكي) سيكون محور تركيز لجنة الرقابة في مجلس النواب بسبب علاقاته التجارية في الخارج. وأضاف “كانت هناك دعوات لعزل وزير الأمن الداخلي، أليخاندرو مايوركاس. كما إن الهجرة ستكون أيضًا محط تركيز كبير”.
وعلى جبهة السياسة الخارجية، رأت المجلة الأمريكية أن أولوية الجمهوريين الكبرى ستكون لأفغانستان، في ضوء الانسحاب الفوضوي من هناك، وقالت “لم نر أي نوع من المحاسبة التفصيلية من إدارة بايدن، حول الخطأ الذي حدث، ولماذا انهارت الحكومة الأفغانية بهذه السرعة وتلاشى الجيش الأفغاني كما حدث”.
وأضافت “لقد رأينا بالفعل بعض التلميحات المبكرة لهذا من التقرير المؤقت من لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الجمهوريين، وعن ملف آخر، سيبحث الجمهوريون في أصول فيروس كورونا المستجد ورد إدارة بايدن، على ذلك أيضًا”.
وعن الملف الصيني، ذكرت “فورين بوليسي” أنه في بعض الأحيان، يبدو أن إدارة بايدن تواصل سياسات ترامب العدوانية عندما يتعلق الأمر بالصين، إذ تستمر الإدارة في فرض عقوبات على بكين، بالإضافة إلى توسيع نطاق الضوابط بشكل كبير على التكنولوجيا المتدفقة مِن وإلى البلاد.
وقالت المجلة إن سيطرة الجمهوريين على الكونغرس قد تعني المزيد من سياسات المواجهة عندما يتعلق الأمر بنهج بايدن في التعامل مع الصين.
وفيما يتعلق بإيران، رأت المجلة أن “استيلاء” الجمهوريين على السلطة سيؤثر سلبًا على إدارة بايدن فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، كما إنه سيعيق حركة الإدارة فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق نووي، مشيرة إلى أن الجمهوريين سيستخدمون إيران دائمًا كنقطة حوار لـ”ضرب” بايدن الذي يعتقدون أنه كان متساهلًا بشكل كبير مع طهران.
وقالت المجلة إنه على الرغم من أن الاتفاق النووي يعد “ميتا” في الوقت الحالي، ورطت طهران نفسها نوعًا ما في الحرب الأوكرانية، إذ باتت روسيا تعتمد على مسيراتها بشكل كبير؛ ما قد يغير حسابات إدارة بايدن، في أي مفاوضات مستقبلية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.
صدمة في أوكرانيا
ستراقب أوكرانيا، بل وروسيا أيضا، انتخابات الكونغرس عن كثب، إذ يخشى الأوكرانيون أي إخلال في الدعم الأمريكي لبلادهم الذي يعتبرونه “مسألة وجودية” في ظل حربهم مع روسيا.
وقدمت الولايات المتحدة المزيد من الأسلحة والدعم المالي والمساعدات الأخرى لأوكرانيا أكثر من أعضاء دول حلف شمال الأطلسي “الناتو” الآخرين مجتمعين بواقع أكثر من 60 مليار دولار؛ ما جعل الحرب في أوكرانيا هي الكبرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
واستمر هذا الدعم على الرغم من الانقسامات الحزبية العميقة في واشنطن، والتي ظهرت بشكل كامل في الحملة الانتخابية للكونغرس، والتي من المتوقع أن تبلغ ذروتها في التصويت غدًا.
ولكن في حين أن الحرب الروسية لم تتصدر مخاوف الأمريكيين، فإن عددًا متزايدًا من المشرعين الجمهوريين – وعددًا أقل من الديمقراطيين – أعربوا عن مخاوفهم بشأن التزام مالي مفتوح لأوكرانيا.
وكان النائب كيفين مكارثي، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب والذي سيصبح زعيمًا لمجلس النواب إذا تولى الجمهوريون
زمام الأمور، قد صرح بأنه لن يكون هناك “شيك على بياض” لأوكرانيا إذا سيطر حزبه على الكونغرس.
وبصفته رئيسًا لمجلس النواب، سيكون لدى مكارثي، حرية واسعة في تعيين المشرعين المتشككين في أوكرانيا كرؤساء للجنتي الميزانية والشؤون الخارجية، فضلًا عن سلطة تحديد مشاريع القوانين التي سيتم طرحها للتصويت.
وتظهر استطلاعات الرأي قبل الانتخابات تضخمًا قياسيًّا، وارتفاع أسعار البنزين والطاقة، ومعدلات جريمة متزايدة، وركودًا يلوح في الأفق، وقضايا اقتصادية أخرى تتصدر قوائم المخاوف الأمريكية، وهي قضايا يُنظر إليها تقليديًّا على أنها نقاط قوة للجمهوريين.
ولم تشاهد الحرب الأوكرانية وغيرها من قضايا السياسة الخارجية في الحملات الانتخابية في جميع أنحاء البلاد أو في الإعلانات التي تغرق أجهزة التلفزيون الأمريكية، ومع ذلك، شكك عدد صغير من المشرعين في الكونغرس علانية في اندفاع الرئيس جو بايدن، في دعم كييف.
في المقابل، قد تحدث شقوق في صفوف الجمهوريين بالكونغرس حول ملف المساعدات لأوكرانيا، فإذا سيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ، في هذه الأثناء، سيصبح ميتش ماكونيل، زعيم المجلس، والذي كان السناتور أكثر قوة في تصريحاته العلنية الداعمة لأوكرانيا.
وقال في خطاب أمام مجلس الشيوخ في أيلول/سبتمبر “مساعدة أوكرانيا ليست بادرة رمزية تبعث على الشعور بالرضا. إنها بالمعنى الحرفي للكلمة استثمار في أمننا القومي وأمن حلفائنا.. إدارة بايدن وحلفاؤنا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتزويد أوكرانيا بالأدوات التي تحتاجها لإحباط العدوان الروسي”.
وعن شعور الجمهور الأمريكي تجاه الحرب في أوكرانيا، تشير استطلاعات الرأي، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية “بي. بي. سي”، إلى أن الدعم لا يزال مرتفعًا، لكن هناك علامات على أنه خف مع استمرار الحرب.
ارم نيوز _ احمد فتحي
اقرأ ايضاً:شركات “المكتب المرن” في سورية.. ما هي وما عملها؟