الأحد , نوفمبر 24 2024

«الفزعة العراقية» تتجاوز الحصار: إغاثة سوريا أولوية

«الفزعة العراقية» تتجاوز الحصار: إغاثة سوريا أولوية

فقار فاضل

يواصل العراق تقديم المساعدات الإغاثية إلى متضرّري الزلزال في سوريا وتركيا، حيث بلغ عدد الطائرات التي حطّت في مطارات البلدَين، ولا سيّما مطارَي دمشق وحلب الخاضعَين للحصار بفعل العقوبات الأميركية والغربية، 24 طائرة منذ وقوع الزلزال. وتُضاف إلى ذلك القوافل البرّية التي ساهمت بفعالية في تخفيف الآثار عن المتضرّرين، بمشاركة فِرق حكومية وشعبية، و«هيئة الحشد الشعبي» التي قامت بدور كبير لاقى استحسان الناجين في سوريا خصوصاً.

بغداد | بلغ مجموع الطائرات العراقية التي نقلت مساعدات إلى المتضرّرين من الزلزال في تركيا وسوريا، حتى أمس، نحو 24 طائرة، إضافة إلى مواد تموينية وطبّية بقيمة ثلاثة مليارات دينار عراقي. كذلك، أرسلت «هيئة الحشد الشعبي» فريقاً هندسياً ضخماً إلى سوريا من أجل المشاركة في عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث من تحت الأنقاض، تلبيةً لنداء رئيس الوزراء والقائد العام للقوّات المسلّحة، محمد شياع السوداني. وشكّلت الهيئة، أيضاً، غرفة عمليات سمّتْها «حشد الإغاثة» لتقديم المساعدات وإرسال قوافل الدعم اللوجستي للعائلات المتضرّرة، فضلاً عن استنفار جهود كوادر «الحشد» الهندسية والخدَمية لتقييم الوضع وتوصيل مئات الأطنان من المواد الغذائية والطبّية ومستلزمات الإيواء والإغاثة ووسائل التدفئة والمفروشات ومخيّمات السكن المؤقّت، إلى مطارَي دمشق وحلب، وفتْح المكاتب لجمع التبرّعات في جميع المحافظات العراقية.

وفي تصريح إلى «الأخبار»، شكر مدير مطار حلب، محمد مصري، «العراق حكومة وشعباً، وكذلك الجيش، على مساعدة الشعب السوري في هذا المُصاب الجلل… وأيضاً الحشد الشعبي الذي أثبت وطنيّته ووِقفته معنا، ويبذل كلّ جهوده في سبيل إنقاذ المتضرّرين من الزلزال»، لافتاً إلى أن «هناك مساعدات أخرى لكسر الحصار الجائر على الشعب السوري، والذي يشمل المطارات والغذاء والدواء، وهذا في القانون الدولي محرّم». ويؤكّد مدير مكتب تنظيم نقل البضائع في محافظة حلب التابع لوزارة النقل السورية، عمر عزت، بدوره، أن « إمدادات الشعب العراقي لم تتوقّف، لا عن طريق الجوّ ولا عن طريق البرّ. بشكل يومي، نتلقّى المساعدات من مواد غذائية وطبّية ومستلزمات تدفئة وغيرها الكثير. ونقوم نحن كمكتب تنظيم ونقْل بضائع بتأمين الشاحنات وتفريغ حمولات الطائرات القادمة من العراق». وكانت أرسلت وزارة التجارة العراقية إلى سوريا قافلة تتضمّن 650 طنّاً من الأرز والسكّر والبقوليات والزيت، ومليون ليتر من الوقود، وفقاً لبيان الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
ويؤكد المتحدث باسم «الأمانة»، حيدر مجيد، لـ «الأخبار»، «مواصلة الحكومة العراقية جهودها الإنسانية في دعْم البلدَين الشقيقَين سوريا وتركيا في مِحنتهما»، لافتاً إلى أنه «حتى الآن، أَرسل العراق 24 طائرة محمّلة بالمواد الإغاثية، توجّهت 14 منها إلى سوريا، فيما وصلت 8 طائرات إلى تركيا»، مضيفاً أن «هناك أيضاً دفعة جديدة قادمة وجّه رئيس الوزراء بإرسالها خلال الأيام المقبلة». ويشير مجيد إلى أن «السوداني حريص على عدم التفريق بين دول المنطقة»، وأن «العراق داعم للجميع في كلّ الظروف والمصاعب، ضمن التكاتف الإنساني». بدورها، تُواصل بعثة الإغاثة العراقية التابعة لـ«هيئة الحشد الشعبي»، جهودها في سوريا، فيما يقول معاون رئيس أركان «الحشد»، ياسر العيساوي، لـ«الأخبار»، إن «الحشد منذ تأسيسه يقف بوجه الأزمات، وله دور فاعل وناجح في القضايا الإنسانية، والمساعدات الإغاثية التي قدّمها من مؤونة ومواد طبّية ومستلزمات تدفئة هي ضمن تنسيق مشترك بين الجانب الحكومي العراقي والجانب السوري، فضلاً عن إرسال خبراء ومهندسين وفِرق خدمية لتقييم الوضع ورفْع الجثث وإنقاذ الناجين». ويرى العيساوي أن «الاستهداف الذي يتعرّض له الحشد وقياداته الوطنية من قِبل الإعلام الأصفر ليس بالجديد»، وأن «المواقع المغرضة تحاول أن تصطاد في الماء العكر في كلّ شاردة وواردة».

