هل بإمكان الصوت حقًا قتلك؟ وإن كان بالإمكان ذلك، فكيف يحدث ذلك؟
في قضية كالكيولس، أحد مجلدات السلسلة الكوميدية الكلاسيكية الشهيرة تين تين للكاتب البلجيكي هيرجيه، يقوم كالكيولس البروفيسور الذكي باختراع جهازٍ صوتي ذو قدرة عالية على التدمير والذي بسببه يتم خطفه من قبل حكومةٍ عدائية لإجباره على صنع سلاح صوتي. يهدف الاستراتيجيون العسكريون الخبيثون الذين قاموا بعملية الخطف إلى تدمير المدن بواسطة انفجارات صوتية شديدة. ولحسن الحظ، وبطبيعة الحال، يقوم أصدقاء كالكيولس الطيبون، المراسل المغامر تين تين ورفيقه الكابتن هادوك، بإنقاذ البروفيسور وإحباط المؤامرة الشريرة في الوقت المناسب.
انتهت القصه هنا، ولكن هل يوجد هنالك أي شيء من العلم والحقيقة خلف هذه القصة؟ هل بإمكان الصوت حقًا قتلك؟ وإن كان بالإمكان ذلك، فكيف يحدث؟ يتكون الصوت من موجات من الضغط تنتقل وتتحرك من خلال وسيط مثل الهواء، بإمكان هذه الموجات التحرك من خلال المواد الصلبة والسائلة مما يعني أن بامكانها التحرك خلال أجسامنا أيضًا. من الناحية النظرية، إن كان باستطاعتك إنشاء ما يكفي من الضغط، فعندئذٍ يمكنك القيام ببعض الأضرار.
عندما يتعلق الأمر بالصوت فإن القياسين الرئيسيين يعودان إلى الديسيبل (dB) والهيرتز (Hz). الديسيبل (dB) هي وحدة لقياس شدة الصوت في حين أن الهيرتز (Hz) يعود إلى التردد الذي تتحرك فيه موجات الصوت. فمستوى الصوت في المحادثة العادية يكون ما بين 50 إلى 65 ديسيبل. ويبلغ صوت آلة جز العشب 85 إلى 90 ديسيبل وبينما تتصاعد موجات صوت آلة حفر الصخور إلى 110 ديسيبل. ويصل مستوى صوت محرك الطائرة عندما تكون بالقرب منها إلى مدى 140 ديسيبل.
يستطيع الإنسان أن يسمع موجات صوت ما بين 20 إلى 20000 هيرتز فقط، ولكن لا تزال موجات الصوت تؤثر علينا إن كانت تحت الحد الذي نستطيع سماعه. إذا كنت تجلس بالقرب من مصخم الصوت (subwoofer) بتردد 19 هيرتز، وحتى لو قمت برفع الصوت إلى 100 ديسيبل، فإنك لن تستطيع أن تسمع أي شيء ولكنك ستشعر بالاهتزازات. في الحقيقة، عند تردد 19 هيرتز، ستبدأ عيناك بالانحراف لأن هذا هو تردد الرنين لمقلة عين الإنسان. وإذا تعرضت إلى 177 ديسيبل من موجات الصوت عند 0.5 إلى 8 هيرتز، فستشعر بخطب في أرجلك وسيصبح تنفسك غير منتظمًا وستشعر برجفة في جسمك. قد يتسبب هذا التعرض من الموجات على المدى القصير إلى إصابة مفاصلك، ولكن قد يتضمن التعرض المزمن الغثيان وضعف البصر أيضاً.
وتدَّعي وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) أنه لو تعرضت للحبس بطريقةٍ ما داخل منشأتهم الصوتية الأوروبية الكبيرة (LEAF)، وهي منشأة لاختبار المرونة الصوتية لأقمارهم الصناعية، فلن تستطيع النجاة بسبب الهجوم الصوتي. يعود السبب الرئيس إلى أنك ستكون متواجدًا في مكان مغلق، بينما لو كان المكان في الخارج لتشتت الموجات الصوتية وانجلت بسرعة هائلة لتصل لمستويات مهلكة، وهذا لم يمنع الباحثون من إكمال بحوثهم في استكشاف فعالية استخدام الصوت كسلاح. فعلى سبيل المثال، تم تقدير كمية الموجات الصوتية التي من شأنها أن تفجر رأس إنسان إلى 240 ديسيبل، وتعتبر هذه كمية كبيرة من الموجات، وقد يكون من المستحيل توليد مثل هذا المستوى من الموجات. وحتى وكالة الفضاء الأوروبية لم تستطع الوصول إلا لدرجة 154 ديسيبل.
ولكن قد يكون استخدام الأسلحة الصوتية لأغراض غير قاتلة مفيدًا فعلاً. لنقل على سبيل المثال أنك تريد ردع قارب مليء بالقراصنة من الهجوم على قاربك، حاول أن تشغل جهاز الإنذار الصوتي طويل المدى (LRAD) والموثوق ذو الـ 30 ألف دولار، مسبباً الضرر لهم بإرسال 150 ديسيبل من الموجات الصاخبة، والتي قد تسبب فقدان سمع دائم حتى لو كان الهدف على بعد 300 متر (1000 قدم).