بين الدكتور في كلية الاقتصاد جامعة تشرين علي محمد، أن قرار التجارة الداخلية الذي تضمن متابعة الإعلان عن الأسعار في الأسواق وفق الفواتير التداولية ليس مختلفاً عما هو موجود على أرض الواقع، صحيح أن هناك نشرات تموينية تصدر بشكل دوري عن مديريات التجارة الداخلية في المحافظات أو عن الإدارة المركزية من دائرة التسعير لكن العبرة كانت الالتزام بهذه المواد، بالتالي الممارس فعلياً على أرض الواقع كما يلاحظه أي مواطن بمخالفة الأسعار عن نشرات وزارة التجارة الداخلية، وهذه النشرات كانت تستخدم كأوراق ثبوتية بأيدي موظفي التموين عندما يجولون على المحال لكتابة بعض المخالفات لعدم الالتزام بالتسعيرة، وبعض المحال كانت تضع التسعيرة التي وضعتها وزارة التموين.
وبين أن كل ما صدر أمس يحاكي ما هو معمول به فعلياً في الخفاء، وهذا القرار مرحب به من كل الصناعيين والتجار والمنتجين وهو الأقدر على تحديد التكلفة الحقيقية لمنتجاتهم وبالتالي وضع هامش ربح، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في ظل التغير والتقلب بسعر الصرف وتغير التكاليف المنظورة في الداخل السوري سواء من حيث المشتقات النفطية أم من حيث تكلفة الموارد البشرية والتكاليف الأخرى النثرية والتغير في الأسعار والتكاليف العالمية خاصة بعد شباط 2022 والحرب في أوكرانيا، وموجات التضخم العالمي منذ نحو سنتين أو ثلاث سنوات وإن كانت بسيطة في بعض الدول، في ظل كل ذلك هل ستتملص وزارة التجارة الداخلية من القيام باحتساب التكاليف الفعلية للمستوردات وبالتالي في كيفية تحديد نسبة الربح للمستوردين وكذلك للمنتجين.
وأشار محمد إلى أن هذا الحديث بكل تأكيد ينطبق على كل المستوردات باستثناء المستوردات الممولة من مصرف سورية المركزي وهي مقتصرة على ثلاث مواد «القمح والأدوية البشرية ومستلزمات الأطفال الرضع»، فلا بد أن تكون هناك سيطرة كاملة على موضوع التسعير والتكلفة الكاملة باعتبار أنها ممولة من الدولة ممثلة في مصرف سورية المركزي بسعر صرف تفضيلي مقارنة بسعر الصرف الذي تمول على أساسه باقي مستوردات عبر المنصة كل شركات الصرافة المرخصة.
التسعير الجبري خاطئ
واعتبر محمد أن التسعير الجبري ليس أسلوباً صحيحاً في إدارة الاقتصاد حالياً ولا سابقاً لأنه يضر بالمستهلك، حيث إنه عند وضع تسعيرة جبرية لسلعة ثم يرتفع سعرها لأسباب متعددة فإنها ستختفي من السوق، ويبدأ ظهور السوق السوداء لهذه السلعة، ويتم بيعها بأسعار تكون غالباً أعلى من الزيادة الطبيعية في تكلفة إنتاجها، وبالمقابل إذا تم تسعير سلعة وزاد إنتاجها والمعروض منها ما أدى إلى انخفاض سعرها فإن التسعيرة الجبرية مستمرة ولا يستفيد المواطن من هذا الانخفاض في سعرها.
وأوضح أن السيطرة على الأسعار تتحكم فيها ثلاثة عناصر هي «العرض والطلب والمخزون»، ودور الحكومة يتمثل في زيادة المعروض في السوق، وأن يكون لديها مخزون يسمح لها باستمرار بمد السوق باحتياجاتها، وهذا لا يحمل الخزينة العامة أي أموال، حيث إنها تزيد المعروض فقط، مؤكداً أن الحل هو منع الممارسات الاحتكارية الضارة لأن الاحتكار يؤدي إلى رفع الأسعار.
بدوره اعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك عبد العزيز معقالي أن التعميم يضمن انسياب السلع إلى الأسواق في ضوء تهديد بعض التجار بالعزوف عن العمل واستيراد المواد نظراً لتقلبات الأسعار عالمياً، معرباً في الوقت ذاته عن تخوفه من عجز وزارة التموين عن ضبط التداول بفواتير وفقاً للتكاليف الحقيقية، ما من شأنه أن يزيد من فوضى الأسعار الحاصلة في الأسواق الأمر الذي يحمل المواطن عبء ارتفاع جديد في أسعار السلع.
الوطن
اقرأ أيضا: خبراء اقتصاد: الانفراجات قادمة بلا أدنى شك .. وهكذا يجب الاستعداد لها..