تتعاظم مخاوف العرب وغيرهم من المهاجرين في السويد من مصير صعب يلوح في الأفق فرضه تولي حكومة اليمين المتطرف إدارة دفة الحكم في البلاد ومجاهرتها في “عدائها للعرب والمسلمين”.
ومنذ إعلان حكومة اليمين الإجراءات الجديدة فيما يخص ملف اللجوء، يترقب المهاجرون على اختلاف أعراقهم إجراءات توصف بأنها “مجحفة وتعسفية” تجد طريقها إليهم عبر ما يطلق عليه الحكام الجدد “بنود سياسة الهجرة الجديدة”.
“تريد الحكومة من هذا القرار أن يسهم عدد أقل من طالبي اللجوء في السويد في توزيع أكثر عدالة لطالبي اللجوء داخل الاتحاد الأوروبي”
محامٍ سويدي
ومع بداية العام، أعلنت وزارة الهجرة السويدية أن خطة الحكومة لسحب الإقامات الدائمة وتحويلها إلى مؤقتة سوف تنفذ هذا العام، ليضرب المهاجرون موعداً جديدا مع القلق حول مصائر إقاماتهم واحتمالية ما يسببه هذا الإجراء من تقليم لسنوات الحصول على الجنسية، خاصة مع إعلان الحكومة شروطا جديدة للجنسية السويدية.
وأول هذه الشروط التي سيفرضها اليمين الحاكم على المهاجرين الراغبين بالحصول على الجنسية هي العمل والدخل الكافي للمهاجر، في الوقت الذي يعتمد فيه عدد كبير منهم على المساعدات، وتعاني شريحة واسعة منهم من البطالة، فماذا سيكون مصير هؤلاء؟
مصير مجهول
يقول الشاب نزار القبوات (39 عاماً) لـ”إرم نيوز”: “طمأنت الحكومة المهاجرين بأن كل من يعمل ويعيل نفسه وعائلته دون دعم من الدولة يجب أن لا يقلق من سحب إقامته، لكنها لم تحدد مصير الشريحة التي تعمل عملًا جزئيًا وتغطي الجزء الآخر من المساعدات، ولا مصير اللاجئين الذين يعتمدون بشكل كلي على المساعدات”.
وأضاف القبوات وهو سويدي من أصول سورية: “دائما ما نخشى من التعابير الفضفاضة في الإجراءات التنفيذية التي تصدر عن الحكومة، فعبارة عضو فعال في المجتمع، لا أحد يعلم ما المقصود منها، ولا أحد يعلم ما هو المعيار الذي يقيس فعالية اللاجئ في المجتمع”.
وهذه المرة الأولى في تاريخ السويد التي يحدث فيها أن تتحول الإقامة الدائمة التي حصل عليها الشخص إلى مؤقتة، أما الغرض من القرار حسب القانوني السويدي بلاثيوس جوتا، فهو تقليل عدد طالبي اللجوء إلى السويد من خلال تكييف الإطار التنظيمي السويدي مع الحد الأدنى من مستوى الاتحاد الأوروبي لفترة محدودة.
وأضاف جوتا: “تريد الحكومة من هذا القرار أن يسهم عدد أقل من طالبي اللجوء في السويد في توزيع أكثر عدالة لطالبي اللجوء داخل الاتحاد الأوروبي، فرغم الأعداد المهولة التي تتوافد إلى ألمانيا وهولندا وبلجيكا مقابل الأعداد الصغيرة إلى السويد، مازالت الحكومة ترى أنه يجب وقف هذا الشلال بأي طريقة”.
وتابع القانوني المتخصص بشؤون اللاجئين: “تمثل الإجراءت الجديدة تقليص فرص لم الشمل للأقارب للهجرة، وتفرض على المهاجرين متطلبات إعالة أكثر صرامة، في ظل فرض قواعد صعبة لعمل الوافدين الجدد تجعل بالفعل من الصعب على أصحاب العمل التوظيف”.
