كيف يبقى ضحايا الزلازل تحت الأنقاض أحياء.. وما هي خطوات عملية إنقاذهم؟
أثارت كارثة زلزال تركيا وسوريا، التي وقعت فجر الاثنين الماضي، مشاعر الحزن لدى الملايين حول العالم، بعد أن انتشرت صور ومقاطع تظهر المباني المتهدمة والعالقين تحتها.
أثارت تلك المشاهد كذلك تساؤلات حول مصير الأحياء تحت الأنقاض وكيف يمكنهم البقاء على قيد الحياة لساعات ربما تمتد لأيام، وكيف تعمل فرق الإنقاذ في مواجهة ظروف عصيبة أبرزها السباق مع الوقت الذي يزيد عدد الضحايا مع مرور كل دقيقة وهم تحت الأنقاض.
كشفت جولي ريان، منسقة لجنة الإغاثة الدولية في بريطانيا، عن الظروف المثالية للحفاظ على حياة الضحايا تحت الأنقاض، مشيرة إلى أن ذلك يعتمد في الأساس على وجود منفذ للأكسجين، وألا تكون الضحية مصابة، وأن تتوافر لديها بعض المياه”، حسبما صرحت لشبكة “بي بي سي”.
وأوضحت الطبيبة تيجسري شاه، من منظمة أطباء بلا حدود، أن من يعانون إصابات في أجسادهم بعد موت بعض الأنسجة جراء الضغط الشديد عليها، قد تصاب أجسادهم بكميات من المواد السامة، ما يؤدي إلى قصور في الكلى.
وأشارت الطبيبة إلى أن الضحية تحت الأنقاض تكون في حالة إنكار للألم، كما يحتمل إصابتها بفشل كلوي إن لم تتلق عناية طبية عاجلة، ما يجعل بقاء أشخاص على قيد الحياة تحت الأنقاض لأكثر من أسبوعين “شديدة الندرة”.
وتزيد احتمالات موت العالقين تحت الأنقاض بسبب ما يطرأ على أجسادهم في تلك الظروف العصيبة، حيث يؤدي بقاء الشخص عالقا في مساحة ضيقة إلى ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة ثاني أكسيد الكربون، ما قد يؤدي إلى الاختناق حال وصوله إلى مستويات عالية، لذلك تراقب فرق البحث مستويات ثاني أكسيد الكربون في منطقة الحادث، إذ تعني زيادته وجود أحياء تحت الأنقاض، ويشير ثبات مستويات ثاني أكسيد الكربون إلى أن جهود الإنقاذ لن تكون مثمرة.
لكن احتمالات النجاة تتضاعف في حال عدم وجود إصابة لدى جسد الشخص العالق، إلى جانب توافر نسبة الهواء، ومساحة مناسبة وإن لم تكن كبيرة، ورغم هذه الظروف المواتية للنجاة يظل وجود مياه أهم تلك الأسباب، حيث تقول الطبيبة شاه إن الإنسان قد يبقى على قيد الحياة دون ماء لمدة ثلاثة إلى سبعة أيام فقط.
وتضيف الطبيبة أنه حتى مع عدم وجود مياه، تتوقف مدة بقاء الضحية على عدة عوامل من بينها، درجة الحرارة، وكمية السوائل التي يفقدها الجسم بسبب العرق، والإصابة بالإسهال، والحالة الصحية، والعمر.
ويتلخص عمل فرق الإنقاذ للعالقين تحت الأنقاض في خمس خطوات أساسية، حسبما ذكرت شبكة “إيرين” الإنسانية:
التنسيق
حيث تسعى فرق الإنقاذ إلى الانتشار في غضون 24 ساعة لأنها كلما أسرعت بالوصول إلى الموقع، كانت فرص إنقاذ الناجين أفضل، وتتبع الهيئة الدولية الاستشارية للبحث والإنقاذ INSARAG ، مبادئ توجيهية موحدة لبعثات الإنقاذ.
