الجمعة , نوفمبر 22 2024

ما مقدار التهديد الذي يحمله بالون التجسس الصيني للولايات المتحدة؟

ما مقدار التهديد الذي يحمله بالون التجسس الصيني للولايات المتحدة؟

نشرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية تقريرًا، قالت فيه إن التداعيات الدبلوماسية من التوغل في الولايات المتحدة أكبر بكثير من أي مصلحة عسكرية لبكين.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن بالون المراقبة لا يُعد من أحدث برامج التجسس، لكن الجهاز الصيني الذي تم اكتشافه في وقت سابق من هذا الأسبوع قد أثبت فعاليته كمصدر إزعاج دبلوماسي بين أكبر الاقتصادات في العالم، ما دفع وزير الخارجية بلينكن إلى تأجيل رحلته إلى الصين، التي زعمت أن البالون ليس سوى بالون مدني يستخدم للبحث وقد خرج عن مساره.

وأكدت الصحيفة أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قد أعلنت في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها كانت تتعقب البالون فوق ولاية مونتانا؛ حيث تمتلك الولايات المتحدة مخازن للصواريخ الباليستية النووية العابرة للقارات، مشيرة إلى أن قرارها بعدم إسقاط البالون يعكس حقيقة أنها زودت الصين بمعلومات قليلة لا يمكنها الحصول عليها من الأقمار الصناعية. ومن جهته، قرر الرئيس جو بايدن أيضا عدم إسقاط البالون بسبب الخطر الذي يشكله على المدنيين.

ما هو بالون التجسس؟

وفقا للصحيفة، تم نشر البالونات لأول مرة خلال الحروب الثورية الفرنسية، وتم استخدام تلك التي يديرها الجواسيس بمنظار خلال الحرب الأهلية الأمريكية لاكتشاف تحركات قوات العدو، وقد تم استخدامها على نطاق واسع خلال الحرب الباردة، عندما سعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إلى إيجاد طرق لمراقبة جيش بعضهما البعض. ورغم أن هذه البالونات تفتقر إلى القوة، وتخضع لتقلبات تيارات الرياح، إلا أن الإصدارات الحديثة من الأجهزة منخفضة التكلفة يمكن أن تحتوي على الكاميرات والرادارات وأجهزة الراديو.

لماذا يمكن استخدام واحد؟

وأضافت الصحيفة أن التحسن الهائل في تكنولوجيا الأقمار الصناعية وانتشار أقمار التجسس الصناعية في العقود الأخيرة، بالإضافة إلى الاستخدام المتزايد للطائرات دون طيار، قد أدى إلى جعل بالونات المراقبة تقنية عفا عليها الزمن إلى حد كبير. لكنها لا تزال تُستخدم، لا سيما للمراقبة غير العسكرية.

وبحسب البنتاغون، لم يزود البالون الصين بقدرات تتجاوز أقمار التجسس الصناعية الخاصة بها، لكن المحللين العسكريين والاستخباراتيين قالوا إن السرعة البطيئة والارتفاع العالي للبالونات -التي تعمل عادة على ارتفاع حوالي 80 ألف قدم، أعلى بكثير من الطائرات التجارية- تسمح لها بالتسجيل على مساحة أكبر من الأقمار الصناعية في المدار والتقاط المزيد من التفاصيل. كما يصعب رصدها أكثر من الطائرات المعدنية دون طيار أو الطائرات التي تستخدم معدات تقليدية مضادة للمراقبة مثل الرادار. ويمكنها البقاء في الهواء لأسابيع، ما يوفر تقييمًا مطولًا لما يحدث على الأرض.

