ما مدى قدرة موسكو بضمان التزامات أنقرة اتجاه دمشق؟
بعد اجتماع وزيرَي الدفاع السوري والتركي في موسكو، والذي شكّل خطوة لدفع المسار الدبلوماسي بين دمشق وأنقرة، تُثار تساؤلات في الأوساط السوريّة عن مدى قدرة روسيا بضمان إرغام تركيا على الوفاء بالتزاماتها لتحقيق بنود أي اتّفاق تركي-سوري محتمل.
ويرى السفير السوري السابق لدى تركيا نضال قبلان في حديث إلى “اندبندنت عربية” في هذا الصدد، أن “وجود ضمانات لتحصين الاتفاق أمر ضروري، ويجب أن تلزم موسكو الجانب التركي بإجراءات على الأرض عبر جدول زمني، وإيجاد مراحل لتطبيق كل الخطوات عبر مواعيد ومواقيت محددة والالتزام بها، كالانسحاب من إدلب وتسليم مناطق في ريف حلب، وكلها برعاية روسية”، مضيفاً أن “كل الاتفاقات في السابق لم نرَ التزاماً وثيقاً بها من جانب تركيا”.
ولا يُخفِ المتابعون للشأن السوري أن يكون إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتقارب مع دمشق خدعةً للحصول على مكاسب سياسية لكسب تأييد الشارع التركي الداخلي في الانتخابات الرئاسية القادمة، وفي سياق ذلك نشر الصحفي المتخصص في الشأن التركي سركيس قصار جيان على صفحته في موقع “الفيسبوك”: “لأنقرة حساباتها الداخلية، تنطلق لدى أردوغان بحسابات الانتخابات والأصوات ومن ثم الرغبة الروسية، ومن الممكن أن تتغير بأي تغيّر يفرضه مزاج الناخب التركي من جهة أو ينتج عن اختلاف مع موسكو من جهة أخرى.”
وعن الضمانات الروسيّة للتفاهمات التركية- السورية الجارية، لفت السفير السوري السابق لدى تركيا إلى “أهمية ضمان وجود شريط أمني على طول الحدود يمكن أن يحدد بـ 10أو 15 كيلومتراً في سوريا، والمساحة نفسها في تركيا، وليس فقط في الأراضي السورية، مع تسيير دوريات (روسية- تركية- سورية)، ووقف نهب الثروات، والنظر إلى إيجاد تعويضات مالية واقتصادية وتعويض للصناعيين الذين نهبت وفككت معاملهم، وهربت إلى تركيا، مع فتح المعابر الحدودية لإيجاد حركة تصدير واستيراد متبادل”.
ورجّح قبلان أن “يكون الانفتاح الاقتصادي واتفاقات التجارة البينية كفيلة بصناعة فرق بين البلدين” ، معتبراً أنه “عندما ترى أمريكا عدداً من الدول من بينها الصين وتركيا قد كسرت الحصار وقوانين العقوبات، فحتماً ستلغيها، وبالتالي لا شيء دائم في السياسية”، مضيفاً أن “ واشنطن ليست بصدد المواجهة على الأرض في سوريا مع الروسي أو أن تقف بوجه تركيا الدولة العضو في حلف الناتو، في حين يشير قصار جيان إلى أن “ تأثير واشنطن على السياسة التركية تراجع جزئياً، لكن أدوات الضغط الأمريكية لا تزال مؤثرة وبقوة، وخاصة على الاقتصاد التركي الذي يعتبر عماد الصندوق الانتخابي، وبالتالي لا يمكن إغفال الموقف الأمريكي من هذا التطبيع”.
وبخصوص الفصائل المسلّحة في الشمال السوري، أشار السفير السوري السابق إلى أنه “بالتوازي مع جهود البلدين لكسر جليد العلاقات بينهما، ونية فتح صفحة جديدة، فإن التنظيمات المتشددة فيما يخص حضورها بإدلب، ومن أبرزها “هيئة تحرير الشام- النصرة سابقاً”، وتنظيمات متشددة أخرى، قد لا تذعن للاتفاق”.
وأضاف “ليس مستبعداً البدء بحملة عسكرية وأمنية (سورية- روسية- وتركية) لتحرير هذه الأراضي بالقوة، بخاصة أن هذه الجماعات ترفض الرضوخ لهذه التطورات، ولهذا هم أمام خيارات، إما الانصياع، وإما المواجهة العسكرية، وإما نفيهم خارج البلاد”.
يشير مراقبون إلى أنه “من غير السهل أن تتخلى الفصائل المسلّحة شمالي سوريا بعد مرور ثماني أو تسع سنوات عن وجودها بعد قضاء فترة طويلة، بالتالي ليس مستبعداً أن ترسلها أنقرة إلى ساحات دولية ساخنة عسكرياً، كما حدث في أذربيجان”.
أثر برس