توفي السبت 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، مهران كريمي ناصري، اللاجئ السياسي الإيراني الذي عاش أكثر من 18 عاماً في مطار رواسي-شارل ديغول في العاصمة الفرنسية باريس، وألهم المخرج ستيفن سبيلبرغ في فيلمه (ذي تارمينال)، بحسبما قالت شبكة “Euro News” الأوروبية.
الشبكة الأوروبية نقلت عن فرانس برس قولها إن ناصري مات موتاً طبيعياً في المبنى “إثنان إف” في المطار نفسه الذي عاش فيه 18 عاماً قبل وقت قصير من ظهر السبت.
بحسب، الوكالة الفرنسية، فإن ناصري بعدما أنفق جزءاً كبيراً من الأموال التي حصل عليها نظير الفيلم، عاد إلى المطار قبل عدّة أسابيع.
كانت حياة كريمي ناصري مصدر إلهام لكثير من الروايات والأفلام الأجنبية. أحد تلك الأفلام، فيلم “The Terminal” عام 2004، للمخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ، وبطولة توم هانكس.
قصة اللاجئ الإيراني
ولد “ناصري” في إيران عام 1942 من أب إيراني وأم من أصول بريطانية، وحين وصل المرحلة الجامعية، قرر السفر لإكمال تعليمه في جامعة “برادفورد” في إنجلترا عام 1974، وأثناء سنوات دراسته هناك، كانت إيران تشهد ظروفاً سياسية مضطربة وحكماً قمعياً من أجهزة الدولة في ظل حكم الشاه.
شارك ناصري في مظاهرات احتجاجية نظمت في بريطانيا ضد نظام الشاه، وهو ما كان سبباً في تعرضه للاعتقال بعد عودته لإيران عام 1977، حيث سُجن لمدة 4 أشهر، وبعد إطلاق سراحه، قرر مغادرة إيران.
سافر ناصري إلى أوروبا، ولعدة سنوات حاول طلب اللجوء من عدة دول في جميع أنحاء أوروبا تقريباً، وبعد معاناة منحته بلجيكا صفة لاجئ.
بعد أن حصل على صفة اللجوء من بلجيكا، ونظراً لأن “ناصري” كان أكثر دراية بإنجلترا، حيث أمضى سنوات دراسته هناك، قرر عام 1988 السفر إلى إنجلترا والاستقرار هناك، وهو قرار سيندم عليه طوال عمره.
قرر ناصري بعد ذلك السفر إلى إنجلترا والاستقرار هناك، وهو قرار سيندم عليه طوال عمره، ففي رحلته إلى إنجلترا كان عليه الهبوط في فرنسا، وركوب طائرة ثانية متجهة إلى لندن.
في لندن، اكتشف “ناصري” أنه أضاع حقيبته التي تحوي أوراقه الرسمية، فقبضت عليه السلطات البريطانية وأعادته إلى باريس مرة أخرى.
ولأنه لم يكن يملك أية أوراق رسمية تثبت هويته، لم تسمح له السلطات الفرنسية بدخول أراضيها، ولم تقبل السلطات البلجيكية استقباله أيضاً للسبب نفسه.
لم يكن لدى الفرنسيين دولة يستطيعون إرسال ناصري إليها، باختصار لم يتمكنوا من إرسال ناصري إلى إيران، أو بلجيكا أو إعادته لإنجلترا، ولم يكن لديه الأوراق اللازمة للمغادرة لداخل فرنسا أيضاً، وأصبح “ناصري” الآن رجلاً دون بلد.
18 عاماً في المطار
ترافع عنه محامي حقوق الإنسان الفرنسي “كريستيان بورجيه” لمدة 4 سنوات، إلى أن قضت المحكمة أخيراً بأن “ناصري” دخل المطار بشكل قانوني كلاجئ ولا يمكن طرده منه.
لكن لم تتمكن المحكمة من منح “ناصري” تأشيرة مؤقتة أو منحه وضع لاجئ، لأنهم لم يكن لديهم السلطة للقيام بذلك، ولم تستطع المحكمة إجبار الحكومة الفرنسية على السماح له بالخروج من المطار إلى الأراضي الفرنسية.
فكان المكان الوحيد الذي يُمكنه البقاء فيه هو مطار “شارل ديغول الدولي” في فرنسا.
وقال بورجيه: “إن السلطات الفرنسية رفضت في الواقع منح ناصري إما تأشيرة لاجئ أو تأشيرة عبور.
كانت بيروقراطية محضة”.
في 2006، وبعد 18 عاماً من بقائه في المطار أصيب ناصري بوعكة صحية شديدة تم نقله على إثرها إلى المستشفى خارج المطار، برعاية فرع الصليب الأحمر الفرنسي، وبعد بقائه عدة أشهر في المستشفى وتحسن حالته الصحية والعقلية، غادر المستشفى أخيراً في 2007.
سمحت له السلطات الفرنسية بالبقاء في فرنسا، ونُقل إلى مأوى للمشردين في باريس، لكنه استخدم المال الذي حصل عليه للسفر، وإكمال رحلته إلى بريطانيا التي بدأها قبل 20 عاماً، وإنهاء معاناته مع البيروقراطية التي سلبت منه حياته.
اقرأ أيضا: ليلة لن تنسى.. عارضة أزياء تحفز حارس مرمى المكسيك “بوعد جريء”