موحد سوريا ومصر في رسالة ساخرة لأمير الصليبيين: “رحلنا عنك رحيلَ من يعود”
في مثل هذا اليوم من عام 1268، تمكن الظاهر بيبرس، رابع سلاطين الدولة المملوكية من استرداد مدينة حيفا في حملات طويلة وشاقة انتهت بطرد الصليبيين من معاقلهم على سواحل المتوسط الشرقية.
أدى المماليك بنجاح دورا هاما لما يقرب القرنين من المواجهة مع الصليبيين، وعلى أيدهم انتهت حقبة الدويلات الصليبية فيما يعرف الآن بالشرق الأوسط.
استولى المماليك على السلطة في مصر في منتصف القرن الثالث عشر، وقادوا حملات نجحت بالتدريج في طرد الصليبيين وتمكنوا من وضع حد نهائي لعصر الحروب الصليبية.
المسلمون حتى قبل وصول المماليك إلى السلطة كانوا نجحوا جزئيا في طرد الصليبيين من الأراضي السورية والفلسطينية، إلا أن الصدامات بين الطرفين تواصلت، وجرى تنظيم حملات أوروبية جديدة إلى فلسطين حيث احتفظوا بعدة معاقل.
إن سيطرة الصليبيين على موانئ على سواحل فلسطين وسوريا أتاحت لهم فرصة لإنزال قواتهم، وتعزز موقفهم بدرجة ما في النصف الثاني من عام 1250، بانشغال المماليك بمحاربة المغول.
السلطان الظاهر بيبرس الأول الذي تولى الحكم بمصر بين عامي “1260-1277″، نجح في توحيد سوريا ومصر، واقام نظاما صارما للإدارة العامة، وأعاد بناء العديد من التحصينات، وقام بتجديد مستودعات الأسلحة والذخيرة، وبنى أسطولا كبيرا، وربط أيضا خدمات بريدية منتظمة، وبعد ذلك وجّه أسلحته ضد الصليبيين.
قام أولا بتحرير قيصرية وانتزاعها من الصليبيين في عام 1265، وبعد ذلك استعاد يافا، في يناير 1268، وكانت إمارة أنطاكية، حليفة المغول، هدفه الرئيس.
ويرى مؤرخون أن بيبرس لولا تهديد المغول المتواصل لما احتاج إلى الكثير من الوقت للقضاء النهائي على الدويلات الصليبية في المنطقة.
إضافة إلى ذلك، للمماليك بقيادة سيف الدين قطز، الفضل في وقف الخطر المغولي وإلحاق أول هزيمة بجحافله طيلة تاريخ حملاتهم الوحشية. وكان ذلك في معركة عين جالوت الشهيرة عام 1260.
خطة محكمة ورسالة ساخرة:
بعد أن طهر بيبرس يافا من الصليبيين، توجه في حملة ظافرة نحو ضواحي طرابلس لبنان، ثم حمص، فحماة، وهناك قسّم جيشه على ثلاث فرق كي لا يتمكن الصليبيون من معرفة وجهة الضربة التالية، ولم يكشف السلطان عن أسرار خططه العسكرية حتى لقادته من المماليك.
وتبعا لذلك، أرسل بيبرس فرقة من جيشه إلى السويدية، وهي ميناء عند مصب نهر العاصي بلواء إسكندرون التابع لتركيا حاليا، بهدف قطع اتصالات الصليبيين في أنطاكية البحرية، وأرسل الفرقة الثانية إلى الشمال من أجل سد الممرات بين كيلكيا بجنوب شرق الأناضول والشام لمنع وصل أي دعم لمساعدة الصليبيين.
القوة الرئيسة الثالثة، قادها بيبرس نفسه وتوجه على رأسها إلى أسوار أنطاكية، وضرب الحصار حولها.
رفض المتحصنون بالمدينة الاستسلام، على أمل أن يهب أميرهم بوهيموند السادس إلى نجدهم، وكان في ذلك الوقت في طرابلس، ولم يكن يعلم أن عاصمته محاصرة، ما يدل على نجاح بيبرس في خداع خصومه.
وثق بيبرس بنفسه انتصاره المدوي في أنطاكية وسيطرته عليها في موقف لافت وظريف، حيث تولى بنفسه إبلاغ أميرها، بوهيموند السادس، بسقوط المدينة، في رسالة طويلة حملت عبارات ملتهبة لتدمير روح خصمه المعنوية.
تضمنت رسالة السلطان المتهكمة عبارات قوية تقول: “رحلنا عنك رحيلَ من يعود، وأخّرناك وما كان تأخيرك إلا لأجلٍ معدود”.
كما خاطب بيبرس بوهيموند السادس ساخرا بقوله: “وكتابنا هذا يتضمن البشرى لك بما وهبك الله من طول العمر والسلامة بكونك لم يكن لك في أنطاكية في هذه المدة إقامة، وكونِك ما كنتَ فيها فتكون إما قتيلا وإما أسيرا وإما جريحا وإما كسيرا، وسلامةُ النفس هي التي تفرح الحىَ إذا شاهد الأموات”.
المصدر: RT
إقرأ أيضاً: 10 كيانات جديدة من بينها “أجنحة الشام”. الاتحاد الأوروبي يوسّع عقوباته على سوريا