كلما حصل اختناق بالمشتقات النفطية يعيد الشارع طرح نفس الأسئلة عن دور الحكومة في رسم إستراتيجية الطاقة لمنع تكرار الأزمات. وكما يكرر الشارع طرح نفس الأسئلة فأن الحكومة تعيد إنتاج نفس الأجوبة. وبذلك يأخذ الموضوع بين الشارع والحكومة سمة حوار الطرشان .
ولكن السؤال الحقيقي الذي يحسم هذا الجدل البيزنطي هو هل يُمكن أن ترسم الحكومة إستراتيجية للطاقة ( كهرباء ونفط ) في سورية ؟.
لا شك أن وضع أي إستراتيجية يجب أن يكون على أساس مقومات. فما هي المقومات التي تملكها الحكومة لرسم إستراتيجية الطاقة في سورية ؟.
المصادر
أولا مصادر إنتاج النفط والغاز في سورية محتلة بنسبة 80 % من قبل الأمريكي ومليشيا قسد. وثانيا الخزينة لا تملك القطع الأجنبي لتوريد النفط وبالتالي الإمكانات الذاتية خارج مقومات رسم إستراتيجية الطاقة.
أما فيما يخص الاعتماد على مصادر خارجية فالأمر ليس بأفضل حال لان سورية محاصرة ومعاقبة بقيصر وما قبل قيصر و بالتالي تنحصر الخيارات بظل غياب القطع الأجنبي بالشريك الروسي والحليف الإيراني. ولكل منهما ظروفه الداخلية والخارجية ، فروسيا تخوض معركة مع الأمريكي والأوربي في اكرانيا. وهذا له انعكاسات في الداخل الروسي وبالتالي ليست الأمور بالبساطة التي يطرحها البعض عن الدور الروسي في التخفيف عن الشعب السوري. أما الإيراني فمعركته أصعب ومع نفس الأعداء ولكن وقع الأحداث الداخلية أكبر أثرا وبالتالي لا يُمكن تحميل الإيراني الذي وقف الى جانبنا.وما يزال أي مسؤولية مع امتداد الازمة لاكثر من عشر سنوات.
ما سبق يعني انه من الصعوبة رسم إستراتيجية طويلة أو متوسطة الاجل للطاقة في سورية وستبقى سياسة الحكومة قصيرة الأجل. وعلى مبدأ إدارة الندرة في التعامل مع هذا الملف الهام. ولكن هل يعني ذلك أنه لا توجد حلول ، و أننا بتنا عاجزين ننتظر الفرج ؟
الحلول المتاحة لهذا الملف المعقد بالتأكيد موجودة ولكن بمردود اقل و تحتاج الى زمن طويل و تعتمد على امكاناتنا الذاتية من خلال دعم القطاع النفطي لتطوير عمليات الاستكشاف والحفر والإنتاج واستقدام التقنيات الحديثة والتجهيزات.
ضخ الاستثمارات
وكان على الحكومة أن تضخ استثمارات كبيرة في قطاع النفط وتخصيصه باعتمادات تتوازى مع أهميته لأنه قطاع منتج على عكس معظم القطاعات الأخرى. ولو أن القطاع تم تخصيصه بنصف ما تم تقديمه لقطاع الكهرباء لكان الوضع أفضل بكثير .
الوضع يحتاج للبحث عن حلول غير تقليدية داخليا وخارجيا ولا بد من البحث عن توجهات جديدة وربما لم تكن مطروحة من قبل. وقد تكون في دول الجوار والدول العربية تحديدا بعد أن تعثر الشريك الروسي والحليف الإيراني. وابتعاد العملاق الصيني حتى عن التفكير بتوطين اي استثمار رغم العلاقة الجيدة.
قبل الأزمة كانت سورية دولة إنتاج وتصدير للنفط ولذلك لم يكن واردا مجرد التفكير الاقتراب من دول الخليج بما يخص النفط. ولكن اليوم الأمر مختلف ويبدو أن الخلاص والمصالح المتبادلة تقتضي احياء التعاون مع دول الخليج .
الاعتداء الإرهابي الذي وقع اليوم على العاملين في حقل التيم بدير الزور يؤكد استمرار استهداف الدولة السورية بكافة مكوناتها. ولذلك يبقى الخيار الوحيد و الاستراتيجية المتاحة هي في استكشاف بواطن الارض السورية في المناطق المحررة والمامولة لتأمين احتياجات سورية من النفط والغاز والأمر يحتاج لدعم كبير لهذا القطاع. ولا سيما أن وزارة النفط توفر الكثير للخزينة من عائدات الفوسفات والغاز والنفط والثروات الباطنية .
الكاتب معد عيسى
اقرأ أيضا: “مندوب المبيعات”.. الفرصة الأخيرة بعد فقدان الأمل في الحصول على وظيفة لتحمل أعباء الحياة في سورية