يبدو أن مسلسل تأرجح سعر الصرف بين انخفاض وارتفاع لن ينتهي، فالهزات الارتدادية المتتالية أصابت ميزان الصرف بتصدع، وضيّعت معها موجة التفاؤل بقرارات احترافية أصدرها المصرف المركزي الأخيرة، فهل فعل الزلزال فعله، أم إن هناك من استغل هذه الكارثة لينسج خيوطاً جديدة من المضاربة؟
يوضح الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب أوضح أن سعر الصرف موضوع شائك ومحيّر لمن لا يعرف الخلفيات، فبعد الزلزال بيومين هبط سعر الصرف لأسباب عديدة، أولها، إنه في حالة العقوبات فنحن لسنا في وارد أن ندفع بالعملة الصعبة للتعامل، لكن المساعدات والتحويلات الخارجية كان من المفترض أن تعطي حالة من «الراحة النفسية»، وكان يجدر استثماها ولكن للأسف فوجئنا في اليوم التالي بارتفاع غير متوقع.
ومن المعروف، برأي الخبير الاقتصادي، أنه منذ بداية الحرب الظالمة على سورية شكّل استقرار سعر الصرف أهم المؤشرات التي تعطي الثقة والراحة للمواطن في ظل هذه الظروف، كما تعطي أفقاً واضحاً لأي اتجاه في سير العمليات الاقتصادية، لكن ما نراه للأسف، فإن سعر الصرف تتحكم به المضاربات ولا يعكس الصورة الصحيحة للاقتصاد أو اتجاهه العام.
ورأى الدكتور علي ديب أن السرّ في هذا الهبوط الذي تلاه ارتفاع سريع وواضح، أن هناك من لا مصلحة له في استقرار الاقتصادي السوري أو وجود أي أفق ورؤية واضحة، ومن جهة التعاطي مع الزلزال والهزات فقد أثبتت أن بيئة الناس الحاضنة هي بيئة خصبة ومعدة للنهوض والعودة والانطلاقة والمشاركة في إعادة الإعمار والبناء.
ولليوم وحتى هذه اللحظة، حسب علي ديب، فإنه ليس هناك أي أثر لمحاولات واضحة لتكريس وتجذير أهم أداة ووسيلة لنحارب بها وهي سعر الصرف عبر المضاربات، والسؤال: لماذا مع كل انخفاض لليرة اللبنانية ينعكس على الليرة السورية؟
وبالرغم من ذلك فإنّ استيعاب موضوع الزلزال والانفتاح بالعلاقات الذي من الممكن أن يفضي إلى انفتاح اقتصادي، يدل على أن القادم جميل، لكن القادم الجميل بحاجة لبرامج وقرارات وقوانين وأدوات تسخّر لخدمة هذا الموضوع بما ينعكس على الاقتصاد الكلي والتنمية الكلية.
الكرة الآن، كما يراها الدكتور علي ديب، في ملعب الإدارة الاقتصادية وسعر الصرف لكون الإدارة المالية العالمية تتحكم بهذه القصص في أغلب الأحيان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وقد ثبت خلال الأيام الماضية أن هذه الإدارة تعاني حالياً وتحاول أن تعطي هوامش لكيلا تخسر كل شيء.
وأسف الخبير الاقتصادي لعدم التفكير بإدارة رشيقة لسعر الصرف من أول يوم للحرب وحتى اليوم بحيث ينعكس على أي حالة سواء اقتصادية أم عسكرية أو أمنية، فحين انخفض سعر الصرف الأسبوع الماضي، سارع العديد ممن يكتنزون العملات النقدية الصعبة إلى بيعها ما أدى إلى انخفاض متواتر يعيد إلى الأذهان عندما تجاوز سعر الصرف في السنوات الأولى من الحرب على سورية /٦٠٠/ ليرة ومن ثم استمر بالهبوط لما يقارب /١٢٠/ليرة.
ويؤكد علي ديب أن السلاح مازال بيدنا في حال “لعبنا بذكاء” على الناحيتين النفسية والكمية، إضافة إلى اتخاذ القرارات الصحيحة والاحتواء الصحيح، فاستقرار سعر الصرف مؤشر مهم على التعافي والانتعاش والنهوض، ولا ننسى أن تذبذب سعر الصرف يعطي فرصة للانتهازيين وتجار الدماء لرفع غير مبرر للأسعار ولا يلحق هذا الارتفاع هبوطاً في السعر بانخفاض سعر الصرف، وحين يتزامن الأمر مع إعلان وزارة التجارة الداخلية عدم مسؤوليتها عن ضبط الأسعار وتركها لحرية السوق.
ويتساءل الخبير علي ديب: على أي ركائز يسعّر الدولار؟ وهل حقاً ليس لدينا بدائل؟ فسواء كانت هناك حاجة للدولار أم لم تكن، فإننا نلاحظ تلاعباً بسعر الصرف، ومادامت المنصات وحدت السعر وهناك نشرة صباحية يومية من المركزي، فلا بدّ أن يكون هناك تصرف ذكي وانتباه في آلية وكيفية اختيار السعر بما يحقق الغاية الاقتصادية المناسبة لوضع البلد.
المصدر: تشرين
اقرأ أيضا: وزير التجارة يرجّح انخفاض أسعار السلع الأساسية بنسبة 25%