ذكر موقع “الجزيرة” أنّه في الرابع من كانون الأول 1872، رأى طاقم السفينة العملاقة “ديي غراسيا”، وهم يعبرون المحيط الأطلسي في اتجاه أوروبا بعد أيام من مغادرتهم ميناء نيويورك سفينة شراعية في الأفق تتحرك بصورة غير صحيحة، وأحد أشرعتها يرفرف في مهب الريح.
تروي مجلة “لوبوان” (Le Point) الفرنسية قصة هذه السفينة الغامضة التي أصبحت لغزا وموضعا لعدة نظريات لا تفسر أي منها بشكل مقنع ما حدث.
حيث تعرف القبطان ديفيد ريد مورهاوس قائد “ديي غراسيا”، على السفينة “ماري سيليست” التي غادرت نفس الميناء قبله بأسبوع بقيادة صديقه بنيامين سبونر بريغز، وقال متعجبا “لا أرى أحدا على دفة القيادة”، وأمر بالتوجه نحوها.
لا شيء مفقود سوى الطاقم
صعد 3 من بحارة “ديي غراسيا” على متن السفينة وفتشوها من البداية حتى النهاية، فلم يعثروا على أي وجود بشري، ولاحظوا أن الأشرعة مبطنة بشكل سيئ وأن حبال الشراع الرئيسي مقطوعة، وعجلة القيادة تدور في الفراغ، وأن مؤونة كافية لـ6 أشهر في المخزن ومعها الكثير من مياه الشرب، وبالتالي لا شيء مفقود على متن السفينة باستثناء الطاقم.
إذن إلى أين ذهب الطاقم؟ لا يوجد ما يشير إلى ذلك وفق المجلة، فالسفينة ليست على وشك الغرق، والسجل في مقصورة القبطان لم يسجل فيه شيء.
ومع تعميق البحث، بدا أن بعض أدوات الملاحة مفقود، بالإضافة إلى عَقد النقل البحري ودفتر الملاحة وزورق صغير، فهل استخدمه الطاقم للهروب؟ ولماذا يفرون من سفينتهم وهي في حال ممتازة؟ يتساءل مورهاوس وطاقمه من دون العثور على إجابة، قبل أن يقرروا أخذ المركبة إلى جبل طارق للمطالبة بحصتهم كمكتشفي حطام في البحر.
سفينة “ملعونة”
وكشف التحقيق اللاحق أن هذه السفينة بنيت عام 1860 وبدأت الإبحار تحت اسم أمازون، وبدا منذ أول أيامها أنها “ملعونة”، إذ مات قائدها الأول على الفور، كما تقول المجلة، وأفلس أصحابها الواحد تلو الآخر، قبل أن تتحرك من نيويورك باسم ماري سيليست في تشرين الأول 1872، تحت قيادة قبطان جديد وشريك في ملكيتها، هو بنيامين سبونر بريغز (37 عاما).
وانطلقت ماري سيليست في الخامس من تشرين الثاني إلى “جنوة” بإيطاليا، وهي تحمل 1701 برميل من الكحول المحوَّل غير الصالح للشرب، ولم يبلغ السجل عن أي حوادث خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من رحلتها، ولكن ماذا حدث في 26 تشرين الثاني حتى يختفي البحارة؟
زلزال أم أخطبوط عملاق أم فطر مهلوس؟
قدمت عشرات الفرضيات، كل منها أكثر جنونا من الأخرى، إحداها تتهم الطاقم بالسكر وقتل القبطان وعائلته والفرار على متن قارب، ولكن الكحول غير صالح للشرب مما ينفي هذه الفرضية، أما النظرية الثانية، فهي أن قبطان ماري سيليست وقبطان “ديي غراسيا” اتفقا قبل مغادرتهما نيويورك على القيام بعملية للمطالبة بالمكافأة المستحقة لمن يجد حطاما في البحر، ولذلك من الممكن أن يكون بريغز قد قتل طاقمه قبل أن يلتقطه مورهاوس، ليذهب به إلى جبل طارق، ولكن بريغز سيخسر في هذه الحالة أكثر مما سيربح لأنه مالك جزئي.
وترى النظرية الثالثة أن قبطان وطاقم “ديي غراسيا” اقتحموا ماري سيليست وذبحوا طاقمها بأكمله، في حين ترى النظرية الرابعة أن أخطبوطا جائعا عملاقا هاجم السفينة وأكل طاقمها، وتتوقع نظرية خامسة أن الطاقم اختطفه طبق طائر، وتتخيل سادسة أن الماء أو الطعام ملوث بفطر مهلوس دفع الطاقم للقفز في الماء، أو أن إعصارا حمل كل الحاضرين وفق نظرية سابعة، وغير ذلك من الفرضيات.
وفي النهاية، تلقى رجال الإنقاذ في “ديي غراسيا” سدس القيمة المؤمن عليها للسفينة وشحنتها، أو 7700 دولار في ذلك الوقت (حوالي 120 ألف دولار اليوم)، وتم إرجاع ماري سيليست إلى بوسطن من قبل أصحابها. لكن الحظ السيئ لم ينته، إذ غرق والد أحد المالكين أثناء وجوده على متن السفينة التي تم تغييرها 17 مرة في الـ13 سنة اللاحقة قبل أن يلقي بها آخر مالك لها لتتحطم في الشعب المرجانية بالقرب من هاييتي في الثالث من كانون الثاني 1885.
اقرأ أيضا: كيف ستكون الحياة لو كان للبشر ذيول ؟