الجمعة , نوفمبر 22 2024

الجولاني يصعّد لهجته ضد تركيا.. هل يكون “كبش الفداء” للتقارب التركي السوري؟

الجولاني يصعّد لهجته ضد تركيا.. هل يكون “كبش الفداء” للتقارب التركي السوري؟

صعّد أبو محمد الجولاني، وقيادات “هيئة تحرير الشام” من لهجتهم ضد الجانب التركي، بعد اللقاء الذي جمع وزير الدفاع ورئيس الاستخبارات التركيين مع نظيريهما السوريين نهاية عام 2022.

وظهر الجولاني في تسجيل مرئي، الاثنين في 2 من كانون الثاني 2023، تحدث فيه عن اللقاء التركي – السوري، ووصفه بأنه “انحراف خطير يمس أهداف الثورة”، وتحدٍ جديد أمامها.

القيادي البارز ضمن “هيئة تحرير الشام” أبو ماريا القحطاني، هاجم أول أمس الأحد تصريحات وزير الخارجية التركي، التي تحدث فيها عن عدم اعتراض المعارضة السورية على الخطوات التركية، ووصف من يتظاهرون ضد تركيا في الشمال السوري بأنهم فئة قليلة صاحبة مصالح ضيقة.

وغرد القحطاني على حسابه في تويتر قائلاً: تصريحات وزير الخارجية التركي التي صرح بها وبكل وقاحة أن من يرفضون المصالحة هم قلة!! المصالحة خيانة وحاشا لله أن يخذل من ينصر أهله فمن لم يكترث لدمائنا لن يقرر مصيرنا”.

وقال “تلفزيون سوريا” المعارض في تحليله لمواقف الهيئة إن التصعيد من طرف “هيئة تحرير الشام” لا يبدو مرتبطا بشكل مباشر باللقاء الذي عقدته تركيا على مستوى وزراء الدفاع مع الحكومة السورية، وما تبعه من تصريحات لوزير الخارجية التركي، فقد التزمت الهيئة الصمت حيال إعلان مولود جاويش أوغلو في آب/ أغسطس 2022 لقاءه مع وزير الخارجية السوري أواخر عام 2021، كما أن الهيئة لم تستنكر دعوات أوغلو لإجراء مصالحة بين المعارضة والسلطات السورية آنذاك.

ونقل الموقع عن مصدر خاص، أن قيادة “هيئة تحرير الشام” تعتقد أن الجانب التركي لديه توجه لتنفيذ التزاماته المتعلقة بمحافظة إدلب ضمن مسار أستانا، وإنهاء سيطرة التنظيمات الإرهابية، لكون اللقاء الذي جرى في موسكو ذا طابع عسكري واستخباري، وجاء بعد أشهر من التوافق بين ضامني أستانا جولة آلية تنسيق أمنية ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا، لذلك هناك توقعات داخل الهيئة بأنها ستتعرض إلى المزيد من الضغوطات التركية من أجل حل نفسها أو إعادة الهيكلة ضمن فصائل أخرى.

وبحسب المصدر فإن قيادة “هيئة تحرير الشام” عقدت اجتماعاً في منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2022، وأجرت تقييماً للسلوك التركي تجاهها، خاصة بعد توالي المؤشرات على وجود توجه جديد عند أنقرة، فقد تم إجبار العناصر الأمنية للهيئة على مغادرة كفرجنة، وإعادة بعض المواقع للفيلق الثالث، كما أن الجانب التركي لم يعترض على بيان عزل تشكيلات “أحرار الشام” لقيادتها الممثلة بعامر الشيخ وأحمد الدالاتي المرتبطة بـ”تحرير الشام”، وجرى إبعاد الموظفين التابعين للهيئة الذين دخلوا معبر الحمران الخاص بتوريد المحروقات إلى شمال غربي سوريا، بعد فقدان الفيلق الثالث للسيطرة على المعبر، بالإضافة إلى تصاعد عمليات الملاحقة داخل الأراضي التركية اعتباراً من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، ضد من يشتبه الأمن التركي بعلاقتهم مع “تحرير الشام”، والإعلان رسمياً عن هذه الملاحقات حتى وإن كانت العلاقات ذات طابع اقتصادي غير مقصود.

أيضاً، فإن الهيئة متوجسة من اتفاق الدول الضامنة لأستانا على آلية تنسق أمنية قبل عدة أشهر من أجل مكافحة التنظيمات الإرهابية، وتعتقد الهيئة بأن الجانب التركي قد يسعى لحل ملف الهيئة مقابل عدم اعتراض روسيا على عمليات عسكرية تركية ضد تنظيم “قسد”.

ويناقش الجانب التركي مع فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير” منذ أكثر من شهر مسألة إعادة هيكلتها وجمعها ضمن فيلق يتبع لوزارة الدفاع فيما يسمى “الحكومة السورية المؤقتة”، وتنظر الهيئة إلى هذا الإجراء على أنه يستهدفها كونه يسعى لتقوية “الجبهة الوطنية” في إدلب عبر تعزيز تماسكها.

وأفاد مصدر مطلع للموقع أن “تحرير الشام” اتخذت قراراً بالعمل على حشد الشارع في إدلب خلفها، وإبراز دورها في قيادة المعركة ضدَّ الجيش السوري، كما أنها قررت إفساح المجال أمام خروج المظاهرات التي تندد بالاتفاقيات الدولية الخاصة بإدلب، على اعتبار أنه لم يتم الحديث مع الهيئة بخصوص مستقبل المنطقة، ولم تتمكن من الحصول على أي معلومات متعلقة بتفاصيل مسار التقارب بين تركيا وسوريا، وماذا سيترتب عليه بخصوص محافظة إدلب.

ومن غير المستبعد أن تعمل الهيئة في مرحلة لاحقة على تفكيك فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير”، باتباع طرق مختلفة، من ضمنها القوة العسكرية، أو الوسائل الأمنية من خلال تسريب إشاعات عن قبول قيادات فصائل الجبهة بالمصالحة من أجل دفع عناصرها للانشقاق والتنسيق مع الهيئة كونها الفصيل الذي يرفع صوته ضد التقارب التركي مع دمشق.

وختم تقرير الموقع بأن التصعيد الذي تقوم به قيادات الهيئة ضد الجانب التركي، لا يعني بالضرورة أننا سنشهد متغيرات كبيرة في سلوك التنظيم تجاه دمشق، أو اختلافاً كبيراً في تعاطي الهيئة مع الحاضنة الشعبية، بل الغالب أن قيادة الهيئة أرادت توجيه رسائل للجانب التركي، كنوع من المشاغبة بهدف إيجاد موطئ قدم في التسوية القادمة، وتحسين شروط هذه التسوية قدر الإمكان.