الجمعة , نوفمبر 22 2024

أميركا: اخلعوا اردوغان…؟!

أميركا: اخلعوا اردوغان…؟!

نبيه البرجي

لكأن الساعة الأميركية قد دقت بـ «خلع» رجب طيب اردوغان. تعليقات، وتصريحات، وتلميحات، تشير الى أن ثمة سيناريوات قد أعدّت لذلك. لا مجال للرهان على الدبابات، وان كان هاجس السلطة يتغلغل في عظام الجنرالات. غداّ صناديق الاقتراع. الأميركيون مؤثرون داخل الأحزاب السياسية، وفي بعض مراكز القوى، استعداداً لـ «اليوم الكبير» في حزيران المقبل.

كثيراً ما لامس الرئيس التركي الخطوط الحمراء. الأميركيون كانوا، للتو، يعيدون ضبط الايقاع. انه رجلهم الذي نفذّ في سوريا ما حلم به الاسرائيليون من زمن دافيد بن غوريون والى زمن بنيامين نتنياهو.

لم يعودوا يصفونه بـ «العميل المزدوج»Double man بل يرون فيه حصان طروادة الذي لولا سياساته البهلوانية لأقفل مضيق الدردنيل، وترك القيصر يختنق استراتيجيا. تذرع بأن الروس جاهزون للجوء الى الصواريخ النووية…

اردوغان يعلم بأن الأميركيين لم يعودوا يكتفون بتشذيب شاربيه. هم يقومون بتشذيب أظافره. منعوا «اسرائيل» من القبول بطرحه حول تسويق غازها عبر الأراضي التركية الى القارة

العجوز. وكان يفترض أن يعلم أن مفاتيح الطاقة في الشرق الأوسط بيد البيت الأبيض، وان ذهب به الظن، بعدما طلب منه البنتاغون ارسال دباباته الى قطر بحجة حمايتها من الأمير محمد بن سلمان، أنه سيكون الشريك، بشكل أو بآخر، بادارة سوق الغاز…

كثيراً ما كان يشكو من أن نقطة ضعف بلاده افتقادها الثروة النفطية، والا كان مضى، كما أحصنة الريح، في اعادة احياء السلطنة العثمانية (السلجوقية). أحمد داود أوغلو، رفيقه

القديم، نقل عنه عتبه على الله لأنه بعث بالنفط الى الصحارى، وحتى الى دولتين متاخمتين مثل العراق وايران، في حين أن الجيولوجيا التركية خلت من ذلك المورد الاستراتيجي.

لا شك أنه حاول، بسذاجة أو بنرجسية منقطعة النظير، الوصول الى حقول النفط. «وول ستريت جورنال» تحدثت آنذاك عن «رهان الأغبياء»!.

موسكو كانت تنتظره ـ وكما يقول المثل الصيني ـ على ضفة النهر. لا مشكلة لديها في أن يكون الشريك في تسويق الغاز الروسي الذي ستقام له محطة هائلة على الأرض التركية قبل نقله الى البلدان الأوروبية.

الكرملين يدرك تماماً ما يجول في رأسه، بما في ذلك الخوف من المفاجآت الأميركية. لكنه أيضاً بحاجة ماسة اليه بعدما تمكن جو بايدن من استقطاب غالبية دول العالم ضد الغزو الروسي لأوكرانيا. هو ايضاً معني بتطبيع العلاقات، وتطويرها، بين دمشق وأنقرة، لغاية تتعلق بالمسار الاستراتيجي المستقبلي للمنطقة.

التنسيق مع سوريا اكثر من ضروري بعدما لوحظ مدى التلاعب الأميركي بالملف الكردي كقنبلة موقوتة في الخاصرة التركية.

واذا كان وزير الخارجية التركي محمد عزت بيك قد قال، عام 1930، «شيء وحيد يحق للأكراد أن يكونوا عبيداً»، فقد وصفهم الجنرال كتعان افرين، قائد الانقلاب العسكري عام 1980، بـ»أتراك الجبال». أما كلمة «كرد» فهي صدى أحذيتهم حين تطأ الثلوج.

لا ندري ما اذا كان الأكراد ضحايا التاريخ أم ضحايا الجغرافيا. تصوروا أن يصفهم المؤرخ المسعودي (هيرودوت العرب) بأنهم «نتاج زواج الشياطين والمنافقات في عهد الملك سليمان».

أحد مستشاري عبدالله أوج آلان قال لنا « لم يبعثرنا فقط صراع المراعي، بعثرنا أيضاً صراع الرعاة». الأكراد لم يوفقوا بالشخصية القيادية الفذة. ألم يبع مسعود برزاني نفسه للشيطان حين مد يده لبنيامين نتنياهو؟

اردوغان على شاكلة تركيا. رجل حائر ودولة حائرة. الدولة المسلمة الوحيدة في حلف الأطلسي تمنع من دخول الاتحاد الأوروبي لأنه «ناد للمسيحيين»، كما قال فاليري جيسكار ـ ديستان. جزء منها في أوروبا وجزء آخر في آسيا. هذه حال اردوغان قدم هنا وقدم هناك…

نتوقف عند تحذير مسؤول سابق في البنتاغون «اياكم وأن يضع اردوغان يده على الخمسين قنبلة نووية في قاعدة انجيرليك». لا نتصور أنه مجنون الى هذا الحد…
الديار