تعرف إلى خطة البيت الأبيض الجديدة لاستعمار القمر
قالت ريبيكا هيلويل في مقال على موقع «فوكس» إنَّه أخيرًا أُطلقت المهمة الأولى لبرنامج «أرتيميس» التابع لناسا بإطلاق مركبة أوريون الفضائية في رحلة حول القمر.
وتعدُّ خطوة كبيرة إلى الأمام في الخطة الطموحة التي تهدف إلى إعادة البشر إلى سطح القمر بحلول عام 2025. وتمثل أيضًا بداية تنفيذ طموحات البيت الأبيض ببناء بؤرة استيطانية دائمة على القمر.
بايدن يطمح لاستعمار القمر
أصدر الأسبوع الماضي المجلس القومي للعلوم والتكنولوجيا التابع للبيت الأبيض «إستراتيجيته الوطنية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء»، وهي وثيقة مفصلة تشرح أهداف إدارة بايدن للفضاء القمري، وهي المنطقة الواقعة تحت تأثير الجاذبية الأرضية والقمر.
تحدد الإستراتيجية أربعة أهداف أساسية تبدو غير منطقية للغاية، تشمل الاستثمار في البحث والتطوير، والتعاون مع البلدان الأخرى، وبناء شبكات اتصالات في الفضاء، وتعزيز الوعي العام للظروف البشرية بالقرب من القمر وعلى سطحه.
وأوضحت الكاتبة أن هذه الخطة تثير مجموعة من المسائل القانونية والسياسية والبيئية المفتوحة حول كيفية عمل الحياة على سطح القمر.
قال سكوت بيس، مدير معهد سياسة الفضاء بجامعة جورج واشنطن: «المهمات الاختبارية، مثل أرتيميس 1 الجارية الآن، والمهمة التالية المأهولة، ثم الهبوط الأول، تم التخطيط له بشكل جيد إلى حد ما. السؤال الآن هو ماذا سيحدث بعد ذلك؟».
يكمن جزء من إجابة هذا السؤال في تطوير العلم. فعلى سبيل المثال، تهتم أمريكا بكيفية استخدام الجزء البعيد من القمر، وهي منطقة محمية منه لا تتعرض لترددات الراديو القادمة من الأرض، لبناء أنواع جديدة من المراصد الفلكية. قد يؤدي تطوير الموارد والتكنولوجيا على سطح القمر في النهاية إلى تسهيل إطلاق بعثات مستقبلية إلى المريخ.
لكن الحكومة مهتمة بالقمر لأسباب تتجاوز توسيع معرفة البشر بالكون. إذ تؤكد إستراتيجية البيت الأبيض الجديدة على أنشطة التنمية الاقتصادية المتوفرة في الفضاء القمري وعلى سطح القمر، كما تحدد الأهداف السياسية للحكومة، بما في ذلك «تأكيد الريادة الأمريكية».
أوضح نامراتا جوسوامي، محلل سياسات الفضاء المستقل: «من الواضح جدًّا أن الأمر لا يتعلق فقط بالبحث والعلوم، ولكنه أيضًا يتعلق بالآفاق الاقتصادية في القمر. حتى الآن، تتصرف الولايات المتحدة بتحفظ شديد إزاء الاستخدام الصناعي للموارد القمرية».
يجادل بيس بأنه إذا نجحت الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها، فقد يبدو القمر في النهاية مختلفًا تمامًا. سيُملأ المدار القمري بالعديد من الأقمار الصناعية، بما في ذلك شبكة تحديد مواقع قمرية ومحطة فضاء بشرية قادرة على إيواء رواد فضاء بشريين تعمل بوصفها محطة استراحة قبل هبوطهم على سطح القمر.
تكشف الكاتبة أنَّه على الرغم من عدم وجود خطط لمدينة قمرية فإن هناك مقترحات لإنشاء موقع استيطاني دائم على القطب الجنوبي للقمر، حيث قد تقضي أطقم العمل يومًا ما دورات مدتها ستة أشهر (أعلنت الصين وروسيا خططًا لإنشاء موقع استيطاني على القمر أيضًا).
وفي حال نجاح خطة ناسا، فقد يستضيف سطح القمر في النهاية سلسلة من محطات الطاقة النووية، ويشهد عملية استخراج للموارد، بل قد يجري إنشاء شيء يشبه الإنترنت على القمر. بالنظر إلى هذه الخطط، تقدر الحكومة الأمريكية أن مستوى النشاط البشري في الفضاء القمري خلال العقد القادم يمكن أن يتجاوز كل ما حدث هناك بين عام 1957 واليوم، مجتمعين.
عقبات تعترض طريق المشروع الطموح
تستدرك الكاتبة بأنَّ خطط البيت الأبيض تواجه عدة عقبات. ويمكن أن تكون التوترات السياسية وحدها مصدرًا رئيسيًّا للصراع، وفقًا لميشيل هانلون، المدير المشارك لمركز قانون الجو والفضاء في كلية الحقوق بجامعة ميسيسيبي.
