الجمعة , نوفمبر 22 2024
انسحاب دراماتيكي للكهرباء لصالح الأمبيرات

انسحاب دراماتيكي للكهرباء لصالح الأمبيرات

بدأت ظاهرة انتشار “الأمبيرات” بالتسلّل رويداً رويداً تحت مرأى الوحدات الإدارية وشركات الكهرباء إلى عدد من المحافظات، بعد أن كانت مقتصرة فقط ولفترة طويلة على محافظة حلب، في مشهد ينبئ بأن القادم أسوأ!.

اللافت في هذا الموضوع تبرؤ هذه الجهات من هذه الظاهرة، فالإدارة المركزية للوحدات الإدارية “أي المحافظة” لا تمنع ولا توافق على مشروع “الأمبيرات”، أي أنها لا تمنح لها أي ترخيص، وفي الوقت ذاته لا تتخذ أي إجراء بحقها!.

وشركات الكهرباء كذلك الأمر تدّعي أن الأمر ليس ضمن اختصاصها، وبالتالي لا تمنح أية رخصة لهكذا مشروع!.

فمن المسؤول إذاً؟ وكيف يستطيع المستثمر وضع مولداته ضمن المخطّط التنظيمي للوحدة الإدارية وتمديد الشبكة وجباية الأموال دون أية ضوابط؟.

إذاً.. غياب الصك القانوني الضابط لهكذا استثمار يعني فيما يعنيه تفرّد المستثمر بالمشهد وفرض ما يريد من أسعار لما يضخه من “أمبيرات”، ولنا بتجربة حلب في هذا المجال خير دليل.. وطالما عانت حلب من بائعي الأمبيرات كونهم لا يخضعون إلى أية جهة وصائية تتابع عملهم وتضبط تجاوزاتهم، وكانت النتيجة أن المواطن هو من يدفع الثمن!.

إضافة إلى ما سبق لا يمكننا أيضاً تجاهل تأمين مادة المازوت المُشغلة لمولدات الأمبيرات، في ظل الشحّ الواضح للعيان لهذه المادة، ما يضع أكثر من إشارة استفهام حول إمكانية حصول باعة الأمبيرات عليها، علماً أنها ليست بالقليلة؟!.

الأخطر –ربما- من هذا وذاك انسحاب وزارة الكهرباء من المشهد بشكل دراماتيكي أو استكانتها –بأحسن الأحوال- لواقع التقنين الحالي دون أي مبادرة لتحسينه، على اعتبار أنه أصبح لدى المواطن خيار لتأمين حاجته ولو جزئياً من الكهرباء!.

والشيء بالشيء يُذكر.. يقودنا هذا الحديث إلى الإشارة إلى اتساع دائرة استيراد وتهريب ألواح الطاقة الشمسية كخيار آخر أمام المتعطش لسويعات قليلة من الكهرباء، وتخمة السوق المحلية بأردأ أنواع مستلزمات الطاقة البديلة ولاسيما البطاريات منها، وانعكاس ذلك سلباً على البيئة، ما يعني بالمحصلة عدم اعتماد إستراتيجية حكومية مدروسة لتحسين الواقع الكهربائي، والاستعاضة عن ذلك بحلول “ترقيعية” صبّت -ولا تزال- في مصلحة ثلة من المتاجرين بالأزمات ومقتنصي “الفرص الثمينة” التي لا تعوض، على حساب تجفيف مدخرات شريحة واسعة قطعت الأمل بتحسّن الكهرباء على المدى المنظور، ليجدوا أنفسهم بالنهاية ضحية منتجات رديئة لا تلبي الغرض منها سوى لفترة قد تمتد لسنة واحدة أغلب الأحيان!.

إذا كان ولابد من اعتماد الأمبيرات كخيار –مع التحفظ الشديد عليه- فلابد أن للحكومة من اعتباره خياراً مرحلياً مؤقتاً وليس دائماً، وإن كنا نشكّ بذلك، وسنّ تشريع قانوني واضح وحازم يحقق العدالة للمشتركين بحيث لا يبقوا رهينة مستثمر لا يعنيه إلا الربح والربح فقط!!.

البعث

اقرأ أيضا: لبنان.. بعد رفع سعر الصرف الرسمي الليرة تسجل مزيدا من الخسائر