لاقى ربْط دمشق «المصالحة» مع أنقرة بضرورة وجود ضمانات بانسحاب تركي كامل من المناطق التي يحتلّها الجيش التركي في الشمال السوري، ترحيباً ضمنياً من «الإدارة الذاتية» الكردية، التي حرصت على التأكيد على لسان مسؤول العلاقات الخارجية فيها، بدران جيا كرد، أن الأولوية لديها هي «لتطوير الحوار السوري – السوري كطريق أمثل للحلّ السياسي»، وسط حديث عن وصول وفد برئاسة جيا كرد إلى العاصمة دمشق اليوم الثلاثاء، لمتابعة هذا المسار، الذي يُتوقّع أن يشهد مزيداً من الزخم في الأيام المقبلة. يأتي ذلك في وقت تُواصل فيه الولايات المتحدة البعث برسائل طمأنة إلى القوى الكردية، مفادها أنها ستعمل على الحفاظ على الوضع الميداني القائم. ولذا، فهي أرسلت دفعات جديدة من الأسلحة والمعدّات إلى القاعدة العسكرية في مدينة الشدادي جنوب الحسكة، كما نفّذت تدريبات مشتركة مع «قسد» في محيط مدينة الحسكة، فيما التقى ديبلوماسيون منها ممثّلي أحزاب «المجلس الوطني الكردي» لاستكشاف موقفهم من التقارب السوري – التركي، والعمل على توحيد وجهة النظر الكردية بالخصوص. كذلك، ستحاول واشنطن، في خلال زيارة وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، المرتقبة إليها، تشجيع أنقرة على خوض مسار المصالحة مع الأكراد، بدلاً من المضيّ في التطبيع مع الحكومة السورية.
تُواصل الولايات المتحدة البعث برسائل طمأنة إلى القوى الكردية
وعلى رغم الصعوبة البالغة في إنجاز أيّ مصالحة من هذا النوع، نظراً إلى ارتباط ملفّها بملفّ «حزب العمال الكردستاني» الذي تصنّفه تركيا «إرهابياً»، إلّا أن مركز الأبحاث الأميركي «Hudson institute» اقترح، عبر تقرير مفصّل، خريطة طريق من ستّ خطوات لتوحيد مجالات النفوذ التركية والأميركية في سوريا. وحدّد التقرير تلك الخطوات بـ«إخلاء الوحدات الكردية من مناطق دير الزور والحسكة»، و«فصْل مجلس دير الزور العسكري عن قسد»، وإشراك روسيا في هذا المسار وتجنّب المواجهة معها. كما شدّد على ضرورة «العمل على تطهير إدلب من خلال عمل أنقرة وواشنطن على حلّ هيئة تحرير الشام ودعوة أعضائها إلى الانضمام إلى الجبهة الوطنية للتحرير (…) وانتخاب مجالس محلّية بعد التطهير، مع إعادة هيكلة الحكومة السورية المؤقّتة بهدف جعلها أكثر ديموقراطية وتعدّدية، لتعكس حقائق جديدة على الأرض، فضلاً عن العمل على قطْع طريق الإمداد الإيراني باتجاه سوريا».
وتعليقاً على ما ورد في التقرير، تقول مصادر كردية مقرَّبة من «قسد»، في حديث إلى «الأخبار»، إن الخطّة المقترحة «فيها إجحاف بحقّ جهود الأكراد في محاربة الإرهاب خلال سنوات الحرب في البلاد، وهي غير قابلة للتطبيق»، معتبرة أن «الوحدات الكردية هي جزء من قسد، مِثلها مِثل مجلس دير الزور العسكري، وأي حلّ أو فصْل بين القوات العسكرية المنضوية ضمن تحالف قسد، سيشكّل تهديداً لبنيتها العسكرية». وترى المصادر أنه «لا يمكن النظر بإيجابية إلى هذه الرؤية، نظراً إلى صعوبة إقناع تركيا بإنهاء حالة العدائية تجاه الأكراد عموماً، وحزب الاتحاد الديموقراطي الذي يقود تحالف قسد والإدارة الذاتية في مناطق شمال وشرق سوريا خصوصاً». وتخلص إلى أن «الحلّ الأنسب بالنسبة إلى المنطقة هو في دمشق»، مستدركةً بأن «الخلافات العميقة معها، تجعل من إنجازه أمراً يحتاج إلى مسار معقّد وطويل لتفكيك هذه الخلافات تدريجياً».
أيهم مرعي – الأخبار
اقرأ أيضا: الجيش الأمريكي يجري مناورات بالذخيرة الحية في شوارع مدينة الحسكة