لا مزيد من اللاجئين
حسب جوتا، فإن النظام الجديد “مرهق إداريًا ومعقد للغاية، يضيق الخناق على رواد الأعمال وعلى المهاجرين، وفي محصلته يؤدي إلى عدد أقل من الوافدين الجدد”.
وفي عام 2022 تم منح ما مجموعه حوالي 142000 تصريح إقامة، 33% منهم يتعلق باللاجئين من أوكرانيا الذين هاجروا من خلال توجيه الهجرة الجماعية، أما الباقي فكان من لاجئين آخرين وأقاربهم.
لا تخفي الحكومة نيتها صراحة في استبعاد العمال المهاجرين الفقراء، وتقول إن الهدف هو إيجاد طريقة لهم بحيث يلبون شروط الجنسية السويدية
ويوجد في السويد 300 ألف شخص يحملون إقامة دائمة، مهددون بسحب إقاماتهم وتحويلها إلى مؤقتة إذا لم يكن يعمل ويعيل نفسه بشكل صحيح وفقًا لمعايير الحكومة.
وهنا قال القبوات: “لدي ثلاثة أصدقاء لا يعملون، ويحصلون على المساعدات من (السوسيال) بعد أن تم تسريحهم من أعمالهم، واحد منهم بقي له عام ليحصل على الجنسية، ومثله العشرات، فماذا سيكون مصير هؤلاء؟ مصيرهم مرتبط بقرار اليمين المتطرف”.
شروط جديدة للجنسية
لا تخفي الحكومة نيتها صراحة في استبعاد العمال المهاجرين الفقراء، وتقول إن الهدف هو إيجاد طريقة لهم بحيث يلبون شروط الجنسية السويدية.
وتتغير شروط الجنسية السويدية بشكل مستمر لتشمل شرط العمل والدخل الكافي للمهاجر واللغة السويدية وتجعل الطريق للحصول على الجنسية أكثر تشددًا.
وهنا قال القانوني جوتا: “شرط اللغة السويدية يمثل الأزمة الكبرى، ليس لصعوبته فحسب بل لأن شروط اللغة السويدية للحصول على الجنسية السويدية معلّقة إلى حين ضمان تطبيق الاختبارات اللغوية بشكل صحيح، حسب بيانات الحكومة”.
وأضاف: “كان مقرراً أن يبدأ تطبيق شرط اختبارات اللغة والمجتمع في مطلع العام 2025، إلا أن بعض أحزاب اليمين طلب تعجيل هذه الشروط والبدء بها هذا العام”.
كشفت دراسة أجراها المركز السويدي للمعلومات أن “ظاهرة العنصرية والإقصاء أصبحت تشغل حيزا واسعا في حياة المهاجرين في السويد، خاصة المسلمين منهم”
وتابع القانوني: “ذريعة اليمين من هذا الإجراء هي تطبيق اختبارات اللغة بشكل منصف ويحقق العدالة للجميع، لكن في الحقيقة هو إجراء يقلل الاقتراح من عدد المتقدمين لطلب الجنسية بسبب عدم قدرة البعض على اجتياز الامتحان”.
عراقيل وإقصاء
نتيجة لذلك، لا يزال المئات من المهاجرين العرب وغيرهم يخوضون مشقة تعلم اللغة السويدية والوصول إلى مستويات توازي مهارات التحدث بها كلغة أم، ومن ثم ينتظرون مكرمة حكومة اليمين لتبدأ اختبارات اللغة، حتى يحصلوا على الجنسية.
وكشفت دراسة أجراها المركز السويدي للمعلومات أن “ظاهرة العنصرية والإقصاء أصبحت تشغل حيزا واسعا في حياة المهاجرين في السويد، خاصة المسلمين منهم”.
وفي تقرير لمجلس منع الجريمة، تبين أن “مخاوف العرب من المواقف السلبية تجاههم ازدادت في السويد بعد استلام اليمين المتطرف الحكم في البلاد”.
اقرأ أيضا: لبنانيون يحرقون سيارة شاب سوري بدعوى انه يركب كاميرا في غرفة الملابس في محله