عشرات آلاف المتبرّعين العراقيين ساهموا في المساعدات

وفي السياق ذاته، يشير المتحدّث باسم «الهيئة»، عبد الهادي الدراجي، إلى أن «القوافل الخدمية والكوادر الهندسية التي انطلقت لمساعدة المتضرّرين في سوريا جراء الزلزال المدمّر تثبت موقف العراق البطولي. حكومتنا فتحت ممرّين لغرض الوصول إلى المناطق المنكوبة، أوّلهما الخطوط الجوّية التي أرسلنا من خلالها أولى المساعدات الإغاثية والمستلزمات الطبّية والسلال الغذائية، والثاني من خلال المنافذ البرّية العراقية التي عن طريقها أدخلنا الآليات المتخصّصة لرفع الأنقاض وإنقاذ الضحايا». ويضيف الدراجي، في تصريح إلى «الأخبار»، أنه «للأسف، هناك الكثير من الجهات التي تسعى إلى قطْع التواصل بين الشعوب، لأغراض خبيثة، لكن لاحظنا أن السوريين يَنظرون إلى أبناء الحشد بكلّ احترام. وهذا ما شاهدناه على مواقع التواصل الاجتماعي. وأيضاً رأينا كمية المحبّة التي أبدتْها العوائل وهي ترى شبابنا وقد بُحّت حناجرهم من أجل جمْع التبرّعات والمساعدات الإغاثية للمتضرّرين».
وكانت منصّات عراقية على مواقع التواصل الاجتماعي، قد أطلقت حملة «فزعة عراقية»، سرعان ما لاقت تفاعلاً وتضامناً شعبيَّين كبيرَين للتبرّع بالأموال للبلدَين المتضرّرين، في وقت تطوّعت فيه فِرق جوّالة في منطقتَي الكاظمية والأعظمية وغيرهما لجمع المعونات. ويقول ياسر عدنان، وهو أحد الشباب العراقيين المساهمين في الحملة، لـ«الأخبار» إن «”فزعة عراقية” جاءت بعد رؤية الناس يستغيثون في سوريا وتركيا، حيث كان جمْع الأموال وبذْل الجهود وتوسيع المبادرة لمساعدة المتضرّرين من الزلزال هدفاً إنسانياً في المقام الأوّل». ويضيف: «لم أتصوّر أن تصل نسبة المتبرّعين إلى عشرات الآلاف من العراقيين». ويفيد عضو آخر في المبادرة، فضّل عدم كشف اسمه، بأن «الحملة تطوّرت إلى فِرق تطوّعية تعمل ليلَ نهارَ من أجل إغاثة المتضرّرين»، مضيفاً أن «مبادرتنا انتشرت في كلّ محافظات العراق، وهي أيضاً شجّعت الشباب على جمْع المساعدات وإرسالها بشكل عاجل إلى هناك». كما يدعو إلى «فكّ الحصار عن الشعب السوري، لأنه غير معنيّ بالخلافات السياسية. فالشعوب هي دائماً المتضررة من الصراعات، والوضع في العراق لا يختلف عن سوريا ولبنان وغيرهما من الدول التي ذاقت الويلات والحروب والكوارث».

الأخبار