الجمعة , نوفمبر 22 2024
أستاذ جامعي: الهزات التي نتعرّض لها تدعو للاطمئنان.. ونحن نتجه للاستقرار زلزالياً

أستاذ جامعي: الهزات التي نتعرّض لها تدعو للاطمئنان.. ونحن نتجه للاستقرار زلزالياً

بيّن أستاذ الجيوفيزياء في جامعة دمشق، الدكتور نضال جوني، لتلفزيون الخبر، أن “الهزات الارتدادية التي شعر بها سكان الساحل السوري ومحافظات أخرى، الخميس، توضّح أن الطاقة الناتجة عن الزلزال المدمّر الأخير تتفرّغ، واتجهت جنوباً باتجاه فالق القوس القبرصي وصدع البحر الميت”.

أستاذ جامعي: الهزات التي نتعرّض لها تدعو للاطمئنان.. ونحن نتجه للاستقرار زلزالياً
أستاذ الجيوفيزياء _ جامعة دمشق/الدكتور نضال جوني

وأوضح “جوني”، أنه “بالرغم من أن الارتداديات محسوسة، ووصل بعضها إلى 5 درجات، إلّا أن هذا يدعو للاطمئنان بطريقة أو بأخرى، فالطاقة تتفرّغ، ونتجه نحو الاستقرار والهدوء، لكن هذا يتطلب بعض الوقت، علماً أن معظم الارتداديات ستكون على صدع القوس القبرصي، ومن المتوقّع استمرارها لأكثر من شهر”.

وحول المدة الزمنية التي تستمر خلالها الارتداديات عادةً، أجاب “جوني”، أن “هذا يتعلّق بمجموعة من العوامل فالزلزال الأخير كان قوياً جداً، والتحديد يحتاج معرفة توزّع، اتجاه، وتركّز الطاقة بشكلٍ رئيسي، إضافةً إلى حركة الصدوع المرتبطة بالفالق الأساسي للزلزال، وعادةً ما تستمر لشهرين وأكثر، وقد تصل إلى سنة أحياناً”.

ولفت “جوني” إلى أن “حوالي 100 ثانية كان زمن حركة الصدع في الهزة الرئيسية بقدر 7.8، وهذا يعني دور طويل للاهتزاز، بالإضافة إلى سعات عالية وأطياف ترددية متنوّعة أدّت إلى دمار هائل، وتغيّر في حقل الإجهادات”.

وأكّد أستاذ الجيوفيزياء، على أن “سوريا تقع في منطقة نشطة زلزالياً، وتعرّضت عبر تاريخها إلى مجموعة كبيرة من الزلازل الكبيرة، وسبق أن دمّرت مدن بلاد الشام لأكثر من مرة بزلازل تفوق 7 درجات، ونتج عنها خسائر بشرية ومادية هائلة”.

وأضاف “جوني”، أن “النشاط الزلزالي في المنطقة سيستمر كونه مرتبط مع حركة الصفائح (الصفيحة العربية والأفريقية مع الصفيحة الأناضولية والأوراسية)، والتي تخضع لتصادم فيما بينها في نقاط الالتقاء، بالتالي ضغط هائل على الصفيحة الأناضولية، كون الصفيحة العربية تضغط باتجاه الشمال من خلال حركة فتل أي (عكس عقارب الساعة)”.

وتابع الأستاذ الجامعي: “هذه العملية نتج عنها إزاحة الصفيحة الأناضولية، والتي تسببت بالزلزال الأخير صباح الاثنين 6 شباط الجاري، بقدر 7.8 ريختر، والذي تلاه زلزال آخر كبير أيضاً، وأكثر من 2300 هزة ارتدادية، وهي مستمرة حتى الآن، وجميعها تابعة للزلزال المدمّر الذي ضرب غازي عنتاب”.

وحول مواقع انتشار الارتداديات، قال “جوني”، أن “الهزات الارتدادية انتشرت على صدع شرق الأناضول بشكلٍ رئيسي، بعضها في شمال الأناضول ومناطق متفرقة من تركيا، كما اتجهت باتجاه صدع الفالق السوري الأفريقي العظيم (صدع البحر الميت)، وعلى كافة الصدوع المرتبطة بصدع شرق الأناضول كالقوس القبرصي وفالق اللاذقية – كلس”.

