صرح الخبير الاقتصادي في مجال النفط والطاقة الدولية وأحد كبار خبراء النفط في العالم، الدكتور ممدوح سلامة، اليوم الثلاثاء، بأن سقف السعر الذي فرضته دول مجموعة السبع الكبار، على قطاع النفط الروسي “محكوم عليه بالفشل الذريع”.
وقال سلامة، لوكالة “سبوتنيك”، إن: “سقف السعر لن يؤدي إلا إلى خلق الارتباك وزيادة النقص في سوق النفط العالمية”.
وأضاف أن “ذلك لن يؤثر على صادرات البلاد من النفط نظراً لوجود أسطول كبير من ناقلات النفط في حوزة روسيا، مما يعطي البلاد القدرة على توصيل صادراتها النفطية حول العالم، مشيراً إلى أهمية طريق بحر الشمال الذي يسمح لروسيا بأن تشحن نفطها من القطب الشمالي الروسي إلى الصين، مما يقلل وقت الشحن بمقدار النصف”.
ورداً على سؤال “سبوتنيك” حول ملف “أسطول الظل” المكون من 100 ناقلة للنفط التي اشترتها روسيا في الفترة الأخيرة، أفاد الدكتور سلامة بأن “هذا سيعزز قدرتها على تجاوز العقوبات وإيصال المزيد من نفطها إلى المزيد من الزبائن حول العالم”.
كما أكد سلامة على أهمية شبكة الأنابيب النفطية التي تربط روسيا بجوارها، قائلاً إنه: “يمكن لروسيا تزويد الصين، وهي الزبون الأكبر لصادراتها من النفط، عبر خطوط أنابيب النفط التي تربط بين كلا البلدين”.
وفي ملف قدرة روسيا على إيصال شحناتها من النفط بحراً دون اللجوء إلى شركات التأمين الغربية، أشار الخبير إلى أن روسيا “لا تحتاج إلى خدمات تأمين غربية لأنها تستطيع ترتيب تأمينها الخاص، ولزبائنها أيضًا، وعلى استعداد لضمان شحناتهم المستوردة من النفط الروسي”، لافتا إلى أن “زبائنها الرئيسيين مثل الصين والهند وتركيا وتجار النفط الآسيويين قادرون على ضمان وارداتهم من الخام الروسي”.
أما فيما يخص الرد الروسي المتوقع على فرض سقف السعر المفروض مع مراعاة تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن توقيف صادرات النفط إلى الدول التي تنفذ سقف السعر، أشار الدكتور سلامة إلى أنه من المحتمل أيضاً أن تلجأ روسيا إلى “خفض الإنتاج ردًا على سقف السعر، مما يؤدي إلى نقص في السوق ورفع الأسعار أعلى بكثير من سقف السعر المفترض”، مما سيجبر الدول الغربية على “دفع المزيد مقابل وارداتها من النفط الخام، مما سيسهم في زيادة التضخم وبالتالي تعميق الركود”.
وعن أسباب الانخفاض الذي شهدته أسعار خام “اليورال” الروسي قبيل فرض سقف السعر، أوضح الخبير أن هذا الانخفاض ناتج عن “حالة عدم اليقين في سوق النفط العالمية في أعقاب سقف الأسعار والارتباك من قبل تجار النفط حول كيفية الرد على الحد الأقصى”.
وتطرق الدكتور سلامة ملف استمرار هيمنة البترو-دولار الأمريكي في ظل صعود عملات نفطية منافسة، وتحديداً البترو-روبل الروسي والبترو-يوان الصيني، لافتاً إلى أن الصين هي الدولة الأكبر المستوردة للنفط من دول الخليج العربية، ولذلك “من المحتم أن تطالب الصين قريبًا جدًا دول مجلس التعاون الخليجي بقبول البترو-يوان كدفعة لوارداتها النفطية”، مضيفاً أن ” مثل هذا القرار سيخفض حصة البترو-دولار في تجارة النفط العالمية بنحو 21 بالمئة”.
وتوصل الخبير إلى استنتاج مفاده أن “مع بيع روسيا 8 مليون برميل يوميًا من صادرات النفط بالروبل، ودفع الصين مقابل واردتها باليوان ما يقرب من 12 مليون برميل يوميًا، يمكن أن تنخفض حصة البترو-دولار بنسبة 60 في المئة”، متوقعا أن هذا قد يؤدي إلى “خفض قيمة الدولار بمقدار الربع أو الثلث مقابل العملات الرئيسية الأخرى”، مما قد يكون له تداعيات سلبية للنظام المالي الأمريكي وبالتالي اقتصاد البلاد”.
دخلت عقوبات النفط الغربية حيز النفاذ في 5 كانون الأول/ ديسمبر الجاري؛ توقف الاتحاد الأوروبي عن استلام النفط الروسي المنقول عن طريق البحر، وفرضت دول مجموعة السبع وأستراليا والاتحاد الأوروبي حدًا أقصى لسعر النفط المنقول بحرًا عند 60 دولارًا للبرميل.
تقليديا، كانت روسيا هي المورد الرئيسي للنفط لأوروبا وغطت حوالي 20 في المئة من احتياجات أوروبا للمواد الخام. لكن رداً على العملية الخاصة في أوكرانيا، بدأت الدول الغربية بوضع تدابير الجزاءات، كان الغرض منها ، من بين أمور أخرى، هو الحد من عائدات موسكو من صادرات النفط.
وعقد تحالف “أوبك +” اجتماعه في 4 ديسمبر الجاري قبيل دخول القيود حيز النفاذ؛ حيث تقرر الإبقاء على حصص إنتاج النفط الحالية.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، معلقًا على قرار الاجتماع والحظر المقبل، إن روسيا لن تقبل سقفًا لأسعار النفط، حتى لو اضطرت إلى خفض حجم الإنتاج؛ مضيفًا أن مثل هذه القيود تُعد تدخلًا في أدوات السوق، وروسيا مستعدة للعمل فقط مع المستهلكين الذين سيعملون وفقًا لشروط السوق.
اقرأ أيضا: دمية بمليون ليرة و«هيدفون» بخمسة ملايين والحجة منع الاستيراد