أولاً، لا تزال هناك رؤية مشتركة عالمية لما يجب أن يشتمل عليه مستقبل القمر. وقعت أكثر من 20 دولة على اتفاقيات أرتميس التي تقودها الولايات المتحدة، وهي مجموعة من المبادئ لاستكشاف واستخدام سطح القمر.
وقال الرئيس السابق لوكالة الفضاء الروسية إن موسكو لن تدعم برنامج أرتميس في شكله الحالي، وقد منع الكونجرس وكالة ناسا من العمل مع الصين منذ عام 2011. وبينما يواصل البيت الأبيض تأكيد التعاون الدولي وكبر مساحة القمر (أقل بقليل من 15 مليون ميل مربع)، يمكن أن ينتهي الأمر بالعديد من البلدان إلى التنافس على نفس الموارد، مثل موقع هبوط معين أو مجموعة معينة من المواد.
يمكن أن تؤثر هذه التوترات حتى في الجهود المبذولة لخلق فهم مشترك لما يحدث في الفضاء القمري، وهو أحد الأهداف الرئيسية للحكومة. قال البيت الأبيض إنه يريد توسيع الوصول إلى البيانات المتعلقة بالطقس الفضائي وتتبع الأقمار الصناعية من أجل المساعدة في المشكلة الناشئة؛ لإدارة حركة توزيع الأقمار الصناعية، وكذلك إنشاء قائمة بجميع الكائنات على القمر، لكن ليس من الواضح كيف سيحدث ذلك.
وقال موريبا جاه، المؤسس المشارك وكبير العلماء في برايفيتير سبيس، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: «أعتقد أن الولايات المتحدة بعيدة جدًّا عن تحقيق ذلك. عندما يتعلق الأمر بقوائم الأجسام الفضائية في الولايات المتحدة في الوقت الحالي، فقد طورتها إلى حد كبير وحفظتها حصرًا وزارة الدفاع الأمريكية، التي لا يمكن أن تكون منظمة شفافة لأسباب واضحة».
تنوه الكاتبة لأنَّه في الوقت نفسه هناك مشكلة أكثر إلحاحًا بدأت البشرية في تصديرها إلى القمر وهي الخردة. يمتلئ سطح القمر بالعناصر التي تركها رواد الفضاء وراءهم، بما في ذلك كرات الجولف وما يقرب من 100 كيس من الفضلات. وتوصل البشر أيضًا إلى طرق للتخلص من القمر دون زيارته؛ إذ قامت وكالة ناسا بتحطيم مركبة فضائية آلية على سطح القمر في عام 2009 في محاولة لدراسة المصادر المحتملة للمياه على القمر.
وفي مارس (آذار) الماضي، تحطمت خردة فضائية يعتقد أنها من مهمة صاروخية صينية في عام 2014 على سطح القمر. يشعر علماء البيئة في الفضاء بالقلق من أن الدمار البيئي الذي أحدثه البشر على الأرض يمكن أن يصبح مشكلة على القمر ومداره.
وبشكل مثاليٍّ، سيركز اقتصاد الفضاء الناشئ على منع التلوث وتجنب المعدات ذات الاستخدام الواحد، مثل الأقمار الصناعية والمركبات الجوالة والصواريخ، قدر الإمكان.
وقال جاه، وهو أيضًا أستاذ هندسة الطيران في جامعة أوستن: «نحن بحاجة إلى جعل هذه الأشياء قابلة لإعادة الاستخدام والتدوير». وأضاف: «بالنسبة للمعدات ذات الاستخدام المؤقت، كيف نتخلص منها تخلصًا آمنًا بحيث لا تتسبب في تأثير بيئي ضار؟»
تختم الكاتبة بأنَّه بطبيعة الحال، فإن إستراتيجية البيت الأبيض التي صدرت مؤخرًا هي مجرد مسودة أولية لما قد تبدو عليه خطط الحكومة للقمر في نهاية المطاف، وليس هناك ما يضمن أن تكون رؤية الولايات المتحدة هي التي ستحدث. ومع ذلك، من الواضح بشكل متزايد أن عصر أرتميس سيأتي مع تحديات كبيرة. بينما تغامر البشرية في عمق الفضاء، وعلى القمر يخاطر البشر بإحداث المشكلات نفسها التي لم نجد لها حلًّا بعد على الأرض، بما في ذلك الصراع بين البلدان، وإلحاق الضرر بالبيئة، وحتى التحدي المتمثل في الحفاظ على تاريخنا.
وقال هانلون: «سيكون أمرًا مأساويًّا أن تُمحى آثار حذاء نيل أرمسترونج، بسبب كل هذه الأنشطة على القمر».
عبد الرحمان النجار- ساسة بوست
اقرأ ايضاً:«رويترز» تكشف: الأسد يرفض مقابلة أردوغان وهذه هي الأسباب ؟!