لم يغادر أي مزارع أرضه، واستمر القطاع الزراعي بالإنتاج رغم كل الظروف. على عكس كثير من الصناعيين الذين نقلوا أعمالهم الى دول أخرى. ولكن لو قارنا بين الدعم الذي حصل عليه القطاع الزراعي والدعم الذي حصل عليه القطاع الصناعي فإن المقارنة لا تصح. لأن الصناعيين حصلوا على كل أنواع الدعم من القروض إلى الإعفاءات من الرسوم والضرائب والإعفاء من التقنين الكهربائي في المدن الصناعية. والسماح بتوريد الآلات المستعملة وبإعفائها من الرسوم الجمركية. فيما القطاع الزراعي لم يلق سوى القليل من الدعم رغم أهميته. بل على العكس كان يتلقى الصدمة تلو الأخرى.وكان آخرها رفع أسعار الأسمدة 100 % رغم أن السماد المستورد تمت مقايضته بالفوسفات. والأمر ليس أفضل حالاً بالنسبة للمبيدات التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير رغم عدم فاعلية بعضها وجهالة مصدر بعضها الآخر. وغياب أي رقابة على الصلاحية والجودة لما تبقى منها.
معاناة القطاع الصناعي
من المؤكد للقطاع الصناعي معاناته والصناعيين يعانون الكثير. ولكن دورة رأس المال السريعة وتسويق الإنتاج يعطي الصناعي المرونة والتحرك بشكل مريح ويقلل من الأعباء ويجعلهم يعكسون الأسعار على منتجاتهم مباشرة. بينما الفلاحون عليهم انتظار الموسم لأشهر بكل ما تحمله هذه الأشهر من تغيرات مناخية وظروف طبيعية واحتباس الأمطار.وبالتالي قد يزرعون ولا يحصدون فمن سيعوضهم ومن يسدد الديون عنهم.
هناك فلاح يزرع لتأمين كفايته لصغر المساحة يحتاج كيسي سماد بـ 250 ألف ليرة عدا أجور الفلاحة وهو عاجز عن دفع هذا المبلغ. وإذا احتبست الأمطار فستكون خسارته مُضاعفة وبالتالي لن يستطيع أن يزرع بالموسم القادم ولن تنفعه سياسة التسعير المنطقية التي تم اعتمادها مؤخراً. لأن ارتفاع الأسعار والتكاليف من توقيت الزراعة إلى توقيت جني المحصول ستكون كبيرة ولن تنفع كل التعويضات اللاحقة. فكل الأسعار تضاعفت، أجور الفلاحة، المحروقات، السماد، النقل وكل شيء. فهل سيتم مضاعفة أسعار استلام المحاصيل؟.
ملاحقة المزارع لتسليم محصوله وتطبيق إجراءات صارمة على نقل المحاصيل وتسليمها تجعل المزارع يلتزم. ولكن لن تجعله يزرع في الموسم القادم. القطاع الزراعي بحاجة لدعم حقيقي حسي وعلى أرض الواقع لأنه من الصعوبة تطبيق معايير دقيقة. فهناك من يزرع بالحصة ولا يملك الأرض، وهناك مساحات ليس لها قيود باسم الأشخاص. وهناك من يزرع بين الأشجار (زراعات تكثيفية) وبالتالي هو يحتاج لسماد لنفس الأرض لموسمين، وهناك كثير من القضايا الخاصة. والتي لا يُمكن تعميمها ووضع شروط لمنحها مخصصات وليس دعماً.
معد عيسى
اقرا أيضا: هل دخول المطعم بات يحتاج إلى قرض؟!