أما وقد حصلت كارثة الزلزال وتركت وراءها ما تركت من ضحايا ودمار وخسائر وآثار نفسية كبيرة، فإن الجميع يراجع ويدقق ويفكر في منظومة العمران في سورية مع قلق يراود الكثيرين حول الأبنية التي يسكنونها.
البناء بعد الزلزال لن يكون كما قبله، وهي مسؤولية رسمية بالدرجة الأولى ومجتمعية بالدرجة الثانية، وما كان يتم تجاهله في الماضي يجب ألا يسمح بتجاوزه بعد اليوم، فلكل منطقة جغرافية تراكيب جيولوجية مختلفة تحدد طبيعة الأبنية التي يُمكن إشادة الأبنية عليها، وعدد الطوابق وطريقة التدعيم وطبيعة مواد البناء.
الوحدات الإدارية ونقابة المهندسين هي المعني الأول بتحديد اشتراطات البناء، وما تتقاضاه نقابة المهندسين من رسوم على تراخيص البناء يفوق ما تتقاضاه أي جهة أخرى دون أن يكون لها دور فاعل على أرض الواقع، وإن لم تكن لديها صلاحيات فيجب أن يكون لمكاتبها الفنية في كل منطقة دراسات لطبيعة المنطقة، ومدى ملاءمتها للبناء وطبيعة البناء ترسلها للوحدات الإدارية للاطلاع عليها على الأقل إن لم تأخذ بها على مبدأ سد الذرائع.
المركز الوطني للزلازل هو الشريك الآخر الذي يجب أن يكون أساسياً في تقديم الدراسات، والمشاركة في وضع كود للبناء في كامل الجغرافيا السورية بصفته مركزاً بحثياً يمتلك القدرة على دراسة الطبقات الجيولوجية وتحديد مواصفاتها واشتراطات البناء، وقد بادر في أكثر من مرة وأعرب عن استعداده للقيام بهذا الدور والمشاركة في إعداد دراسات للمناطق العمرانية المُقترحة، ولكن كما تم تجاهل كود العزل الذي صدر بمرسوم تم تجاهل هذه المبادرات. العشوائيات هي الأخرى باتت اليوم تحت الأنظار وبحاجة ليس الى إعادة النظر بوضعها بل بإعادة عمارها من جديد، والتشدد في توسعها لأن طبيعة العمران والمستوى المعيشي لقاطنيها جعلها أكثر المناطق المُهددة بكوارث طبيعية، وهذا يحتاج لتواجد خطط وشركات تعيد عمارها بشروط مُشجعة لكلا الطرفين، الشركات والقاطنين، شروط لا تُشبه ما تم تطبيقه في المناطق التي تم إخلاؤها وتعويض قاطنيها بقروش وبحصص سهمية يصعب الاستمرار فيها، ويكفي الجهات المعنية من إعادة بناء هذه المناطق أن هناك من قام بالبناء وتقديم وتحسين الخدمات دون عناء تتكبده الميزانية العامة.
معد عيسى
البعث
اقرأ أيضا: صناعيين: قرار توحيد المازوت الصناعي هو إنهاء للسوق السوداء