في زي طيار.. تفاصيل هروب بيليه المثير من نيجيريا
لم يكن نجاح الأسطورة بيليه من فراغ، فكما أعطته كرة القدم الكثير، وضعته أيضا في العديد من المواقف الصعبة التي كاد أن يفقد خلال بعضها حياته، ومن أبرزها عندما وجد نفسه وسط محاولة انقلاب في نيجيريا، اضطر على إثرها التنكر بزي طيار ليتمكن من الهروب.
وتوفي بيليه، الخميس، بعد صراع طويل مع مرض سرطان الأمعاء، عن عمر ناهز 82 عاما، لتسيطر حالة من الحزن على الوسط الرياضي وكل محبيه في مختلف أنحاء العالم.
محاولة الانقلاب
تعود تفاصيل الواقعة المخيفة، عندما كان بيليه يزور مدينة لاغوس النيجيرية عام 1976، ضمن رحلة برعاية إحدى شركات المياه الغازية الشهيرة، ليجد نفسه وسط محاولة انقلاب عسكري.
وأسفرت محاولة الانقلاب تلك، عن اغتيال الحاكم الجنرال مورتالا محمد، وإعدام العقيد بوكا سوكا ديمكا رميا بالرصاص، بعد أن أزاحته القوات الحكومية عن السلطة في غضون ساعات.
زي طيار
وما زاد الوضع تأزما، أن بيليه لم يكن النجم العالمي الوحيد هناك في ذلك الوقت، إذ تواجد كذلك لاعب كرة المضرب الأميركي الراحل، آرثر آش، الذي كان يشارك في دورة لاغوس.
وقام جنود مسلحون بإخراج آش من الملعب، خلال مباراة نصف النهائي مع مواطنه جيف بوروفياك، ونقله إلى فندق القصر الفدرالي مع بيليه.
وما أن فتحت الحكومة الحدود، حتى أصرت السلطات البرازيلية على أن يرتدي نجمها زي طيار، لإخفاء هويته والحفاظ على حياته.
هدنة مؤقتة لحرب أهلية
نجومية بيليه ومتعته الكروية كان لها تأثيرها على أعقد الأزمات، ففي بدايات 1969 توجه فريق سانتوس بقيادة بيليه إلى القارة السمراء في جولة، رغم أن إفريقيا كانت في خضم اضطرابات دموية.
وآنذاك، كانت نيجيريا تعيش حربا أهلية مع منطقة انفصالية هي بيافرا، جراء رغبة شعب الإيبو في الانفصال عن الحكومة المركزية التي تهيمن عليها قبائل الهوسا- فولاني من شمالي البلاد.
ووصل سانتوس في منتصف الأزمة، وكان على استعداد للعب مباراة في لاغوس في 26 يناير 1969، وما أن دخل بيليه وزملاؤه المدينة، حتى سكتت أصوات المدافع والتفت الجماهير حوله.
لمدة يومين، أبرم الجانبان هدنة، حيث تعادل سانتوس 2/2 مع منتخب نيجيريا، وسجل الأسطورة بيليه الهدفين وحصل على تصفيق حار من الجماهير الحاضرة.
ونقلت وسائل إعلام نيجيرية وغربية عن اثنين من زملاء بيليه، هما جيلمار وكوتينيو، أن وقف إطلاق النار بالكاد دام طوال فترة تواجد الفريق؛ وما أن أقلعت طائرة الفريق كان بإمكانهم سماع صوت طلقات نارية من داخل الطائرة واستئناف الصراع.
فيما قال زميل آخر: “إيقاف الحرب كان نقطة أخرى في صالحنا لإظهار تفوقنا، كان يمكننا الالتفاف بسهولة ورفض الأمر ونقول الحرب في كل مكان حولنا – لماذا ندخل تلك الفوضى؟.. لكننا لم نفعل، بل أردنا القيام بذلك وقلنا (لسنا ملزمين باللعب، لكننا نريد ذلك وسنفعل ذلك)”.
عشق جماهيري لم ينضب
أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية في القاهرة، سعيد صادق، قال لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن كثيرا من لاعبي كرة قدم في الوقت الحالي “لديهم اشتراطات عديدة حتى في أرضية الملاعب، أما إذا كانت هناك مباراة بإحدى الدول التي تشهد اضطرابات ولو بسيطة، فإنهم يرفضون والبعض يطلب حراسة وحماية كبيرة”.
واستطرد: “أما بيليه فكان يمارس كرة القدم من أجل إمتاع الجمهور، دون أية حسابات أخرى، لذا فإن عشق الجماهير له لم ينضب رغم أن اعتزاله تم منذ عقود عديدة.
وأوضح أن “بيليه كان بمثابة أعظم سفير لبلاده بمجرد حضوره في أية مناسبة، فهو بطل قومي هناك لإنجازاته في كرة القدم، ودعمه الصريح للسياسات التي تعمل على تحسين ظروف الفقراء الاجتماعية”.
ودعا صادق من يمارسون كرة القدم إلى “الاقتداء بالأسطورة البرازيلية في تعزيز الصداقة العالمية، والبعد عن العصبية التي أصبحت السمة الغالبة في الوقت الحالي، فليس لمثل ذلك تلعب كرة القدم”.