شكل يوضّح انتشار الهزات الارتدادية باتجاه فالق القوس القبرصي (ما شعرنا به مؤخراً)

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن “كل الهزات التي تلحق بالزلزال الكبير هي ارتدادية مهما تفاوتت قوتها واختلفت أماكنها، باعتبار الصدوع ترتبط بمنظومات عضوية مترابطة”، وفقاً لما أفاد به لتلفزيون الخبر.

وشدد “جوني”، على أن “الخوف والرعب الذي يعيشه عدد كبير من السوريين اليوم سببه الشائعات واللغط الكبير الحاصل، إضافةً إلى متابعة الفبركة العلمية التي تبثها بعض المواقع والصفحات حول التنبؤ بوقوع زلزال ما وتحديد مكانه والتوقيت”، مؤكّداً على ضرورة أخذ المعلومة من الخبراء والمراكز المختصة.

وذكر “جوني”، أن “حركة صفائح الأرض مستمرة، أي أن النشاط الزلزالي سيستمر، لكن ستقل الهزات المحسوسة (أعلى من 4)، وتستمر الهزات غير المحسوسة كسلوك روتيني للصفائح، وعلى الإنسان أن يقوم بواجبه بتدعيم المنشآت ودراسة مدى جاهزيتها لتحمّل زلازل قوية قادمة”، مُبيناً أنه إذا بقينا على هذا السلوك والنمط من البناء، فنحن نعرّض أنفسنا للخطر حتماً.

ودعا “جوني” إلى “ضرورة الاستفادة من تجربة دول أخرى كاليابان، الجزائر، وغيرها.. بما يتعلّق بإدارة الكوارث وتجهيز فرق إنقاذ وإغاثة مدرّبة، لما لهذا الأمر من أهمية، خاصةً خلال الأيام القليلة الأولى بعد وقوع الكارثة”.

ولفت الأستاذ الجامعي، إلى أن “هذه المسألة هامة، ويجب ألّا نغفل عنها خلال المرحلة القادمة، خاصةً بعد أن لمسنا تباطؤ وعدم خبرة في التعامل مع الكارثة، بالرغم من الاندفاع الكبير لدى الناس بعفوية وفطرة سليمة لتقديم المساعدة ومد يد العون، إضافةً إلى ضرورة تأمين وتوفير الأدوات والإمكانيات اللازمة”.

خريطة “كولومب” لتغيّر الإجهادات بعد الهزة الرئيسية توضح تغيّر حقل الإجهادات بعد الزلزال

وختم “جوني” حديثه متوجّهاً إلى نقابة المهندسين، بضرورة أن “يأخذ المهندسين بالأعمال الجيولوجية والجيوفيزيائية السابقة لأعمالهم بعين الاعتبار، كدراسة التربة والطبقات التي تقوم عليها المنشآت، والتعامل بجديّة أكبر مع الكود الزلزالي، فيجب ألّا نغفل أننا في سوريا، أي في منطقة نشطة زلزالياً”.

يُذكر أن هزتين ارتداديتين بقوّة 5.4 و 3.4 ضربتا شمال غرب إدلب وشمال غرب اللاذقية، مساء الخميس، شعر بهما سكان محافظات مختلفة، ما عزز مخاوف السوريين، والتي لم تتوقّف منذ صباح السادس من شباط الجاري.

يُشار إلى أن أقسام الإسعاف في عدة مشافي في محافظة اللاذقية، استقبلت حالات تُعاني من الهلع والتوتر النفسي جراء الهزات الارتدادية الخميس، حيث قدّمت لهم المساعدة الطبية اللازمة وتمّ تخريجهم جميعاً، إضافةً إلى 8 حالات لرضوض وصلت إلى مشفى جبلة الوطني.

اقرأ أيضا: من سوريا إلى تركيا وما “بينهما”.. التاريخ يسجل أعنف 13 زلزالا على مر الزمن