جولة جديدة من مباحثات أستانا… ما الذي يمكن أن تقدمه هذه المرة لسوريا؟
وسط التغيرات التي طرأت على الساحة السياسية، والتقارب الأخير بين أنقرة ودمشق، أعلن الممثل الخاص لرئيس روسيا لشؤون الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير خارجية روسيا الاتحادية ميخائيل بوغدانوف، أن الاجتماع الدولي المقبل حول سوريا بصيغة أستانا (روسيا، إيران، تركيا) سيعقد يومي 22 و23 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.
وبحسب بوغدانوف: “وافق شركاء روسيا بهذا الشكل – إيران وتركيا – على المشاركة في الاجتماع. بالإضافة إلى ذلك، سيحضر الاجتماع ممثلو الأطراف السورية والدول المراقبة.
وطرح البعض تساؤلات عن أهمية الجولة الجديدة من اجتماعات أستانا، لا سيما في ظل تصاعد الأحداث على الساحة الدولية، وبدء إعادة العلاقات السورية مع دول الجوار، وكذلك التقارب مع أنقرة.
أرضية سياسية
قال المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، الدكتور أسامة دنورة، إنه “على الرغم من أن الاستنتاجات المبدئية تذهب إلى أن مخرجات صيغة أستانا باتت تقليدية ومتوقعة مسبقا، إلا أن استمرار المسار بحد ذاته يعني بقاء التفاهم الإطاري الذي يضم الدول الضامنة الثلاث مستمرا، وهذا يعني أن الأرضية السياسية مؤهلة للاستمرار في ضبط الخلافات بين هذه الأطراف في الحد الأدنى، بما يضمن الحفاظ على حالة خفض التصعيد، والتقدم الجدي نحو الحلول في الحد الأقصى”.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”: “على الرغم من نمطية المشهد والتوقعات فإن تحرك الوضع الميداني والسياسي، وإن كان نسبيا، فهو يوحي بأن المقررات والبيانات الختامية للنسخ السابقة من أستانا قد تجد طريقها التدريجي للتطبيق”.
وتابع: “إن كان لا يزال من المبكر الحديث عن فعل تركي يوازي التصريحات الأخيرة حول حل الأزمة مع دمشق، ولكن رغم ذلك ليس من المستبعد أن يبلور الأتراك الانزياح المحدود في مواقفهم السياسية بصورة موافقة على صياغات جديدة قد تبلور التموضع التركي الجديد، والذي لا يزال في إطار المواقف والتصريحات، والذي تُعرف فيه أنقرة دورها كوسيط بين الحكومة والمجموعات المتمردة المسلحة، بدلا من كونها طرفا في الصراع، واحتمالات أقل للحديث عن تغيير المقاربة التركية ميدانيا، وهو الأمر الذي لم يشهد تغيرا ملحوظا مباشرا من قبل الأتراك حتى الآن، بغض النظر عن الاقتتال الإرهابي الذي لا تتدخل فيه أنقرة علنًا، إلا أن دورها حاضر من وراء الستار”.
وأشار دنورة إلى أن “الاجتماع بحد ذاته قد يكون مناسبة هامة للسير قدما في تطوير التفاهمات الروسية – التركية المتعلقة بسوريا، والبناء على ما تم إنجازه في هذا المسار بينهما لحد الآن، وصولا إلى إخراج هذه التوافقات من حيز التصريحات والخطط وإعلان النوايا إلى حيز التنفيذ”.
ومضى قائلا: “بالمحصلة فإن أستانا يعقد اليوم فيما يشبه مرحلة انتقالية تظهر فيها معالم مبدئية للتغيير، دون أن يكون ممكنا الحديث بثقة عن انزياحات واضحة المعالم، ودون القدرة أيضا على تأكيد استمرار الجمود”.
جولة مهمة
بدوره، اعتبر المحلل السياسي السوري، غسان يوسف، أن “هذه الجولة من اجتماعات أستانا تختلف عن سابقتها، وذلك بعد أن رفضت سوريا وإيران العملية التركية داخل الأراضي السورية، وكذلك بعد التصريحات الإيجابية التي أطلقتها أنقرة على لسان الرئيس التركي ووزير الخارجية، إضافة إلى المباحثات الاستخباراتية التي تمت بين أنقرة ودمشق”.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”: “باتت تركيا اليوم تشعر بخطر تقسيم وسوريا، وتخشى في هذه الحالة أن يتم صناعة كانتون تركي يدعمه الغرب والولايات المتحدة الأمريكية ويكون بداية لتقسيم تركيا أيضا”.
وأوضح أن “روسيا لعبت دورا كبيرا في التقريب بين وجهات النظر السورية والتركية، لذلك ربما يكون هناك نتائج إيجابية لجولة أستانا الجديدة، التي تختلف عن الجولات السابقة، أهمها مناقشة تفكيك الجماعات الإرهابية، وإجراء مفاوضات ما بين الحكومة السورية والمعارضة، وحل ما يسمى بالجيش الوطني عبر مرسوم عفو من الرئيس بشار الأسد، وأن يكون هناك تهيئة لتعديل اتفاقية أضنة بما يضمن أمن الحدود للبلدين”.
ويرى غسان يوسف أن “هذه الجولة قد تكون بداية لتقارب سوري تركي، وكذلك مدخلا لحلحلة الوضع السوري، على الأقل من جانب أنقرة، وتوحيد الجهود لمنع كل محاولات التقسيم الإداري في الشمال الشرقي من سوريا”.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الكازاخستانية، أيبيك سادياروف، أن الجولة القادمة من محادثات أستانا حول سوريا ستعقد في نوفمبر الجاري.
وقال سادياروف للصحفيين خلال إحاطة إعلامية ردا على سؤال وكالة “سبوتنيك” بهذا الصدد: “ستعقد الجولة القادمة من محادثات أستانا حول سوريا في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)”.
واستضافت كازاخستان من 15 إلى 16 يونيو/حزيران الجولة الـ18 من المفاوضات رفيعة المستوى للبلدان الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) لعملية أستانا للتسوية في سوريا بمشاركة ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة، فضلا عن الأمم المتحدة.