وعادة ما تقيم الهيئة الدولية الاستشارية للبحث والإنقاذ مركزا لتنسيق العمليات تتلقى من خلاله جميع فرق البحث والإنقاذ تعليمات حول وجهتها وكيفية عملها، ويعقد المركز اجتماعات دورية لتحديث معلوماته ومعلومات الفرق عن التقدم الذي يتم إحرازه على الأرض.
التحليل
تبدأ عملية التحليل بمجرد وصول فرق الإنقاذ إلى المنطقة المنكوبة، ويخضع المبنى المنهار إلى تقييم تاريخه لمحاولة معرفة الجزء الذي يرجح أن يكون فيه أشخاص، وكذلك تحديد مدى خطورة تصدع المبنى، وما إذا كان من المرجح أن ينهار أكثر ويتسبب في أضرار للناجين وفرق الإنقاذ.
تتضمن عملية التحليل التحقق من وجود أخطار مثل خطوط الكهرباء المنهارة، أو تسرب الغاز أو الغمر بالمياه والمواد الخطرة، وتشمل معدات الحماية سترات واقية خاصة وقفازات وأقنعة ونظم لرصد الأكسجين والكربون لتحديد نوعية الهواء.
طريقة البحث
تبحث فرق الإنقاذ عن “فراغات” أو جيوب حيث يحتمل العثور فيها على أشخاص محاصرين عند انهيار الجدران أو أماكن اختباء الناجين، مثل تحت الطاولات أو في أحواض الاستحمام أو بئر السلم، كما يضعوا آلة تصوير في نهاية عصا مرنة لإدخالها في المبنى المنهار مما يظهر أماكن تواجد الناس.
وتستخدم فرق الإنقاذ أجهزة تحديد أماكن الصوت متصلة بميكروفونات، ينقر الجهاز على الأنقاض ثلاث مرات، وإذا رد الناس بالنقر أو صرخوا للحصول على مساعدة، يمكن تتبع أماكنهم وتقديم المساعدة، وتشمل أدوات البحث الأخرى نظام التصوير الحراري الذي يظهر مناطق تعكس حرارة الجسم بالإضافة إلى الكلاب البوليسية المدربة، إلى جانب تحليل نسب ثاني أكسيد الكربون كما أسلفنا.
الإنقاذ
بعد التحقق من وجود أحياء، يتم أولا تثبيت الأنقاض، ببناء إطار خشبي مستطيل تحتها، ويحتاج الناجون غير القادرين على التحرك إلى رفعهم أو جرهم أو حملهم من بين الأنقاض باستخدام معدات خاصة، إذا تعذر إخراجهم يدويا يتم قطع الأنقاض لإخراجهم.
تحدد الحالة الصحية للناجين وترتيب أولويات علاج المرضى وفقا لعملية الفرز التي تبين خطورة حالتهم، وعادة ما تبدأ فرق البحث والإنقاذ الإجراءات الطبية العاجلة في الموقع وقد تملك الفرق الأكثر خبرة أجهزة الصدمات الكهربائية ومعدات ثقب القصبة الهوائية لإحداث صدمة كهربية تعيد الناس إلى الحياة أو تنفيذ عمليات ثقب القصبة الهوائية في حالات الطوارئ.
الإغلاق
وهو قرار إنهاء عملية الإنقاذ الذي يعتبر بالغ الصعوبة لوجود احتمال ترك أحياء على قيد الحياة، لكن كلما مر الوقت كلما قل احتمال العثور على أشخاص على قيد الحياة.
ويعتبر العثور على جثث بعد انتهاء البحث عن ناجين جزءا رئيسيا من عمليات الإنقاذ، وبعد انتهاء الحكومة المضيفة رسميا من عملية البحث، تبدأ الهيئة الدولية الاستشارية للبحث والإنقاذ عملية سحب الفرق، ويبقى عدد قليل منها ليهتم بجهود الإغاثة الإنسانية وإعادة بناء المستشفيات والمدارس أو توفير المأوى للعائلات.
وعادة ما توقف الأمم المتحدة جهود البحث والإنقاذ بعد 5 إلى 7 أيام من وقوع الزلزال، وذلك حال عدم العثور على أحياء لمدة يوم أو اثنين.