ما الذي كانت الصين تأمل في تحقيقه؟

ووفق الصحيفة، فقد قالت وزارة الدفاع الأمريكية إنه قد تم اكتشاف البالون في المجال الجوي الأمريكي بعد عبوره كندا. وتضم مونتانا -التي حلق فوقها البالون وفوق غيرها من الولايات في المنطقة، بما في ذلك داكوتا الشمالية- بعض القواعد التي ستطلق منها الولايات المتحدة أسلحة نووية في حالة نشوب حرب؛ حيث توجد قاعدة مالمستروم الجوية، موطن الجناح الصاروخي رقم 341 التابع لسلاح الجو الأمريكي، ومخزن لـ150 صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات في مونتانا، وقد أكد مسؤولون أمريكيون أن القصد من هذا البالون هو المراقبة، وأن البنتاغون قد اتخذت خطوات لمنعه من تسجيل معلومات مهمة.

وأفادت الصحيفة بأنه من غير المسبوق أن تتهم الولايات المتحدة والصين بعضهما البعض بالتجسس؛ إذ طالما زعمت بكين أن السفن والطائرات الأمريكية القريبة من حدودها تقوم بالمراقبة. في حين تصر الولايات المتحدة على أن عمليات المراقبة تتم في المياه الدولية والمجال الجوي. وقد سبق أن حلق الأدميرال جون أكويلينو، رئيس القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، في طائرة تجسس فوق بحر الصين الجنوبي. كما لوحظت بالونات تجسس أخرى فوق أراضي الولايات المتحدة في الماضي.

وقال بليك هيرزنجر، وهو زميل غير مقيم في معهد أمريكان إنتربرايز: “بكين ليست مجنونة لتقوم بمثل هذا الفعل، حيث إن إرسال بالون مراقبة فوق الولايات المتحدة يمثل مخاطرة غير ضرورية على الإطلاق”.

ما هو التأثير الدبلوماسي المحتمل؟
اعتبرت الصحيفة أن إلغاء رحلة بلينكن -التي كانت ستستغرق يومين- نتيجة رئيسية لما حدث، وقد كان من المتوقع أن يلتقي كبير مبعوثي واشنطن بالرئيس الصيني شي جين بينغ في رحلة كانت ستجعله أول وزير في حكومة بايدن يزور الصين وأول وزير خارجية يسافر إلى البلاد منذ أكثر من خمس سنوات.

وأكدت الصحيفة أن العلاقات بين القوى العظمى على حافة الهاوية؛ نظرا لأن رحلة بلينكن تمثل جزءًا من جهود تهدئة التوترات التي سبق أن حدثت بين بايدن وشي. وقد اتفق الزعيمان على ضرورة تهدئة العلاقة التي نزلت إلى أدنى مستوياتها منذ أن أقامت الدولتان العلاقات الدبلوماسية عام 1979.

ولفتت الصحيفة إلى أن بعض الجمهوريين في الكونجرس استغلوا نبأ بالون التجسس لدعوة بلينكن لإلغاء زيارته، منتقدين البيت الأبيض لسماحه بمثل هذا التوغل. وفي هذا الصدد، قال بيل بيشوب، المحلل الأمريكي – الصيني: “لا أعتقد أن القيادة الصينية تدرك حجم الصفقة السياسية التي أصبح عليها بالون التجسس هذا في واشنطن”.

ماذا سيحدث الآن؟

واختتمت الصحيفة التقرير بما جاء في بيان صيني صدر يوم الجمعة، والذي قال: “يأسف الجانب الصيني للدخول غير المقصود للبالون إلى المجال الجوي الأمريكي بسبب قوة قاهرة. وسيتواصل الجانب الصيني مع الجانب الأمريكي من أجل التعامل بشكل صحيح مع هذا الوضع غير المتوقع”. ومن جهتها، قالت الولايات المتحدة في وقت سابق إنها نقلت استياءها إلى الصين عبر قنوات مختلفة، ولكن لم يتضح كيف يمكن لواشنطن تصعيد أو نزع فتيل القضية مع بكين.

 

إقرأ أيضاً: نتنياهو: توصلنا إلى حل وسط مع بوتين في سوريا